يقول المحترفون في مجال التصوير والفيديو أن الصورة هي فن الرسم باستخدام الضوء، فخصائص الإضاءة تلعب دورًا رئيسيًا في إبراز العناصر الهامة ووضوح أوجه الجمال. من هنا برز مفهوم فن الإضاءة في عمليات التصوير والإخراج. فما المقصود بهذا المصطلح؟ وما سبل إتقانه لتُقدِم مقاطع فيديو احترافية؟
جدول المحتويات:
- ما هو فن الإضاءة؟
- ما هي مصادر الإضاءة المختلفة؟
- أنواع الإضاءة ودواعي استخدامها
- كيف يؤثر اتجاه الإضاءة على عملية التصوير؟
- ألوان الضوء المناسبة لتحقيق فن الإضاءة
ما هو فن الإضاءة؟
يُعدّ فن الضوء أحد أشكال الفنون التطبيقية، وهو فن وُجد منذ القدم وأدّى دورًا أساسيًا في عرض الأعمال الفنية والمشاهد السينمائية، ولا زال مستخدَمًا حتى الآن ليصبح أحد أهم أساسيات تصوير الفيديو. ويعني فن الإضاءة الاستخدام الصحيح لأدوات الإضاءة بمختلف أنواعها، بتوظيف مصدر الضوء وشدته واتجاهه بشكلٍ يعزز جودة العرض ويزيد وضوحها.
ما هي مصادر الإضاءة المختلفة؟
يعتمد المصورون وصناع المحتوى بشكلٍ عام على مصادر رئيسية للإضاءة، وتتنوع الاستخدامات المختلفة للضوء طبقا لتنوع هذه المصادر، ومن أبرزها ما يلي:
الإضاءة الطبيعية
وتعني ضوء النهار المتمثل بضوء الشمس، وهي أكثر المصادر التي تضفي طابع الحياة والجمال على الصور ومقاطع الفيديو. وهو مصدر يصعب التحكم به بطبيعة الحال، لكنه يعطي نتائج احترافية إذا ما استُخدم بالشكل الصحيح. تجدر الإشارة أن مخرج الفيلم الأمريكي الشهير 1917 كان قد اعتمد بشكل كامل على ضوء الشمس بتصوير الفيلم قبل ساعات الغروب.
يمكنك اعتماد الإضاءة الطبيعية في ساعات الصباح أو العصر في حال رغبتك بتجنب الظلال، أو في ساعات الظهيرة للحصول على إضاءة قوية.
الإضاءة الصناعية
تتمثل الإضاءة الصناعية بأي مصدر ضوء يتطلب مصدر كهرباء أو بطارية شحن، مثل حلقة الضوء التي يستخدمها صُناع المحتوى بكثرة، أو الفلاش الذي يُركّب على الكاميرات، أو كشافات الضوء المباشر.
تتميز مصادر الإضاءة الصناعية بسهولة التحكم في شدتها واتجاهها ولون الإضاءة، مما يتيح لك فعالية إخراج الفيديو بالشكل المطلوب. وتُعدّ الأضواء الصناعية أيضًا مصادر رئيسية في عمليات التصوير الداخلي، التي لا تكون فيها الضوء الطبيعي موجودًا أو كافيًا.
الإضاءة المحيطة
هذا النوع من الإضاءة يعطي واقعية للتصوير، ويُستخدم في الصور الهادئة لإظهار المشاعر المختلفة. ويمكن أن تأتي هذه الإضاءة من المصادر المحيطة التي تُصدِر إضاءة خافتة نوعًا ما، مثل ضوء التلفاز، أو أعمدة الإنارة، أو لوحة الإعلانات في الشارع. ويبرز فن الإضاءة في هذا النوع عند رغبتك بإعطاء طابع جمالي للصورة، دون الحاجة للتركيز على التفاصيل.
أنواع الإضاءة ودواعي استخدامها
يعتمد الجزء الأكبر من التصوير الاحترافي على نوعية الإضاءة المستخدمة في التصوير، إذ يحدد نوع الإضاءة الطريقة التي من الممكن أن ينظر بها الجمهور إلى هذه الصورة. لذا من المهم جدًا معرفة أنواع الإضاءة وكيفية استخدام كل نوع.
يعتمد اختيارك لنوع الإضاءة على التفاصيل التي ترغب بإظهارها، كالظلال واللمعان وغير ذلك. بجانب أن مصدر الإضاءة الذي ستعتمده سيؤثر بالنوع الذي يمكنك توظيفه. وهما نوعان أساسيان:
1. الإضاءة الناعمة Soft Light
في هذا النوع يكون مصدر الإضاءة كبير نسبيًا بالنسبة للجسم المراد تصويره، والمسافة بينهما قصيرة؛ لإبراز التفاصيل أكثر. تتكون نسبة ضئيلة من الظلال في هذا النوع، يسمى بالظلال الناعم، فلا يؤثر كثيرًا على عناصر الفيديو أو يشتت ذهن المشاهد.
تستخدم الإضاءة الناعمة في تصوير مقاطع الفيديو التي تتطلب تركيزًا مباشرًا على العنصر الرئيسي في الفيديو، الذي قد يكون أنت أو منتج ما ترغب بالترويج له.
2. الإضاءة الحادة Harsh Light
في هذه الحالة يكون مصدر الإضاءة صغير نسبيًا بالنسبة للجسم المراد تصويره، والمسافة بينهما بعيدة نوعًا ما، وتتسبب هذه العوامل في سقوط الضوء على أجزاء محددة من الجسم، فتكوّن ظلالًا حادًا وملحوظًا. ويستخدم هذا النوع في التصوير الشخصي مثل تصوير الرياضيين وأبطال كمال الأجسام، وأيضا الصور الشخصية التي نلتقطها لأنفسنا، كما يستخدم في التصوير السينمائي، حيث يعطي عمقًا وبعدًا أخر للصورة، كما في الصورة التالية:
كيف يؤثر اتجاه الإضاءة على عملية التصوير؟
يُعدّ اتجاه الضوء أحد أهم العوامل في فن الإضاءة، ويكمن التأثير الكبير له في كونه العامل الأساسي الذي يحدد الطريقة التي نلتقط بها الصورة، فيتغير وضوح الصورة تمامًا بتغير اتجاه الإضاءة، كما يلي:
1. الإضاءة المسطحة Flat Light
وهنا تكون الإضاءة مباشرة وأمام على الجسم المراد تصويره تمامًا، ولا تخلق أي ظلال أو تباين. ويستخدم هذا النوع في التصوير التلفزيوني وتصوير الفيديوهات الرسمية كالمقابلات والدروس التعليمية وتصوير المنتجات والملابس.
يمكنك استخدام العاكس ليساعدك في خلق إضاءة مسطحة، أو التصوير في الإضاءة الطبيعية ولكن في فترة تكون فيها السماء ملبدة بالغيوم نهارًا لتجنب الظلال الذي تخلقه الشمس. المهم أن يكون مصدر الإضاءة مباشرًا.
2. إضاءة الفراشة Butterfly Light
وهنا يُرفع مصدر الإضاءة قليلًا ويوضع عاكس تحته بحيث ينتج ظلال يشبه الفراشة أسفل الأنف. ويستخدم في تصوير عارضيه الأزياء ومقاطع الفيديو الخاص بتعليم مكياج الوجه، وتصوير البورتريه وعارضي الأزياء، إذ يعمل على إظهار تفاصيل الوجه بشكل أفضل.
3. الإضاءة الجانبية Loop Light
وهنا تكون الإضاءة جانبية وموضوعة بزاوية 45 درجة بالنسبة للجسم المراد تصويره، وتكوّن ظلالًا جانبية للأنف، وتعمل على إظهار الوجه بشكل أكثر نحافة وأكثر طولًا، كما أن الإضاءة الجانبية تعطي شكلًا ثلاثي الأبعاد للنتيجة، وبُعدًا عميقًا للصور أو مقاطع الفيديو التي ستنتجها.
4. الإضاءة المرتفعة Top Light
ويُستخدم هذا النوع بشكلٍ خاص في التصوير السينمائي، حيث تكون الإضاءة مرتفعة قليلًا مما يجعل الظلال يتكون على العينين فتبدو كأنها مظلمة، ويستخدم لإظهار الممثل في شخصية شريرة أو غامضة. ونجده قد استُخدم بكثرة في الفيلم الشهير The Godfather لإظهار نزعة الشر لدى شخصيات الفيلم.
ألوان الضوء المناسبة لتحقيق فن الإضاءة
يمكننا من خلال استخدام لون الإضاءة المناسب إضفاء الشعور الذي نريده على الصورة، كما يمكننا إبراز ألوان معينة داخل الصورة وإخفاء أو تشتيت ألوان أخرى.
على سبيل المثال، تُستخدم الألوان الخافتة عند تصوير مشاهد في العصور القديمة أو في بيئة صحراوية، وذلك للتركيز على لون الرمال وإضفاء الطابع الصحراوي على المشهد، ولكن للقيام بذلك لا بد من معرفة العوامل التي تؤثر في لون الضوء الذي نستخدمه، والتي يتولد من خلال دمجها معًا درجات مختلفة من لون الضوء، وهذه العوامل هي:
1. درجة اللون Hue
يُستخدم اللون الأبيض بكثرة في عالم التصوير، كما تُستخدم أيضًا درجات الألوان المائلة للأصفر، أما درجات الألوان الغامقة كالأرجواني مثلًا، فتُستخدم عند الرغبة بإضافة عمق على الصورة أو مقطع الفيديو، لكنها تقلل من وضوح المشهد.
تقاس درجة اللون بوحدة الكلفن Kelvin، ولمعرفة الألوان التي يمكنك استخدامها وتنسيقها مع بعضها، يمكنك استخدام عجلة الألوان الموضحة في الصورة التالية:
2. درجة تشبع اللون Saturation
الألوان المشبعة هي الألوان الأساسية، مثل الأحمر والأخضر والأزرق، فهذه الألوان مشبعة بالكامل. ومن خلال قياس درجة التشبع يمكننا معرفة شدة إضاءته في الصورة، فكلما زادت درجة التشبع كان اللون أكثر نقاءً، ومع تناقص التشبع تصبح الألوان شاحبة.
3. درجة إضاءة اللون Luminance
العامل الأخير لاختيار إضاءة اللون المناسبة هو درجة إضاءة اللون، وتصنف الألوان طبقا لهذا المعيار إلى ألوان دافئة، وهي الألوان التي تكون درجة إضاءتها عالية، مثل اللون الأصفر، وأيضًا الألوان الباردة مثل الأزرق، وهناك أيضًا الألوان النارية، وهي الألوان التي تكون مشعة وعالية الإضاءة مثل اللون الأحمر.
تعتمد درجة اللون وإضاءته على المشاعر التي ترغب ببثها خلال الفيديو، وغالبًا ما تتناسب مع الألوان الدافئة أو الباردة، أما الألوان عالية الإضاءة فنادرًا ما تُستخدم، وربما تجدها في مقاطع الفيديو لبعض الأغاني الحديثة.
يجدر التنويه أنه في حال أردت استخدام أكثر من لون عبر أكثر من مصدر إضاءة، من المهم حساب المسافة بين كل مصدر للضوء وبين الجسم المراد تصويره، حيث إن شدة الضوء تتناسب عكسيًا مع مربع المسافة، وبالتالي من الممكن أن تداخل الألوان مع بعضها في حالة كانت مصادر الضوء أبعد أو أقرب من اللازم، فتصبح ألوان الإضاءة مشوهة وغير متناسقة.
في النهاية، على الرغم أن استخدام الإضاءة علم له أسس علمية وقواعد، إلا أننا لا زلنا ننظر إلى مسألة احترافها فنًا، والسبب هو أن فن الإضاءة يعتمد في مفهومه على الخيال والإبداع في إبراز الجمال في أعين المشاهدين والتأثير على شعورهم. فمن خلال التلاعب بالضوء فقط، يمكنك إصدار مقاطع فيديو أو صورًا جذابة.
تم النشر في: سبتمبر 2022
تحت تصنيف: التصميم | تصميم فيديو
شكرا لهذه المادة