دليلك الشامل إلى تسعير المنتجات

إن كنت تخطط لإنشاء متجرك الخاص سواءً على أرض الواقع أو عبر التجارة الإلكترونية فلا بد لك أن تخوض رحلة التفكير في كيفية تحديد أسعار منتجاتك، في محاولة الوصول إلى الاستراتيجية الصحيحة في تسعير المنتجات التي تضمن لك تحقيق أرباح جيدة وجذب العملاء في الوقت نفسه.

هذا المقال سيقدم لك دليلًا متكاملًا حول الخطوات الأساسية للتسعير والاستراتيجية المُثلى لضمان نجاح تجارتك بغض النظر عن نوع أو صنف المنتجات التي تخطط لبيعها عبر متجرك الإلكتروني.

جدول المحتويات:

مفهوم التسعير وأهميته

يشير مفهوم التسعير إلى الأسلوب أو الاستراتيجية أو الخطوات المتّبعة من أجل إعطاء قيمة محدّدة لمنتج أو خدمة يدفعها العميل لقاء الفائدة أو المنفعة التي يحصل عليها من المنتج. بمعنى آخر التسعير هو العرض الذي يقدّمه المصنّع للعميل مقابل الحصول على منتجاته.

كل الشركات والمؤسسات والمشاريع على اختلافها تشترك في هدفٍ واحد، هو تحقيق الأرباح. ويمكن ملاحظة هذا الهدف المشترك من خلال أسلوب تسعير المنتجات الذي تنتهجه كل شركة. هناك خمس نقاط أساسية يجب أن يضعها أي صاحب مشروع بالحسبان عند تسعير منتجاته أو خدماته، هذه النقاط الخمس:

  • نوع وطبيعة المنتج المقدّم.
  • السعر المُتعارف عليه؛ السعر الذي يقدّمه المنافسون، والمتعارف عليه في سوق العمل لذلك المنتج.
  • شريحة العملاء المستهدفة؛ هل المستهدفون هم الفئة الاقتصادية أو المتوسطة أم الأغنياء.
  • التكاليف؛ وتشمل جميع التكاليف بدءًا من تكاليف عملية التصنيع وأجور العاملين إلى تكاليف المواد الخام الضرورية للتصنيع ووصولًا إلى تكاليف التسويق والتخزين وغيرها.
  • عوامل خارجية؛ مثل سياسات الدولة والقضايا القانونية، بما في ذلك الضرائب والرسوم، والوضع الاقتصادي العام للبلد.

عند إنشاء مشروع جديد ينبغي تحديد الهدف من هذا المشروع، انطلاقًا من هذا الهدف يمكننا وضع خط سير أسلوب تسعير المنتجات، بمعنى آخر الهدف من عملية التسعير والذي يتوافق مع سبب إنشاء المشروع نفسه. لذلك يمكننا تلخيص أهداف التسعير وأهميته في النقاط الخمس التالية:

1. الحفاظ على الاستمرارية

في الواقع هذا الهدف هو جوهر وجود أي مشروع أو شركة، فأي شركة ستسعى جاهدةً لوضع التسعيرة المناسبة لمنتجاتها بحيث تضمن استمراريتها في سوق المنافسة.

وتواجه كل الشركات على اختلاف مستوياتها خطر الخروج من السوق باستمرار، سواءً بسبب المنافسة الكبيرة أو التغيرات في توجّهات العملاء ورغباتهم أو التغيرات في متطلبات السوق. لذلك يتوجّب عليها أن تخطط للمستقبل في أثناء تسعير منتجاتها لكي تضع سعرًا مناسبًا، ليس فقط للوقت أو الظروف الحالية وإنما لمواجهة الصعوبات المستقبلية.

على سبيل المثال؛ قد تضع شركة ما هامش ربحٍ زائدٍ للمنتج وهذا الهامش تخصصه الشركة في تطوير المنتجات لمواكبة سوق العمل ومتطلباته. بمعنى آخر تسعير المنتجات لضمان البقاء في سوق المنافسة وليس بهدف الربح بحد ذاته. معظم الشركات الناشئة الجديدة تنهج هذا الهدف في تسعير المنتجات لضمان استمرارها في السوق.

2. تعظيم الأرباح

هناك الكثير من الشركات تحاول تعظيم أرباحها عبر تقدير نسب العرض والطلب في السوق عن المنتج الذي تقدّمه. فمثلًا، إن كانت هذه الشركات تقدّم منتجًا مطلوبًا مع قلّة المنافسين عليه، فبإمكانها رفع تسعير هذا المنتج وضمان كلًا من الاستمرارية والأرباح لها.

من الأمثلة الشائعة هي الشركات التي تصنّع منتجات موسمية؛ أي منتجات يكون الطلب عليها كبيرًا في موسمٍ معيّن. على سبيل المثال، الحلويات في عيد الفطر في بلداننا العربية، يكون الطلب عليها كبيرًا جدًا لدرجة أن الشركات على كثرتها تعجز عن تلبية كافة الطلبات، في مثل هذه الحالات يمكن للشركة رفع خطة التسعير لتحقيق أرباح زائدة.

3. حصد الحصة السوقية الأكبر

تسعى العديد من الشركات إلى حصد الحصة السوقية الأكبر عبر أسلوب تسعير منتجاتها المنخفض، وذلك يكون واضحًا في سوق المنافسة الشديدة. الهدف من طرح سعر منخفض للمنتجات هو الحصول على أكبر قدر ممكن من العملاء وبيع أكبر قدر ممكن من المنتجات.

قد تظن أن هذا الأسلوب سيكون سلبيًّا على اقتصاد الشركة على المدى البعيد. حسنًا ليس بالضبط، فعندما تمتلك الشركة عدد طلبات كبير ستقلل من تكاليف المواد الأولية عبر طلب كميات كبيرة منها. فكّر في الأمر كما لو أن شركة لتصنيع الحلويات لديها 100 طلب يوميًّا وتحتاج إلى شراء 100 كغ من السكر وشركة أخرى لديها 10 آلاف طلب يوميًّا وتشتري 10 أطنان من السكر، أيها سيحصل على سعرٍ أفضل لشراء السكر؟

4. كشط الأسعار

كشط الأسعار هو ما يُعرف بـ (Market Skimming)، ويعتمد هذا الهدف على وضع تسعيرة مرتفعة لمنتج معيّن في البداية، إما لأن هذا المنتج هو منتج جديد مبتكر لم يُصنع من قبل، أو لأن عملية تصنيع المنتج تتطلب تكنولوجيا متطوّرة. ثم تخفيض هذه التسعيرة بمرور الوقت. ولعل سوق الأجهزة الذكية وملحقاتها مثل: الساعات والنظارات الذكية وغيرها، خير مثالٍ على ذلك، إذ تُطلق هذه المنتجات للعملاء بأسعار مرتفعة ثم تبدأ بالانخفاض تدريجيًّا مع الوقت.

5. ريادة التكلفة

مصطلح ريادة التكلفة يعني أن تقدم الشركات منتجاتها بأقل تكلفة في السوق، سواءً بوصفها أرخص مصنّع أو موزع أو مورد. ومن الصعب انتشار هذه الاستراتيجية لأنها تعني أن على إدارة الشركة خفض التكاليف في كل المستويات باستمرار، لتظل قادرة على المنافسة. وفي الوقت نفسه، تقديم منتجات بجودة مقبولة.

ما هي الحصة السوقية؟

الحصة السوقية أو ما يُعرف بـ Market Share هي نسبة أرباح شركة معيّنة في صناعة محدّدة مقارنة بإجمالي الأرباح في ذلك المجال في سوق المنافسة. يمكن حساب الحصة السوقية عبر تقسيم الأرباح التي تحصل عليها الشركة في خلال مدة زمنية معيّنة على الأرباح الكاملة للشركات في سوق عمل محدّد.

لنأخذ سوق الهواتف الذكية على سبيل المثال، في إحصائية المبيعات للعام الماضي 2020، كان إجمالي عدد الهواتف الذكية المُباعة حول العالم نحو 368 مليون هاتف. احتلت شركة آبل المركز الأول بعدد عمليات بيع بلغت 90 مليون جهاز، في حين احتلت شركة سامسونغ المركز الثاني بعمليات بيع بلغت 74 مليون جهاز، الآن ما هي الحصة السوقية لكلتا الشركتين؟

يمكننا بعملية حسابية بسيطة عبر تقسيم مبيعات كل شركة على إجمالي المبيعات في تلك السنة أن نحصل على الحصة السوقية، إذ تكون الحصة السوقية لشركة آبل 368\90 = 23.4%، والحصة السوقية لشركة سامسونغ 368\74= 19.1%، بمعنى آخر سيطرت شركة آبل على ما يقرب من ربع سوق الهواتف الذكية عام 2020.

التكاليف المباشرة وغير المباشرة

تنقسم التكاليف التي تنفقها أي مؤسسة بغض النظر عن المنتج أو الخدمة التي تقدمها إلى نوعين أساسيين من التكاليف هما: التكاليف المباشرة Direct Costs، والتكاليف غير المباشرة Indirect Costs. يجب الإلمام وفهم كلا النوعين من أجل وضع استراتيجية تسعير منتجات ناجحة لأي منتج أو خدمة.

  • التكاليف المباشرة

تتعلّق التكاليف المباشرة بنفقة تصنيع المنتج والتي يمكن حسابها مباشرة وبسهولة، كما أنها تكون واضحة ومحدّدة وترتبط مباشرة بخط تصنيع ذلك المنتج؛ بمعنى أن أي تغيير في هذه التكاليف سيؤدي إلى تغيير تكاليف الإنتاج بشكلٍ مباشر، لنأخذ مثالًا على ذلك تصنيع الأثاث المنزلي:

  • المواد الأولية التي يصنع منها المنتج؛ مثل تكاليف استيراد الخشب والأقمشة لصنع الأثاث.
  • تكاليف أجور العاملين؛ مثل أجور النجّارين والمسؤولين عن تنجيد الأثاث، وغيرهم من العاملين بشكلٍ مباشر في إنتاج المنتج نفسه.
  • تكاليف التشغيل؛ مثل الكهرباء أو الوقود اللازم لتشغيل الآلات المسؤولة عن قطع أو حفر الأثاث.
  • التكاليف غير المباشرة

أما التكاليف غير المباشرة فتكون غير مرتبطة بشكلٍ أساسي في عملية تصنيع المنتج وإنما تلعب دورًا ثانويًّا فيه، أو أن هذه التكاليف مُشتركة في تصنيع عدّة أصناف من المنتجات وليس منتجًا بحدّ ذاته. ويكون من الصعب في معظم الأحيان تقصي وربط التكاليف غير المباشرة بالتكلفة الإجمالية للمنتج نفسه. وفي مثالنا السابق كل مما يلي يُعد من التكاليف غير المباشرة:

  • تكاليف العاملين غير المباشرين، مثل المسوقين والمشرفين على عدّة خطوط إنتاج.
  • تكاليف صيانة الأجهزة والمعدّات.
  • تكاليف وأجور الأجهزة؛ على سبيل المثال الاستخدام المؤقت المأجور لجهاز ما أو حتى مصنعٍ ما.
  • تكاليف حملات التسويق والدعاية للمنتج والضرائب وغيرها.

ما هو هامش الربح؟

يعرّف هامش الربح (Profit Margin) على أنه مقدار الربح الذي تحصّله المؤسسة أو الشركة من عمليات بيع منتجاتها خلال فترة محدّدة. وهو يمثّل على وجه التحديد نسبة المبيعات التي تحوّلت إلى أرباح صافية بعد طرح تكاليف الإنتاج والتصنيع المباشرة وغير المباشرة، وتكون نسبة مئوية.

لتبسيط الأمر تخيّل أنك تحسب عدد السنتات التي ربحتها من بيع منتجٍ قيمته دولار واحد، فإن كان الربح الصافي لك هو 35 سنتًا، فإن هامش الربح لديك هو 35%.

خطوات تسعير المنتجات

بعد أن تعرّفنا على المفاهيم الأساسية التي تلعب دورًا في استراتيجية التسعير، سنتطرّق إلى الخطوات التي يجب أن تمر بها عملية تسعير المنتجات لكي تلقى نجاحًا على المدى البعيد. وهناك خمس خطوات أساسية للتسعير الناجح على النحو التالي:

أولًا: تحديد أهداف المشروع

قبل المضي قدمًا في وضع استراتيجية لتسعير المنتجات، يجب أن تحدد أولًا الهدف من المشروع الذي أنت بصدد إطلاقه. تحديد أهداف المشروع سيوجّهك إلى الأسلوب الصحيح للتسعير والتسويق والإنتاج والمتابعة، بمعنى آخر تحديد نقطة النهائية أو الهدف لمشروعك ورسم طريق للوصول إلى تلك النقطة.

بالطبع الأمر يعود إليك في تحديد أهداف المشروع الذي سوف تطلقه، ومع ذلك هناك عدّة أهداف يشترك بها أصحاب المشاريع عمومًا عند بدء أعمالهم، منها: زيادة الأرباح، أو زيادة التدفق النقدي لرؤوس الأموال المشاركة في المشروع، أو الحصول على الحصة السوقية الأكبر وتصدّر المنافسين، وغير ذلك.

ثانيًا: إجراء استطلاع شامل للسوق

لماذا يُعد إجراء استطلاع للمنافسين مهم إلى هذه الدرجة؟ في الواقع دراسة السوق المستهدف من مشروعك مهم لهدفين أساسيين، الهدف الأول هو أن تختار بين ما بين ريادة التكلفة أو الريادة بالجودة. في ريادة التكلفة تكون المنافسة شديدة وهناك العديد من الشركات المنافسة التي تقدم منتجات مشابهة لمنتجاتك، في حين أن المنافسة في الريادة بالجودة تتركّز على فخامة وجودة المنتجات وكفاءة خدمة العملاء.

الهدف الثاني لاستطلاع السوق هو تحرّي مدى الجهد الذي يجب عليك أن تبذله، فإن قرّرت إطلاق مشروع يستهدف سوقًا يضم العديد من المنافسين فعليك استطلاع الأسعار التي يقدّمها المنافسين والمحاولة جاهدًا لكي تقدّم أسعارًا منافسة عن طريق تخفيض تكاليف الإنتاج إلى أقل قدر ممكن.

بالمقابل إن كان مشروعك موجّهًا إلى طبقة العملاء الأثرياء فهنا يجب أن تتحرّى عن مدى جودة المنتجات والخدمات التي يقدّمها المنافسون والسعي لتقديم تجربة فريدة وملفتة أكثر لهؤلاء العملاء.

ثالثًا: تحليل قاعدة العملاء المستهدفة

من البديهي أن ترتبط استراتيجية تسعير المنتجات بالعملاء المستهدفين من هؤلاء المنتجات. يجب عليك خلال إجراء هذه الدراسة الإجابة على عدّة أسئلة، نذكر منها:

  • ما هو جوهر الفائدة أو المصلحة التي يقدّمها منتجك للعميل؟
  • ما هي المشكلة التي تواجه العملاء ويحتاجون إلى منتجك لمعالجتها؟
  • ماذا سيجني العملاء من استخدام منتجك؟

جميع المراحل اللاحقة من تسعير المنتج إلى التسويق وانتهاءً بخدمات ما بعد البيع كلّها تتعلّق بقاعدة العملاء المستهدفة ومدى حاجتهم إلى منتجك والقيمة التي يعطونها لذلك المنتج.

لنفترض على سبيل المثال، أنك تقدّم منتجًا مميزًا يلبّي أحد احتياجات العميل الضرورية بأسلوب مختلف، عندها سيكون من الجيد أن تنتهج أسلوب تسعير مرتفع وتسويق المنتجات بأسلوب فاخر. بالمقابل إن أطلقت حملات تسويقية متواضعة وأسعارًا منخفضة لمنتجك المميز فهذا من شأنه أن يربك العملاء ويقلل من قيمة منتجك ويضيّق من هامش الربح لديك.

ومن النقاط المهمّة التي عليك مراعاتها هي مدى مرونة سعر منتجك في السوق، ونقصد به كيف يمكن أن يؤثر تغيّر سعر المنتج على دافعيّة العميل لشرائه.

فهناك بعض المنتجات التي سيسعى العميل لشرائها مهما بلغت تكلفتها، ربما خير مثالٍ على ذلك السجائر ووقود السيارات، هذا النوع من المنتجات يطلق عليه “المنتجات غير المرنة inelastic products”. في المقابل، تعاني “المنتجات المرنة elastic products” من تقلّب الأسعار المستمر بالإضافة إلى تغير طلب العملاء وحاجتهم إليها عند تغير أسعارها.

تحديد ما إذا كانت منتجاتك مرنة أم لا، يساعدك على توقّع مدى تغير الطلب عليها في الأسواق ومدى استقرارها في سوق المنافسة، وفي الحالة المثالية ستريد لمنتجاتك أن تكون غير مرنة لكي يكون الطلب عليها ثابتًا عند تقلّب أسعارها في سوق العمل.

رابعًا: ادرس منافسيك والأسعار جيدًا

من أجل التفوق على منافسيك يجب عليك تحليل أسلوب عملهم سواءً اخترت استراتيجية ريادة التكلفة أم ريادة الجودة، ففي كلتا الحالتين لديك منافسين يقدّمون أسعارًا ملفتة أو جودة عالية، إليك نقطتين مهمّتين في أثناء دراسة المنافسين في سوق العمل:

  • تحرّى عن ثلاثة منافسين أساسيين لك في سوق العمل على الأقل، كيف يسعّرون منتجاتهم وما هي الأسس التي يضعونها في التسويق وكسب عملائهم؟ هل أسعارهم منافسة ويقدّمون عروضًا ملفتة أم يهتمون أكثر بإرضاء العميل وتأمين منتجات فاخرة؟
  • استعد جيّدًا للمنافسين غير المباشرين لك، ونقصد هنا المنتجات التي قد يعتمد عليها العميل لحل مشكلته عوضًا عن شراء منتجاتك.

على سبيل المثال، إن كان العميل يبحث عن طاقة بديلة نظيفة لتغذية منزله أو مزرعته بالكهرباء ويميل إلى شراء ألواح الطاقة الشمسية التي توفّرها أنت، ولكن سعر هذه المنتجات أو الصيانة التالية لها، تجعله يتردّد في شرائها ويختار في نهاية المطاف شراء عنفات الرياح لتوليد الكهرباء بواسطة طاقة الرياح.

على الرغم من أن الشركات التي تبيع العنفات الهوائية ليست ضمن قائمة المنافسين المباشرين لك إلا إنهم منافسين غير مباشرين قد يؤثّرون في مبيعاتك. عند هذه النقطة، ستكون الخطّة الأساسية التي يجب عليك اتّباعها في مشروعك واضحة، وكل ما عليك فعله هو اختيار استراتيجية تسعير المنتجات المناسبة لك، قد يبدو الأمر بسيطًا إلا إنه يحتاج تمعّن ودراسة جيّدة لكل تفاصيل العمل الذي أنت بصدد إطلاقه.

استراتيجيات التسعير

بعد أن خضنا في تفاصيل التسعير والعوامل المؤثّرة على اختيار الاستراتيجية المناسبة نحن مستعدون لاختيار الاستراتيجية أو الاستراتيجيات المناسبة لتسعير المنتجات. فيما يلي قائمة بأبرز استراتيجيات التسعير في وقتنا الحاضر.

استراتيجية التسعير العامّة

هذه الاستراتيجية مفيدة إن كنت تريد إنشاء متجرٍ إلكتروني أو تدير متجرًا في الوقت الحاضر. يميل معظم أصحاب المحال التجارية عند وضع استراتيجية التسعير لمنتجاتهم إلى صيغة مشتركة تضمن هامش ربحٍ “صحيّ” لتجارتهم، قد تود تحديد أسعار منتجاتك أقل أو أكثر من هذه الصيغة، فالأمر يعود لك ولتقديرك للسوق الخاصة بك.

يمكننا تلخيص صيغة التسعير في هذه الاستراتيجية بالمعادلة البسيطة التالية:

سعر بيع المنتج = [تكلفة المنتج ÷ (100 – هامش الربح المُراد)] × 100

لنقل على سبيل المثال، أن هناك منتجًا يكلّفك 10$، وتريد هامش ربح 45%، المُتعارف عليه عمومًا لهامش الربح في المحال التجارية هو 50%، فيمكنك حساب سعر بيع هذا المنتج كما يلي:

سعر بيع المنتج = [10 ÷ (100 – 45)] × 100

سعر بيع المنتج = [10 ÷ 55] ×100 = 18$

بمعنى أن سعر بيع المنتج المثالي هو 18$.

بالطبع هذه الصيغة كما ذكرنا عامّة وقد لا يمكن تطبيقها على كافّة أنواع المنتجات أو المحال التجارية، فلكلٍّ خصوصيّته التي سنفصّلها عبر استراتيجيات التسعير اللاحقة مع إيجابياتها وسلبيّاتها.

لكن الجدير بالذكر، أنه إذا كان هامش الربح المناسب هو 45% لمنتجك فقد تود أن تستطلع استجابة العملاء للسعر الناتج من الصيغة السابقة، فإن كان الإقبال جيّدًا فقد ترفع سعر المنتج إلى 19 أو 20$ وترى النتيجة، إن أرضت العملاء أيضًا فيمكنك تثبيت سعر المنتج عند ذلك الحد.

استراتيجية التسعير البسيطة

تعتمد هذه الاستراتيجية على مضاعفة تكلفة المنتج، بمعنى إن كان المنتج يكلّفك 50$ فسعر المبيع هو 100$. لا يمكن تعميم هذه الاستراتيجية فهناك حالات يكون فيها هذا السعر منخفضًا أو مرتفعًا أو ربما مناسبًا جدًا للمنتج.

المفتاح الأساسي لتقرر إذا كانت هذه الاستراتيجية المناسبة لك، هو تحديد قيمة المنتج الخاصة بك، إن كان المنتج قيّمًا ومطلوبًا ونادرًا في الأسواق، أو كانت عملية شحنه وتخزينه ومعاملته معقّدة وصعبة، فاستراتيجية مضاعفة سعر التكلفة وترك هامش ربح كبير (100%) ستكون مناسبة جدًا.

أما في حال كان المنتج شائعًا ومنتشرًا ولا يتضمّن صفات مميّزة بحدّ ذاته، أو أن شحنه وتخزينه أمر بسيط ولا يتطلّب تكاليف إضافية كبيرة، فمضاعفة سعره قد تؤدي إلى نفور العملاء من متجرك. ويمكننا أن نجمل إيجابيات وسلبيات هذه الاستراتيجية في التسعير، في هاتين النقطتين:

  • الإيجابيات: التسعير البسيط يقدّم صيغة سهلة وواضحة للتسعير وضمان هامش ربح جيّد.
  • السلبيات: قد لا يكون من المناسب إطلاقًا وضع هامش ربح مرتفع إن كان توفّر المنتج ومقدار الطلب عليه لا يدعمان ذلك الربح الزائد.

استراتيجية تسعير المنتجات بالتوصية

في هذه الاستراتيجية يُوضع السعر من قبل المُصنّع أو مصدّر المنتج، بحيث يوصي المصنّع أصحاب المتاجر، سواءً التقليدية أو الإلكترونية، ببيع المنتجات بسعر محدّد مسبقًا. الهدف من هذه الاستراتيجية هي توحيد أسعار منتجات معيّنة في مختلف الأماكن وفي جميع المحال.

يعتمد أصحاب المتاجر عادةً تسعير التوصية، عند بيع المنتجات القياسية والمنتشرة، مثل الأجهزة الإلكترونية.

  • الإيجابيات: بإمكانك توفير الوقت واعتماد السعر الموصى به من قبل المصنّع.
  • السلبيات: لا يترك لك السعر الموصى به هامش مرونة كافي لتقدير أسعار منافسة، أو حتى وضع السعر المناسب لمتجرك، فقد تقدّم في متجرك خدمات لم تضعها الشركة المصنعة بالحسبان عند اقتراح السعر الموصى به للمنتج، على سبيل المثال قد توفر لعملائك خدمة التوصيل المجانية، والتي لم تضعها الشركة عند حساب هامش ربح المنتج.

استراتيجية التسعير بالجملة

هذه الاستراتيجية شائعة جدًا عند بيع المنتجات الاستهلاكية أو الأقمشة والملابس، ولكن يمكن تعميمها في معظم الأحيان على كافة أنواع المنتجات. في تسعير المنتجات بالجملة، يضع أصحاب المتاجر سعرًا واحدًا لعدّة منتجات -مختلفة أو متشابهة- مرتبطة مع بعضها. يُعرف هذا الأسلوب في البيع بالتسعير بالجملة أو bundle pricing.

توفّر هذه الطريقة استراتيجية ناجحة جدًا لجذب انتباه العملاء إلى ما يرون أنه صفقة رابحة عند شراء عدّة منتجات بسعرٍ واحد مشترك، والذي يؤدي إلى عدّة عمليات بيع في الوقت نفسه.

  • الإيجابيات: النقطة الذهبية لهذه الاستراتيجية هي الربح المُضاعف عن طريق ما يُعرف بعلم النفس التسويقي.

بالمختصر تخيّل أنك تبيع ماكينة حلاقة وأداة تدليك كهربائية مع بعضهما بسعر واحد هو 50$، في حين أن تعرض سعر مبيع كل أداة منفصلة عن الأخرى هو 35$، بالطبع ستكون عملية التسعير وهامش الربح معتمدين على السعر المشترك 50$.

في هذه الحالة سيظن العميل أن شراء كلتا الأداتين صفقة مربحة، ولكن في حال قرّر العميل -لسبب ما- اتّخاذ القرار الخطأ وشراء أداة واحد بسعر 35$ عندها ستكون قد نجحت في مضاعفة أرباحك.

  • السلبيات: قد تسبب عملية البيع بالجملة بانقاص هامش الربح لديك، لذا إن لم تجذب عروض البيع بالجملة عمليات شراء بأعداد أكبر فستجد أنك تعاني من تراجع في الأرباح سريعًا.

استراتيجية كسر الأسعار والعروض

لا جدال أن العملاء يعشقون التنزيلات وكوبونات الخصم والعروض الموسمية والتخفيضات الأخرى التي يرونها صفقات مربحة. لذلك تعد العروض وكسر الأسعار استراتيجية ناجحة جدًا في مختلف أنواع المنتجات والخدمات.

يعتمد معظم أصحاب المشاريع هذه الاستراتيجية عند تقديم منتجات جديدة للسوق، وذلك بهدف استقطاب أكبر قدر ممكن من الانتباه إليها، بالطبع فإن العروض الكبيرة لهذه المنتجات الجديدة تكون مؤقتة وهدفها الأساسي هو الحصول على أكبر حصة سوقية ممكنة خلال الفترة الأولى من إطلاقها.

  • الإيجابيات: هذه الاستراتيجية مفيدة جدًا وتثمر ثلاث نتائج إيجابيّة لمتجرك، الأولى هي زيادة الزوّار والعملاء المخلصين لمتجرك، والثانية هي تصريف المنتجات المخزنة غير المباعة، والثالثة هي استقطاب عملاء مخلصين لمتجرك أو علامتك التجارية، خاصّة أولئك العملاء الذين يبحثون عن العروض والأسعار الجذّابة.
  • السلبيات: إن اتّبعت هذه الاستراتيجية بشكلٍ مفرط فقد ينعكس سلبًا على مبيعات وسمعة متجرك، حيث سيستقر في أذهان العملاء بأن متجرك “سوقيّ”، بمعنى أنه مقر للمنتجات الرخيصة، وهذا يمنع العملاء مستقبلًا من شراء منتجاتك بالسعر الطبيعي أو التقليدي لها.

بالإضافة إلى ترسيخ فكرة سلبية حول جودة المنتجات التي تقدمها، حتى وإن كانت ذات جودة مرتفعة فإن كسر أسعارها بشكل متكررٍ سيخفّض من قيمتها الحقيقية لدى العملاء.

استراتيجية التسعير النفسي

يجب أن تعلم أن عملية الشراء هي عملية نفسية بالمجمل، والدليل على ذلك هو ميل العملاء لشراء منتجات بأسعار أو علامات تجارية محدّدة دون أخرى قد تكون أفضل أو حتى أقل تكلفة، فالأمر برمّته عملية ذات طابع نفسي، ويعتمد على علم النفس في تسعير المنتجات، وأسلوب تسعير المنتجات ذاته يلعب دورًا جوهريًّا في هذا المجال.

لا بد أنك لاحظت في أثناء تسوقك أن هناك منتجات تُعرض بأسعار قد تبدو غير منطقية ولكنها ملفتة جدًا، كأن تجد مثلًا قميصًا سعره 14.99$ بدلًا من 15$، الفارق لا يكاد يذكر ولكن العميل يفكر في هذا الفارق في الحقيقة، بل ما يفكر به هو أنه سيدفع مبلغ 14$ و”كسور إضافية” بدلًا من 15$.

أجريت دراسة في معهد ماساتشوستس التقني في جامعة شيكاغو لدراسة تأثير استراتيجية تسعير المنتجات النفسية عن طريق الرقم 9، حيث عرضت المنتجات نفسها بثلاث أسعار مختلفة، وهي:34$ و39$ و44$، خمن أيها حصل على أعلى نسبة مبيعات؟

صدق أو لا كانت المنتجات التي سعرها 39$، وقد حصلت على مبيعات أكثر من نظيرتها ذات السعر الأقل 34$. في كتاب “لا يقدر بثمن” للباحث الاقتصادي ويليام باوندستون كتب أن استراتيجية التسعير النفسية التي تتضمن وضع أرقام كسرية إلى جانب الأرقام الصحيحة زادت المبيعات بنسبة 24%.

  • الإيجابيات: جذب عدد أكبر من العملاء إلى المنتجات من خلال التأثير النفسي للتسعير “الكسري”، حيث سيرى العملاء أنها صفقة مربحة أن تفويتها ستكون قرارًا غير صحيح.
  • السلبيات: قد ينظر بعض العملاء إلى هذا الأسلوب من التسعير على أنه استخفاف بالعقل أو المنطق، وهذا قد يؤدي إلى نقص في ثقة العملاء بمنتجاتك.

استراتيجية التسعير المنافس

قد تبدو هذه الاستراتيجية جيّدة للوهلة الأولى وتصلح لتعميمها على كافة أنواع المنتجات فالكثير من العملاء يضعون سعر المنتج في المقام الأول عند اتخاذهم قرار الشراء.

لكن الأمر ليس كذلك، استراتيجية التسعير المنافس للمنتجات مفيدة فقط في حال المنتجات الشائعة والتي يوجد فيها الكثير من المنافسين الذين يصنعون المنتج بالمواصفات والكفاءة نفسها. عندها الحل الوحيد لجذب واستقطاب العملاء وكسب حصة سوقية كبيرة هو عبر طرح أسعار منافسة.

من أجل تقديم سعر أقل من منافسيك على المنتج عينه، فأنت بحاجة إما إلى تقليص هامش الربح الخاص بك أو إلى تقليل تكاليف التصنيع والاعتماد على عدد المبيعات الكبير، وفي كلتا الحالتين ستحتاج إلى حصة سوقية كبيرة للبقاء والاستمرار في سوق المنافسة، وهذا ما تؤمنه استراتيجية التسعير المنافس.

  •  الإيجابيات: جذب عدد أكبر من العملاء والحصول على حصة سوقية أكبر.
  • السلبيات: تحتاج إلى أن يكون متجرك كبيرًا وذو قدرة مالية قويّة لكي تستطيع تقليص تكاليف التصنيع، أو خفض تكاليف شراء المنتجات من المصنّع عبر شراء كميات كبيرة من المنتجات والحصول على أسعار جيدة.

تسعير المنتجات الصحيح هو أساس التجارة الناجحة، لذلك لا تتردد إطلاقًا في منح هذه المرحلة الوقت الكافي واستطلع جميع استراتيجيات التسعير المختلفة وجميع العوامل التي تؤثر في سوق العمل، بدءًا من المنافسين إلى قاعدة العملاء المستهدفة، واختر بناءً على ذلك استراتيجية التسعير المناسبة لمشروعك، وسرعان ما سترى بوادر النجاح لمتجرك.

تم النشر في: بدء التجارة الإلكترونية