أحاط التصميم الجرافيكي بحياتنا من كل جانب وفي كل مكان. ولارتباطه بتحقيق الأهداف التجارية نراه في تطور مستمر يواكب التغير في السوق أو في شخصية المستهلك. ولهذا نجد اتجاهات حديثة في التصميم الجرافيكي لم تكن موجودة من قبل. في هذا المقال سنصحبك في جولة للتعرف على اتجاهات التصميم الجرافيكي الأكثر شيوعًا بالإضافة إلى لمحة من مستقبل هذا الفن.
جدول المحتويات:
ما التصميم الجرافيكي الحديث؟
التصميم الجرافيكي هو ما يركز على إيصال الأفكار والمفاهيم باستخدام الأشكال مثل: الخطوط والصور التوضيحية والأشكال والألوان والخطوط والظلال وغيرها من العناصر. وقد كان قديمًا يستخدم في الرُّسُوم التوضيحية، وأصبح الآن يستخدم في العديد من المجالات، ولا سيما في التسويق، فيستخدم في تصميم الشعارات التجارية وتصميمات المواقع الإلكترونية، وفي لافتات الشوارع، وفي تغليف المنتجات، وفي الفيديوهات والرسوم الثلاثية الأبعاد ومختلف المطبوعات.
اتجاهات تصميم الجرافيك الحديث
لقد كان عام 2020 وعام 2021 أكثر الأعوام اتسامًا بالتغيير فقد ألقت جائحة كورونا بظلالها على جوانب حياتنا، حتى في اتجاهات التصميم الجرافيكي، فقد شهدنا العديد من الاتجاهات الجديدة التي تبلورت بسبب تحول العديد من الأشخاص إلى العمل الرقمي أو من المنزل، وهذا أثّر في نوعية المحتوى المرئي الذي يُنشئ ويُشارك حتى لو كان هذا التغيير بسيطًا، ومن هذه الاتجاهات:
1. التصميم الطبيعي
التصميم الطبيعي أو التصميم العضوي هو أحد اتجاهات التصميم الجرافيكي الحديث، التي لاقت تقبلًا من الكثير من المُصممين والأشخاص، ويُركز هذا الاتجاه التصميمي على الاستدامة وحماية البيئة، مُتشكلًا من الخواص الطبيعية من الألوان والأشكال والنبات أو الألوان المحايدة، وذلك لاستحضار شعور الطبيعة ومشاهدها وأصواتها العزبة. ويُستخدم في مختلف المجالات من الموضة وتصميم المنتجات والتصميم الداخلي والمعماري والتصميم الجرافيكي.
التصميم الطبيعي يعد مكونًا من مجموعة من الألوان الهادئة والباردة التي تمثل المناظر الطبيعية، من اللون الأبيض ولون السماء الأزرق ولون الشجر الأخضر ولون التراب البني، وفي بعض الأحيان يُستخدم مع بعض الألوان المشرقة، ونتيجة لهذا ظهرت لنا اتجاهات أخرى تركز على الحياة الريفية والرعوية البسيطة ما يجعل النقاء الموجود فيها مصدر إلهام للعديد من أفكار التصاميم الجديدة.
2. تصميمات الـ DIY
هذا النوع من التصميم يشير إلى التصميم اليدوي أو التصميم المعتمد على الأشكال والألوان الفنية الكلاسيكية، وهذا التوجه نتيجة انتشار التسويق العضوي، فأصبح المصممين يضعون بعض اللمسات الفنية والمصنوعة يدويًا في تصاميمهم الرقمية، وتتمثل عناصر التصميم اليدوي في الأنسجة والأشكال الطبيعية، مثل الخشب والخيوط وما شابه.
يتميز هذا النوع من التصميم بالأسلوب الخام، غير المستحدث الذي يضفي عليه طابع الصنع اليدوي أكثر من أي طابع آخر، ويمكن إنشاؤه بواسطة فُرَش الفوتوشوب والتأثيرات الأخرى.
3. التصميم ثلاثي الأبعاد 3D
التصميم ثلاثي الأبعاد كان موجودًا من قبل، لكنه وصل إلى ذروة شعبيته في عام 2021، وتخطى المرحلة التجريبية ليصل إلى مرحلة الاحتراف، ويرجع الفضل في ذلك إلى برامج التصميم الثلاثي الأبعاد المتوفرة اليوم مثل: Cinema 4D وAutodesk 3ds وCarrera وغيرها من البرمجيات، وقد أثبت وجوده في التصميم عمومًا وفي تصميم جرافيك بشكلٍ خاص، فيُستخدم في معظم التصميمات الرقمية.
وبالنسبة لاتجاهات التصميم الثلاثي الأبعاد، فهي مختلفة وتطال العلامات التجارية من كل الجهات، فنجده في تصميم الشخصيات بدلًا من التصاميم ثنائية الأبعاد القديمة، وأيضًا في الصناعات المختلفة، والتصميمات الشبيهة بالبشر والحيوانات، والطباعة الثلاثية الأبعاد، والكثير غيرها من المجالات الحديثة التي نجد التصميم الثلاثي الأبعاد مسيطرًا فيها.
4. التصميمات الهندسية
لا يحب المصممون التقيد بالقواعد ويحبون التفكير خارج الصندوق، لذلك نجد ما يُسمى بالتصميمات الهندسية، وهي نوع من التصميمات التي تعتمد على الأشكال الهندسية المنتظمة من المربعات والمثلثات والدوائر والمستطيلات، لتخرج من خلالها بتصميمات رائعة جذابة توصل رسالة محددة. وما يُميّز هذه الأشكال الهندسية أنها سهلة في التعامل معها، ومن الممكن استخدامها للحصول على المئات من التصاميم على عكس التصميمات الأخرى التي تحتاج إلى بعض التدقيق في مكونات التصميم.
نجد التصميم الثلاثي الأبعاد حاضرًا هنا إذ يعمل على تحويل هذه الأشكال إلى أدوات لاستخدامها في العملية التصميمية، وهو ما يُعطي تصميم بعض الوضوح ويضفي عليه بعض الأريحية، ومن خلال الجمع بين هذه الأشكال والألوان بشكل متناسق سيحصل المصممين على تصميم جريء وفريد، مصدّرًا العديد من الأفكار الجديدة.
5. تصاميم البكسل (Pixel)
البكسل هو أصغر عنصر في الصورة، أو من الممكن أن يوصف بأنه خلية العالم الرقمي، وعند تجميع العديد من البكسلات نحصل على صورة أو فيديو كامل. لكن ما نعنيه بتصميم البكسلات هو استخدام البكسلات في التصميم الجرافيكي وجعلها ثلاثية الأبعاد بدلًا من كونها ثنائية الأبعاد، مع منحها بعض الحركة، فقد ظهر كاتجاه جديد لدي العديد من المصممين الذين غيّروا طبيعة البكسل من كونه متخفيًا وجعله يظهر للعلن.
6. تصاميم السايكدلية (Psychedelia)
يعود هذا المفهوم إلى ستينيات القرن الماضي، حينما كان مسيطرًا على الفن البصري والأدب والموسيقى، ولكن في عالمنا اليوم نشهد الكثير من المصممين أعادوه مرة أخرى إلى الحياة، وهو يُشير إلى التصميمات التي تعبّر عن النفس والتجارب والاضطرابات النفسية والاجتماعية.
7. تصاميم السيريالية (surrealism)
السيريالية تركز على استخدام اللاوعي وعدم الواقعية والاهتمام بالأساطير في الرُّسُوم والتصميمات، وهي ليست بالفن الجديد فقد بدأت منذ عام 1917 في فرنسا، لكنها حديثًا أصبحت شائعة الاستخدام من قِبل المصممين وشاع ربطها مع الصور الغامضة والتصميمات التي لا معنى لها، لكنها تحتوي على شيء من الواقعية. فعلى سبيل المثال: رجل يتسلق سلم إلى السماء، بما يمنح الكثير من الإثارة على التصميم وإضافة الكثير من الفضول إليه. ويُستخدم هذا النوع من التصميم في تصميمات أغلفة الكتب والبوسترات والملصقات بشكل خاص.
8. التصميمات المسطحة (Flat Design)
من اتجاهات التصميم الجرافيكي المهيمنة منذ وقت طويل حتى في عام 2021، ويشير إلى التصميمات ثنائية الأبعاد التي تُعطي انطباعًا بالبساطة من دون تعقيدات التصميمات الثلاثية الأبعاد. وتعتمد العديد من الشركات على هذا الاتجاه فنجد أن Mailchimp تستخدمها منذ عام 2015 في تصميم المنشورات الخاصة بها، وأيضًا نجدها تُستخدم في تصميم الأيقونات التي تتميز بإمكانية تكييفها لتُستخدم في العديد من التصاميم الأخرى.
9. تصميمات الكاريكاتير
منذ زمن بعيد اكتسب الكاريكاتير شعبية كبيرة، لم تخفت إلى الآن، فقد بادر المصممون المعاصرون بإحياء تصميمات الكاريكاتير مرة أخرى، مكونين من الألوان الغامقة والخطوط والأشكال الساخرة القديمة، تصميمات القصص المصورة الرقمية.
10. التصميمات ذات التدرجات اللونية
من اتجاهات التصميم الجرافيكي لعام 2021، التصميمات ذات التدرجات اللونية، إذ أدخل المصممون بعض التدرجات اللونية بالإضافة إلى التمويهات على تصاميمهم، وذلك للتركيز أو إظهار بعض الأجزاء بشكل أوضح مع الاحتفاظ بالأجزاء الأخرى وراء خلفيات أكثر ضبابية، لمنح شعورٍ بالاختفاء بالرغم من وجودها. ويُستخدم هذا النوع من التصميمات لإظهار الخطوط أو الصور.
11. الخداع البصري
جذب انتباه المشاهدين من أهداف كل مصمم، وهذا الهدف من الممكن تحقيقه بواسطة تصميمات الخداع البصري، التي تُستخدم من قِبل العلامات التجارية للحصول على اهتمام الجمهور المستهدف وتركيزه، وذلك بزيادة الوقت الذي يستغرقه الشخص في المطالعة في التصميم. ومثال على ذلك التصميم التالي:
مستقبل التصميم الجرافيكي
بواسطة اتجاهات التصميم التي تناولناها سابقًا، يبدو أن التصميم الجرافيكي في تطور مستمر، ومن الممكن في المستقبل أن نشهد طرقًا أو اتجاهات تصميم جديدة، أو التحسين من هذه الاتجاهات الحالية، خاصةً أن تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز ستكون حاضرة، ما سيمثل فرص لمصممي الجرافيك بالخروج باتجاهات جديدة، ومنها:
أولًا: الاندماج مع الواقع الافتراضي والواقع المعزز
سيشهد التصميم الجرافيكي مستقبلًا يشوبه بعض التداخل مع التقنيات الحديثة من الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) والتصميم الثلاثي الأبعاد، التي ستجعل للتصميمات بعض الواقعية بدلًا من التصميمات الرقمية، ما يعمل على المزج بين العالم الحقيقي والواقع الافتراضي، ليخرج لنا المصممون أفكار جديدة خارج الصندوق تغير قواعد التصميم.
واعتمادًا على ذلك سيحصل تغيير في مفاهيم التصميم، فهناك بعض الأبعاد الجديدة التي ستكون جزءًا من العملية التصميمية ومنها الحركة التي تكون موجودة في كلا العالمين الافتراضي والمعزز. وهذا ما يمثل إشكالًا للمصممين فلم تكن الحركة بُعدًا من أبعاد التصميم من قبل، بالرغم من أن المصممين كانوا يركزون على الحركة في عملية الخداع البصري فقط. أما في المستقبل فعليهم التعرف على طريقة إدراك الأشخاص لهذه الحركة وقوانينها وأساليبها.
ثانيًا: البساطة
البساطة حاضرة في ماضي التصميم الجرافيكي وحاضره ومستقبله، فلا يمكن تخيل التصميم الجرافيكي من دون بساطة. وتزداد أهمية البساطة لأنها الرقم الصعب في العملية التصميمية التي تبرز تميز كل فنان، خاصةً مع ازدياد شراسة المنافسة في العالم الرقمي اللامحدود، فلن يفيد استخدام الكثير من النصوص والألوان والرسومات، ما دام الهدف هو الحصول على تصميم مفهوم مريح للعين، خالي من الألوان المزعجة، يستهدف تحسين تجرِبة المستخدم قبل أي شيء آخر.
ثالثًا: استخدام الذكاء الاصطناعي
في المستقبل القريب ستصبح عملية إنشاء التصميمات أكثر سهولة، وذلك بواسطة استخدام أدوات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. في المقابل، سيمثل هذا تهديدًا للمصممين أنفسهم، فالذكاء الاصطناعي يوفر الوقت والجهد المبذول في إنشاء التصاميم موازنةً بالمصممين، لذا نجد أن هناك الكثير من الشركات بدأت في استخدامه لإنشاء تصاميمها مثل Adobe وGoogle وWix وغيرها من الشركات.
إلا أن هناك العديد من الشركات التي تهتم بمستقبل المصممين، فهي تشرك الذكاء الاصطناعي في العملية التصميمية كمساعد فقط للمصممين لتحسين مهاراتهم، وهذا التوجه تعمل به Adobe فنجدها أطلقت برنامجها الخاص لتحرير الصور بالذكاء الاصطناعي Adobe Sensei الذي يأتي مع العديد من ميزات تحرير الصور لتحسين مهارات المصممين وللحصول على تصميمات احترافية وتجارب أكثر تخصيصًا.
كما هناك العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى التي تساعد المصممين، على سبيل المثال أداة Khroma التي تتيح الحصول على ألوان مُختارة بالذكاء الاصطناعي بواسطة التنبؤ بالألوان المفضلة لدى المصمم، وأداة AutoDraw التي تحسن من مهارات الرسم لدى الأشخاص والمصممين بواسطة الرسم التلقائي. وإذا كان المصمم ليس لديه القدرة على الحصول على نَموذج لتصميم أعماله فأداة Rosebud AI ستساعده على ذلك بمنحه النموذج مع إمكانية تغيير الوجه بالطريقة التي يريدها.
ختامًا، اتجاهات التصميم الجرافيكي في تطور مستمر ومن خلال الذكاء الاصطناعي والعالم الافتراضي والواقع المعزز سنشهد اتجاهات جديدة، فقد تغير الكثير من عالم التصميم الجرافيكي، بدءًا من الأساسيات والمفاهيم، إلى تسهيل وتسريع عملية التصميم في حد ذاتها. بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على المصممين ففي عام 2037 من المتوقع أن يحل الذكاء الاصطناعي محل 47% من الوظائف التي يعمل عليها البشر الآن.
تم النشر في: نوفمبر 2021
تحت تصنيف: التصميم | تصميم جرافيك