فن التفكير خارج الصندوق

لتُصبح رائد أعمالٍ ناجح في مجال عملك يستدعي الأمر بعض _أو الكثير _ من الابتكار والبراعة ، يتطلّب  منك امتلاك مهارة التفكير خارج الصندوق ، بعيدا عن الالتزام بالمعايير والممارسات المعتادة، أن تكون مبدعا يعني أن تكون لديك القدرة على الخروج بأفكار خلاقة وفريدة، والاستجابة بمرونة وإبداع للتحديات الصعبة والمشاكل التي تواجه أعمالك.

تعتبر قصة عملاق التجارة الإلكترونية أمازون واحدة من القصص الملهمة في عالم الأعمال التي تعبّر بشكل جليّ وحرفيا عن معنى التفكير خارج الصندوق في عام 1994، ترك جيف بيزوس وظيفته كنائب رئيس لشركة D. E. Shaw & Co. ، وهي شركة في وول ستريت، وانتقل إلى سياتل حيث بدأ العمل على خطة عمل لإطلاق أول مكتبة على الإنترنت لبيع الكتب، في وقت كان فيه استخدام الإنترنت غير منتشر بين الناس، تقدم بيزوس لكثير من المستثمرين بفكرة موقع أمازون ولكنهم رفضوا بحجة محدودية استخدام الإنترنت في ذلك الوقت، ولأنها كانت بنظرهم فكرةً غير اعتيادية، كانت أمازون حينها فكرة المستقبل، بعد ذلك بسنوات تنوعت أمازون وانتقلت لتصبح أكبر متجر للتجزئة في العالم وثاني أكبر شركة من حيث القيمة السوقية1 إذ بلغت في النصف الأول من العام الجاري 777.8 مليار دولار، مباشرة عقب شركة آبل.

إن التفكير خارج الصندوق يمكن أن يجعل منك صاحب شركة تبلغ قيمتها السوقية مئات مليارات الدولارات، كيف يمكن أن تمتلك مهارة التفكير خارج الصندوق؟ إليك بعض الأفكار:

ما هو التفكير خارج الصندوق ؟

تعريف التفكير خارج الصندوق

هو من المصطلحات المستخدمة على نطاق واسع في بيئات العمل وهي تعني التفكير بطريقة إبداعية خارجة عن المألوف، وبحسب ويكيبيديا فإن التفكير خارج الصندوق هو استعارةٌ تعني التفكير بشكل مختلف أو غير تقليدي أو من منظور جديد، غالبًا ما تشير هذه العبارة إلى التفكير الإبداعي أو الجديد، يُعتقد أن هذا المصطلح مستمد من الاستشاريين الإداريين في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين.

من وضع عقلك داخل الصندوق ؟

من وضع عقلك داخل الصندوق؟

الصندوق ليس شيئا يولد مع الإنسان، يقول أبراهام ماسلو:

الإبداع هو خاصية مميزة لجميع البشر عند الولادة.

ولكن تتنافس الكثير من العوامل لتضع الإنسان داخل صندوق محدد منذ لحظة الميلاد منها على سبيل المثال: الأسرة، البيئة، الأعراف الاجتماعية، ونظام التعليم؛ إذ يتم توجيه وعي الإنسان بطريقة معينة من خلال أنظمة التعليم، أما في عالم الأعمال فإن عوامل أخرى تختلف يمكن أن تضعك داخل الصندوق من أهمها:

  • قواعد اللعبة في أي صناعة يتم وضعها وتحديدها من قبل اللاعبين الكبار، في حين أن الوافدين الجدد في السوق يجب أن يتبعوا قواعد الكبار، ما يجعل إمكانية التفكير في طرق وأفكار جديدة لإعادة بناء حدود الأعمال التجارية في السوق أمرا صعبا.
  • تلعب خبرات الآخرين دورا هاما في وضع الإنسان داخل صندوق محدود، نميل إلى الاستسلام لأفكار أصحاب المناصب العليا بحجة تجاربهم وخبراتهم في العمل ولكن سياق تجاربهم قد لا يكون قابلاً للتطبيق في الوقت الحاضر، يمكن أن نستفيد من تجارب الآخرين، ولكن لا شيء يمنع من التعديل عليها والتفكير خارج حدودها.
  • افتراضاتنا تلعب دورا كبيرا في تشكيل العالم من حولنا، ولكنها قد تكون افتراضات غير صحيحة، ينبغي أن يتدرب الإنسان على تحدي الافتراضات بطرح الأسئلة: لماذا؟ ولماذا لا؟
  • إذا كنت موظفا في شركة فإن بعض الثقافات الجامدة في بعض الشركات التي لا تتقبل التفكير بسهولة، قد تفرض عليك نمطا معينا من التفكير.

التفكير داخل الصندوق يعرقل نمو الأعمال  ويمنعها من التكيف مع التطور والتغييرات المتلاحقة، إذا كنت ترغب في تطوير أعمالك لا تدع البيئة التي نشأت فيها، التعليم النمطي، الأفكار المسبقة، الافتراضات، خبرات الآخرين، والثقافة التي نشأت عليها تمنعك من التفكير خارج الصندوق، إليك 3 أفكار لكي تفعل ذلك.

القراءة يجب أن تكون ضرورة

القراءة كضرورة

 أحد الأشياء التي أحبها في القراءة هي أن كل كتابٍ يفتح آفاقا جديدة من المعرفة والاستكشافبيل غيتس

لتتعلم التفكير خارج الصندوق ينبغي أن تكون القراءة عادة يومية وضرورة، مازال هناك اعتقاد راسخ لدى كثيرين منا بأن القراءة هي رفاهية أو أمر ثانوي نقوم به في أوقات الفراغ، تؤكد أبحاث علمية أن  القراءة مفيدة للإنسان على عدة مستويات، كشفت دراسة أجربت في جامعة تورنتو2 أن قراءة كتب الخيال يمكن أن تساعد  الإنسان في أن يكون أكثر انفتاحًا وإبداعًا.

السمة المشتركة للأشخاص الناجحين هي أنهم يداومون على القراءة يوميًا، يُشارك المئات من المدراء التنفيذيين الناجحين سنويا قوائم الكتب التي ساعدتهم في الوصول إلى ما هم عليه اليوم، على سبيل المثال لا يتخلى بيل غيتس عملاق البرمجيات والتقنية عن عادة القراءة لتعزيز فهمه للعالم، فهو يعلن  في مدونته كل عام عن قائمة الكتب التي قرأها واستفاد منها والتي تصل إلى 50 كتابا سنويا3.

في مقابلة أجراها  في نيويورك تايمز، قال  غيتس:  “في هذه الأيام، يمكنني أيضًا زيارة أماكن مثيرة للاهتمام، والالتقاء بالعلماء، ومشاهدة الكثير من المحاضرات عبر الإنترنت”،  “لكن القراءة لا تزال هي الطريقة الرئيسية التي أتعلم بها كل من الأشياء الجديدة وأختبر فهمي.”

يقول غيتس: استمتعت هذا العام بقراءة كتاب : “سحر الواقع ” لريتشارد دوكينز ، الذي يفسر الأفكار العلمية المختلفة والموجه إلى المراهقين” على الرغم من أنني فهمت بالفعل جميع المفاهيم، فإن دوكينز ساعدني في التفكير في الموضوعات بطرق جديدة، إذا لم تستطع شرح شيء ما ببساطة، فأنت لا تفهمه حقًا.”

يوصي وارن بافيت أيضا مع بيل غيتس، أوبرا وينفري والعديد من الشخصيات الناجحة  بالعديد من العناوين التي  أثرت على حياتهم وأعمالهم بشكل كبير.

اقرأ أيضًا: كيف ساهمت هذه الكتب في نجاح أشهر رواد الأعمال حول العالم؟!

التعلم الذاتي المستمر

التعلم الذاتي المستمر

التعليم هو ما يبقى بعد نسيان ما تعلمه المرء في المدرسةألبرت آينشتاين

يمكن للتعليم الرسمي أن يمنحنا الأدوات التي نحتاجها لكي نصبح متعلمين مدى الحياة، ولكن التعليم الذاتي يمنحنا الأدوات اللازمة لنصبح فاعلين ومبدعين في مجالات مختلفة مدى الحياة، هناك قائمة طويلة بأكثر الأشخاص نجاحا في العالم الذين اعتمدوا على التعليم الذاتي في تطوير قدراتهم الإبداعية، وفي عالم الأعمال أقوى الشركات وأكثر رواد الأعمال نجاحا وثراءً  مثل: بيل غيتس، مارك زوكربرج، ستيف جوبز وكثيرون.. اعتمدوا على ذواتهم في تطوير إمكاناتهم، وتمتعوا بقدر كبير من مهارات التعليم الذاتي في اكتساب المعرفة ما يؤكد أنه مفتاح النجاح الحقيقي.

التعليم الذاتي جزء حيوي من نمو الفرد وتطوره، يركز على بناء وعيك ومعارفك، ويساعد في تطوير المواهب، وتحسين المهارات الشخصية، وبالتالي إدارة نفسك بفعالية تدفعك إلى التحفيز المستمر والإلهام، إنه يساعدك لتكون أفضل نسخة من نفسك، ويساهم في تعزيز مهارات التفكير خارج الصندوق، من خلال طرح الأسئلة ومحاولة العثور على أجوبة وحلول مبتكرة للمشاكل.

يكتسي التعلم المستمر أهمية بالغة في تنشيط الدماغ والحفاظ على صحته، العمل على تطوير ذاتك من خلال التعلم المستمر ليس ضروريًا لتحسين نفسك فحسب، بل يمكن أيضًا أن يساعدك على تحقيق النجاح المهني، فهو يفتح آفاقا جديدة للابتكار والتفكير الإبداعي،

يمكن أن تتعلم المزيد من المهارات من خلال مواقع التعليم المنتشرة عبر الإنترنت، تضم أكاديمية حسوب على سبيل المثال الكثير من الدروس والشروحات، والأسئلة والأجوبة، والدورات ذات الجودة العالية في مجالات متعددة مثل: ريادة الأعمال، البرمجة، التسويق.. وغيرها.

بناء العادات الإيجابية

بناء العادات الإيجابية

ما من شك أن العادات السلبية يمكنها أن تؤثر بشكل كبير  على عملية الإبداع، من العادات السلبية التي يمكن أن تقضي على الإبداع على سبيل المثال: أن تستسلم لآراء الآخرين بك بالاعتقاد أن رأي الآخرين بك هو واقعك، أن تتصف بعادات المماطلة، التأجيل، الكسل، أن تقارن نفسك مع الآخرين، أن تكون لديك أفكار رائعة دون وجود النية لتنفيذها، الخوف من الانتقاد، الخوف من الفشل… إلخ.

لتتمتع بمزايا التفكير خارج الصندوق ينبغي أن تسعى لتدمير العادات التي تقتل إبداعك من خلال بناء مجموعة من العادات والسلوكيات التي تعزز قدراتك الإبداعية؛ طور  “بي جي فوغ” الأستاذ في جامعة ستانفورد نظرية عن الكيفية التي تتغير بها السلوكيات، وقد وصف ثلاث أسباب عما يجعل الناس يغيرون عاداتهم وهي:

  1. الاستيعاب:  حدوث شيء يضر  بالإنسان يؤدي إلى تغيير إدراكه بالكامل ويجبره على تغيير السلوك، على سبيل المثال: يحصل على نتائج التحاليل ويخبره الطبيب أنّه مصاب بمرض معين ما يجبره على تغيير نظامه الغذائي.
  2. تغيير البيئة: عندما تتغير البيئة المحيطة بك سيُفرض عليك أن يتغير سلوكك، على سبيل المثال: عندما تنتقل من وظيفة إلى أخرى، سيكون عليك تكوين صداقات مع  مجموعة مختلفة من الأشخاص الذين لديهم عادات ومعايير مختلفة تؤثر على سلوكك.
  3. الخطوات الصغيرة: يمكنك تغيير سلوكك عن طريق إجراء تغييرات صغيرة على السلوك المطلوب حتى تصبح هذه التغييرات الصغيرة جزءًا من سلوكك الجديد.

 كيف تعرف أنك تفكر خارج الصندوق؟

هل تفكر خارج الصندوق؟
  • تستعين بالقواعد المتعارف عليها فقط لتزيد من إنتاجية شركتك، وتضيف عليها أفكارا من إبداعك.
  • تحب التجربة، تتعلم، وتنفّذ ما تعلمته.
  • لا تخشى من التغيير أو خوض التجارب الجديدة.
  • تُقدّر الإبداع وتسمح بالتدفق الحر للأفكار المختلفة في شركتك، ومنفتح على أي أفكار جديدة.
  • تطّلع دوما على الجديد في مجالك لتكتشف الأفكار المبتكرة.
  • تعتقد أن المنتجات أو الخدمات التي لديك يمكن دائما إجراء تحسينات عليها.
  • تسعى دوما للاطلاع وقراءة أشياء متنوعة ليس لها علاقة بمجال عملك.
  • تشارك أفكارك مع الآخرين لكي يتيح لك ذلك إجراء تحسينات لأفكارك الأولية.

التفكير خارج الصندوق مهارة مكتسبة إلا أنها تتطلب أن تتصف بحب الاستطلاع، الصمود، الشجاعة، والثقة بالنفس، والانفتاح على الأفكار الجديدة حولك، بقدرتك على الابتكار وحل المشكلات التي تواجهك من خلال التفكير خارج الصندوق يمكن أن تساهم في نجاح أعمالك

هل لديك عاداتك لتطوير مهارات التفكير خارج الصندوق؟ أخبرنا عنها في التعليقات.


المصادر: [1]-[2]-[3]

تم النشر في: نصائح ريادية