دليل إدارة مرتجعات المنتجات بمتجرك الإلكتروني

أصبحت التجارة الإلكترونية المحرّك الأساسي في سوق العمل، ومع تحوّل الأفراد شيئًا فشيئًا إلى الشراء والبيع عبر الإنترنت أصبحت الحاجة ملحّة لمعرفة الأسس والمبادئ الصحيحة لإدارة التجارة عبر الإنترنت. ولعل أكثر ما يُعْنَى به أصحاب المتاجر الإلكترونية والعملاء على حد سواء هو إدارة مرتجعات المنتجات. هذا المقال سيقدّم بين يديك دليلًا متكاملًا حول كيفية بناء إدارة مرتجعات ناجحة وفعّالة في متجرك.

جدول المحتويات:

ما هي إدارة المرتجعات؟

إدارة المرتجعات (Returns Management) هي نظام إداري مسؤول عن تنظيم وضبط سلسلة التوريد (supply chain) عند الإرجاع عن طريق جمع المنتجات المرتجعة وتصنيفها وتنظيمها وتخزينها بهدف الاستبدال أو الاسترداد أو التصريف. تحدث عملية الإرجاع بعد عملية البيع، أي أنها جزء من خدمات ما بعد البيع التي تقدّمها الشركات للعميل.

ونقصد بسلسلة التوريد المنظومة الإدارية المتكاملة التي تهدف بشكل أساسي إلى إيصال المنتج من المنصنّع أو المورّد إلى العميل أو العكس. تضمّ هذه السلسلة العديد من الفرق والعناصر المساعدة، مثل: مؤسسات الطرف الثالث (Third party associations) والأفراد العاملين والتكنولوجيا المتبعة والأنشطة والموارد المستخدمة في إيصال المنتج إلى وجهته النهائية.

يمكننا تقسيم سلسلة التوريد إلى شقّين اثنين: الشقّ الأول إدارة المبيعات؛ وهي آلية توصيل المنتجات إلى العملاء عند شرائهم لها. والشق الثاني إدارة المرتجعات، وهي عملية إرجاع هذه المنتجات في حال طلب العميل استبدال أو استرداد ثمن المنتج، ويطلق على هذه العملية الخدمات اللوجستية العكسية أو اللوجستيات العكسية (reverse logistics).

أنواع المرتجعات المختلفة

تتشابه إدارة المرتجعات مع إدارة المبيعات فيما يتعلّق بآليات التوصيل، ولكنها تختلف عنها في أنها تتضمّن عمليات معقّدة أكثر. على سبيل المثال: آليات فحص المنتجات المرتجعة واستبدالها أو استرداد ثمنها، ومن ثم إعادة إدخال هذه المنتجات في أنظمة المحاسبة وإدارة المخازن أو المستودعات. وأخيرًا هناك آلية توصيل المنتج المستبدل إلى العميل أو آلية إعادة دفع ثمن المنتج له.

عندما يطلب العميل إرجاع منتجٍ ما، فنحن أمام أربع خيارات أو أنواع من المرتجعات، هي:

  • طلب استبدال المنتج (Exchange): وذلك عندما يكون المنتج مختلفًا عمّا طلبه العميل أو عمّا كان معروضًا في متجرك الإلكتروني. على سبيل المثال قد يشتري العميل قميصًا بلون أزرق ومقاسٍ معيّن، ويتفاجئ عندما يصله المنتج بأن القميص أحمر وبمقاسٍ مختلف، هنا يطلب العميل استبدال المنتج بالمنتج الذي طلبه على وجه التحديد.
  • طلب استرداد المدفوعات (Refund): يحدث ذلك عندما يصطدم العميل بسوء الأداء أو الكفاءة المتردّية للمنتج. عندما تكون المشكلة متعلقة بسوء جودة منتج بعينه قد يطلب العميل استبداله، لكن عندما تكون المشكلة في عملية تصنيع المنتج نفسه؛ بمعنى أن كافة المنتجات المشابهة تعاني من المشكلة عينها، حينها سيطلب العميل استرداد المدفوعات.
  • طلب صيانة المنتج (Repair): في هذا النوع يطلب العميل صيانة أو إصلاح خللٍ ما في المنتج الذي اشتراه من متجرك. بالطبع ستكون شركتك مسؤولة عن إحضار المنتج وصيانته وإعادة إرساله في حال كان المنتج ضمن مدّة الصيانة والضمان الرسمية للمنتج.
  • طلب تصريف المنتج (Recycle): هذا النوع مرتبط بالخدمات الثانوية ما بعد البيع، ويتضمّن شراء المنتجات التالفة أو المستهلكة التي يرغب العميل باستبدالها أو بيعها أو حتى تصريفها مجانًّا من أجل إعادة تدويرها.

بإمكانك مثلًا أن توفّر للعملاء خدمة استبدال أجهزة التلفاز التالفة أو القديمة بأجهزة جديدة من متجرك مع خصم بمقدارٍ معيّن. بالطبع سيكون هذا الخيار جيّدًا لمشروعك إن تضمّن نظامًا جيّدًا لإعادة تدوير المنتجات وتصنيعها.

في جميع هذه الخيارات يجب أن يكون لديك نظام متماسك لإدارة المرتجعات من المنتجات حتى لا تفقد زمام السيطرة على إدارة سلسلة التوريد الخاصة بشركتك ولكي تقدّم إلى عملائك تجربة شراء مريحة ومرضية. لكن هل يجب عليك أن تضمّن سياسة المرتجعات في منتجات متجرك الإلكتروني؟ وماذا ستكسب من تقديم هذه الخدمة للعملاء؟

أهمية تضمين سياسة المرتجعات في متجرك

يختلف عالم التجارة الإلكترونية عن التجارة التقليدية بشكلها المادي على أرض الواقع، فالصلة الوحيدة للعميل مع منتجاتك هي وصف المنتج أو الصور والفيديوهات، فلا يستطيع العميل معتينة المنتج قبل شرائه للتأكد من أنه مناسب لاحتياجاتهم تمامًا.

لذلك أضحت سياسة المرتجعات الواضحة والفعّالة إحدى أهم العناصر التي يبحث فيها العملاء قبل شرائهم لأي منتج. إذ تشير الإحصاءات إلى أن نحو 73% من العملاء يرون أن تجربة الإرتجاع المريحة تلعب دورًا كبيرًا في إعادة الشراء من المتجر نفسه. لكن ما هي العوامل التي ينظر فيها العملاء في سياسة المرتجعات؟

قد تظن أن ما قد يستاء منه العملاء هو أن تكون تكاليف إعادة شحن المنتجات تقع على عاتقهم، في الواقع هذا ليس السبب الرئيسي لاستياء العملاء، فقد بيّنت دراسة إحصائيّة أن 24% من العملاء يستاءون من فكرة تحمّلهم تكاليف شحن مرتجاعتهم، في حين أن 25% يعيّبون تأخر استرداد المدفوعات، وأخيرًا 25% يبدون الانزعاج في حال تأخر استبدال المنتج بالمنتج الصحيح وإعادة إرساله لهم.

تداعيات سياسة إدارة المرتجعات على نجاح العمل

إلى أي مدى سينعكس تأثير إدارة المرتجعة السيّئة على عملك، وبالمقابل ما هي الإنجازات المتوقعة من إدارة المرتجعات الناجحة؟

تداعيات إدارة المرتجعات السيّئة

في الواقع، وجود إدارة مرتجعات واضحة وفعّالة في متجرك لا يتعلّق بمنح العميل خيارًا لإرجاع المنتج بما يتوافق مع سياسة المرتجعات فقط، بل إن الأمر مرتبط بمدى نجاحك في إدارة هذه العملية باحترافية عالية. فكما تعلم يتطلب الأمر تخصيص كمّ كبير من الموارد البشرية والمالية وافتقار مشروعك إلى أسس متينة قد يكلّفك الكثير.

بالمقابل فإن افتقار متجرك إلى نظام مرتجعات لن يكون قرارًا حكيمًا من الأساس، فكما وضّحنا سابقًا يتّجه جمهور العملاء عمومًا إلى وجود سياسة مرتجعات بوصفها ركنًا أساسيًّا في اتّخاذ قرار الشراء. وسرعان ما ستجد أن معظم العملاء يتوجّهون إلى منافسيك، وقد يكونون مستعدّين لشراء منتجات فاخرة إن كانت هناك سياسة إرجاع مرضية لهم.

لاتنس أن غاية العميل الأساسية هي الحصول على المنتج الذي يريده، ولا تعنيه سياسة الإرجاع بحدّ ذاتها ولكنها ستكون ضمانًا له لتحقيق ذلك.

ثمار إدارة المرتجعات الناجحة

يجب أولًا أن تعرف ما هي عوامل إدارة المرتجعات الجيدة؟ هنالك في الواقع ثلاثة عوامل أساسية تشير إلى نجاح إدارة المرتجعات في مشروعك وهي؛ رضا العميل، والحد من الخسائر المادّية خلال عملية الإرجاع، وضبط وتنظيم المخزون الخاص بك.

إن نجحت في تحقيق هذه العوامل الثلاث فستلاحظ فرقًا كبيرًا في طبيعة تفاعل العملاء مع متجرك عمومًا. ستلاحظ ازديادًا مضطردًا في عدد العملاء المحتملين الذي تحوّلوا إلى عملاء حقيقيين، وفي الوقت نفسه ستجد توسّعًا في قاعدة العملاء المخلصين لمتجرك أو لعلامتك التجارية.

باختصار ما ستجنيه من تنظيم إدارة مرتجعات فعّالة وناجحة في مشروعك يفوق بكثير الخسائر التي ستتفاداها في حال اتّخذت قرارًا بعدم انتهاج إدارة المرتجعات فيه، بمعنى آخر الثمار الإيجابية التي ستجنيها تستحق العناء حتمًا.

استراتيجيات ناجحة في إدارة المرتجعات

سياسة إدارة المرتجعات

لا يوجد مجموعة استراتيجيات مثاليّة أو نقاط محدّدة تضمن لك نجاحًا تامًّا في إدارة المرتجعات، ولكن مع ذلك إن أردت وضع أسس صحيحة وخطة عمل واضحة لسياسة المرتجعات فعلينا الانطلاق من نطقتين اثنتين؛ الأولى هي ما يريده العملاء بالضبط في سياسة المرتجعات، والثانية هي الأداء السلس والحفاظ على الأرباح لعملك.

انطلاقًا من هذين المبدأين يمكننا تقديم الخطوط العريضة التالية والتي سوف تمثل أساسًا جيّدًا لبناء استراتيجية إدارة مرتجعات ناجحة:

1. معرفة أسباب إرجاع المنتجات

قد يبدو الأمر بديهيًّا وجزءًا من عملية التفاوض مع العميل حول إرجاع المنتج، ولكن ليس ذلك ما نشير إليه. ما نقصده هو أن تجري إحصاءً عامًّا في متجرك تستطلع من خلاله أسباب تحول منتجات معينة إلى مرتجعات، وما هو السبب الذي دفع العميل إلى طلب إرجاع المنتج!

هل بسبب خطأ مصنعي أم اختلاف عن الطلب الأصلي، أم ربما بسبب ضرر في أثناء نقل المنتجات أو بسبب خطأ في طريقة تشغيل أو استخدام المنتج وغيرها. هذه البيانات ستساعدك على بناء استراتيجية صحيحة للمرتجعات في متجرك.

2. التخطيط المستقبلي

عندما تتّخذ قرارك بتبنّى سياسة مرتجعات في متجرك فعليك أن تضع عدّة نقاط في الحسبان:

  • إدارة المخزون

عندما تتوسّع قاعدة عملائك فستزداد عمليات الشراء وعمليات الإرجاع، وهنا يجب عليك أن تنسّق بين المخزون المتبقي لديك والمنتجات المرتجعة من أجل صياغة طلبيّات الشراء. وإلا قد تجد فائضًا في أحد المنتجات المسترجعة وتتفاجئ بأنك قد نفّذت طلبية شراء كمية أخرى من المنتج، وهذا معناه أن هذه المنتجات ستكون عائقًا في تخزينها وتصريفها على حدِّ سواء.

  • إدارة طلبات التوصيل

سواء كنت تدير طلبات التوصيل بنفسك أم بالتعاقد مع إحدى الشركات التي توفّر خدمات التوصيل فإن هذه العملية تتطلّب تخطيطًا جيّدًا. من الاستراتيجيات الناجحة التي تساعدك في تخفيف الأعباء المادية في توصيل طلبات الشراء وإعادة طلبات الإرتجاع هي التنسيق الفعّال بين العمليّتين، كيف؟

حسنًا، لنفترض أنه لديك عشر طلبات شراء إلى منطقة معيّنة، ترسل الطلبيّة إلى تلك المنطقة لتتفاجئ بعد ذلك بطلبين للمرتجعات في نفس المنطقة ولكن الشحنة قد انطلقت مسبقًا. هل ستنتظر عودة أفراد التوصيل لتخبرهم بأن عليهم العودة إلى تلك المنطقة وتلبية طلبات المرتجعات؟

هذا سوف يضيف جهدًا ووقتًا كبيرين جدًا إلى العملية، لاسيّما إن كان لديك المئات منها يوميًّا. ما عليك فعله هو تنسيق عمليّات التوصيل تلك بشكل لحظي بحيث تتمكّن فرق التوصيل من تلبية الطلبات المتجاورة. هنالك العديد من التطبيقات الذكية والبرامج التي تسمح لك بإدارة هذه العملية بفعالية، نذكر لك على سبيل المثال برنامج Shipstation.

في حال كنت تعتمد على مواقع إدارة المحتوى، مثل منصّة ووكومرس وموقع الووردبريس في إدارة متجرك الإلكتروني فهنالك جملة من الإضافات التي توفّر لك تنظيم عمليات التوصيل وإدارة عمليات البيع.

3. لا تبالغ في سياسة الإرجاع

نعم توفيرك سياسة مرتجعات مرضية وملفتة سيشدّ العملاء إليك ولكن هل من الجيد أن ترضي عملائك وتخسر أرباحك؟ بالطبع لا من الخطأ أن تَعِد عملائك بسياسة إرجاع مدى العمر، أو توفير حريّة استبدال كاملة لأي منتج يشترونه من متجرك، فهذا سيقودك مباشرة إلى الانهيار.

عوضًا عن ذلك، ادرس إمكانيّاتك وما تستطيع تقديمه للعملاء دون تحمل الخسائر. بإمكانك مثلًا لجذب العملاء تقديم فترة استبدال أساسية -لنفترض أسبوع- مع خيارٍ إضافي للحصول على فترة استبدال مميّزة لمدّة أسبوعين أو حتى شهرًا كاملًا، على سبيل المثال، مقابل تكاليف إضافية تضاف لعملية الشراء، بذلك يمكنك تعويض الخسائر التي قد تتعرّض لها بسبب فترة الاسترجاع الطويلة.

احرص على أن تكون سياسة المرتجعات لديك معقولة عادلة للطرفين وتخضع لقوانين التجارة في بلدك، ومن المفيد أن تنظر في سياسة المرتجعات التي يقدّمها منافسوك وحاول أن تضع سياسة مشابهة ولا تبالغ. فالأمر ليس سباقًا للاستحواذ على العملاء عبر سياسة مرتجعات مجحفة بحق الشركة، وإنما يكفي أن يكون لديك نظام مرتجعات فعّال ومرضٍ في الوقت نفسه.

4. اغتنم التكنولوجيا في إدارتك

التخزين السحابي وبرامج المحاسبة وإدارة المخزون بل وحتى البرامج المتخصصة في إدارة المرتجعات، أصبحت جميعها في متناول اليد فلِم لا تستغلّها في تنظيم عملك؟ إدارة المرتجعات ليس بالعملية السهلة وقد تجد في بادئ الأمر أن العملية لا تستحق أتمتة المعلومات في برنامجٍ منفصل ولكن سرعان ما ستجد أن الأمور خرجت عن السيطرة عندما تصبح قاعدة عملائك كبيرة وتتزايد عمليات الشراء ومعها عمليات الإرتجاع وتواجه معضلة حقيقية في تنظيم كل تلك الأمور.

هنالك الكثير من برامج المحاسبة وإدارة المبيعات المتاحة ولكن إن كنت تبحث عن برنامج خاصٍّ بك لإدارة العمليات المحاسبيّة وإدارة المخزون والمرتجعات وأن تخصّصة بالشكل الذي ترغب به فبإمكانك الاستعانة بخدمات تصميم البرامج المكتبية على منصّة خمسات، أكبر سوق عربي لبيع وشراء الخدمات المصغرة.

بإمكانك أيضًا الاستعانة بالشركات الخارجية المتخصّصة في تنظيم عمليات المرتجعات بكافة مراحلها. هذه الشركات قد توفّر عليك الكثير من الجهد وحتى المال لأن لديها أنظمة متخصصة ومدروسة في إدارة المرتجعات، ولكن ضع في حسبانك أن العمل مع هذه الشركات يتطلّب تكاليف إضافية.

وعلى الرغم من أن بناء إدارة مرتجعات فعّالة وناجحة ليس بالأمر السهل، إلا أنه سيمنحك نقلةً نوعيّة في مستوى متجرك وسرعان ما ستجد تحوّلًا مستمرًّا في العملاء للتعامل معك وشراء منتجاتك. عنصر الثقة هو المحرّك الأساسي للعملاء لشراء أي منتج ووجود سياسة مرتجعات مرضية في متجرك سيمنح عملائك تلك الثقة، لذا احرص على إعداد إدارة مرتجعات متماسكة ترضي العملاء وتحول دون خسائر في مشروعك.

تم النشر في: بدء التجارة الإلكترونية