لماذا ينبغي تجزئة السوق المستهدف؟

اختيار وتقديم المنتج المناسب إلى المستهلك المناسب سر نجاح الأعمال التجارية. ومن أجل بلوغ هذه الغاية يستوجب على أصحاب الأعمال بما في ذلك رواد التجارة الإلكترونية فهم السوق المستهدف وخصائص الجمهور المراد التسويق له على حدٍ سواء. من هذا المنطلق تصبح عملية تجزئة السوق (Market segmentation) ضرورة أساسية لزيادة الأرباح، ففشل استراتيجية تقسيم السوق يؤدي إلى الخطأ في الاستهداف، وهو ما يعني صعوبة تحقيق النجاح المنتظر.

جدول المحتويات:

مفهوم تجزئة السوق

تجزئة السوق وتعرف أيضًا بتقسيم السوق هي عبارة عن استراتيجية تسويقية تهدف إلى الوصول إلى فئات محددة من العملاء ذات خصائص مشتركة بقصد توفير منتجات تستجيب لحاجياتهم. وذلك عبر تقسيم الجمهور المستهدف إلى قطاعات أو مجموعات استهلاكية متجانسة سواء كان التسويق إليهم عبر التجارة الإلكترونية أو التقليدية.

بالتالي، عملية تجزئة السوق في جوهرها هي تفكيك للسوق الاستهلاكية الواحدة إلى أسواق صغيرة يمتلك أصحابها رغبات وميولات متشابهة. ومن هنا يصبح استهداف العملاء بإعلانات محددة ضرورة مُلحة عوض القيام بحملات إعلانية عامة غير دقيقة الاستهداف قد توجه نحو فئات غير مهتمة.

فوائد تجزئة السوق

تكتسي عملية تجزئة السوق أهمية قصوى في استهداف المستهلك على نحوٍ صائب وهو ما يساهم في تقوية حجم نشاط المؤسسات والعلامة التجارية. يمكن تلخيص أهمية تجزئة السوق في الآتي:

  • التعرف على احتياجات السوق بشكلٍ أفضل وهو ما يمكّن من اختيار أنجح الطرق في الوصول إليه وتحسين تفاعل الجمهور وتجربتهم مع عملك.
  • تحقيق عوائد أكبر وتقليص هدر الأموال والاستثمارات التي توجه نحو العميل الخطأ، الذي لا يعنيه المنتج المسوَّق.
  • الوصول إلى أسواق جديدة والتفكير في توفير المنتجات وتطويرها بما يتناسب مع هذه الأسواق تحديدًا.
  • توسيع قاعدة العملاء المحتملين أي أن يحصل منتجك على فرصة الظهور والمنافسة في أسواق جديدة.
  • الاحتفاظ بالعملاء وكسب ولائهم من خلال الاستجابة لاحتياجاتهم بكل دقة، وهو ما يعزز شعور الرضا لديهم ويزيد من وفائهم ومعدل بقاءهم.
  • تمييز العلامة التجارية فالغرض من تقسيم السوق ليس فقط الوصول إلى قطاع محدد، ولكن أيضًا للسماح لعملائك برؤية القيمة الحقيقية لعلامتك التجارية من خلال التسويق الذي يتحدث إليهم.
  • تركيز الجهود فتجزئة السوق ومعرفة الحاجيات الحقيقية للعملاء يعزز إمكانية البحث والتطوير الخاص بك من أجل تلبية تلك الاحتياجات. وعلى صعيد آخر، تتقلص نسبة الهدر على التسويق والتخطيط الموجهين بشكل خاطئ.

ومن الأمثلة الناجحة على تجزئة السوق، ما تقوم به شركة كوكاكولا للمشروبات، تستخدم كوكاكولا استراتيجية تقسيم السوق للرفع من قدراتها التنافسية وتحقيق المزيد من الأرباح، تركز الشركة في عملية التجزئة على العامل الديموغرافي والسلوكي. فمن الناحية الديموغرافية تبدو منتجات الشركة موجهة إلى جميع سكان العالم لكنها في حقيقة الأمر تستهدف بالأساس فئة الشباب و الكبار، وهو ما يجعلها تركز على أكبر مجموعة ديمغرافية في العالم من العملاء المحتملين.أما بخصوص حجم العائلات فتقدم الشركة عروضًا مختلفة، أصبح يطلق عليها العرض العائلي في إشارة إلى القنينات كبيرة الحجم ذات الثمن الاقتصادي.

على مستوى التجزئة النفسية و السلوكية تقدم الشركة حلولًا متوافقة مع الخصائص النفسية والشخصية المختلفة، إذ تحرص على توفير منتجات لمختلف الفئات، عبوات لطيفة المظهر للشباب ومشروبات بلا سكر لأصحاب بعض الأنظمة الغذائية، كل هذا جعل كوكاكولا تحافظ على قوة علامتها التجارية فقد ساعدتها التجزئة على ضمان رضا العملاء بعد توفير السلع والخدمات المناسبة لمختلف الطبقات الإجتماعية.

أنواع تجزئة السوق

عملية تجزئة السوق ليست عشوائية، وإنما تعتمد على مجموعة من المعايير والأسس التي تؤدي إلى تحسين استهداف العملاء وتحقيق أفضل النتائج من خلال دراسة السوق. وبناءً عليه، فتقسيم السوق يمكن أن يرتكز على أربعة نماذج رئيسية لتجزئة العملاء ضمن أي خطة تسويق وتتجلى في:

التقسيم الجغرافي

التقسيم الجغرافي، هو أبسط أشكال تجزئة السوق إذ يقوم على أساس تصنيف العملاء حسب مجالهم الجغرافي: قارة، دولة، مدينة، اتحاد، إلخ. وبالتالي يتم استهداف العملاء في هذه المناطق بتسويق منتجات تتناسب وطبيعة المجال الجغرافي الذي ينتمون إليه.

التقسيم الديموغرافي

يعد التقسيم الديموغرافي أحد أكثر أنواع تجزئة السوق انتشارًا، إذ على أساسه يقسم السوق بناءً على مجموعة من المعايير كالدخل الفردي، والعمر، والجنس، والمستوى التعليمي.. إلخ، مما يسمح بتحقيق أفضل درجات استهداف الجمهور. على سبيل المثال، يمكن لشركات الاتصال تقديم عروض مختلفة يستجب كل واحد منها لرغبات قطاع معين.

التقسيم السلوكي

يركز التقسيم السلوكي على سلوك العميل وردود أفعاله، إذ يحاول التعامل مع مجموعات صغيرة من المستهلكين ذوي مواقف وخصائص نفسية مشتركة، مما يمكّن أصحاب العلامات التجارية من استغلال مواردها بكفاءة أكبر.

التقسيم النفسي

تدرس الشركات نمط حياة المستهلك وشخصيته وآرائه وعادات وأنشطته للتأكد بشكل أفضل من احتياجاته فيما يسمى بعلم نفس التسويق، وهو ما يستخدم بقوة عند تجزئة السوق. على سبيل المثال، الشخص الشغوف بالبراري والخيام سيكون مهتمًا بامتلاك أحذية وملابس تناسب شكل هوايته ونشاطه بعكس من يفضل قضاء معظم الوقت في المنزل.

مستويات السوق

تفيد دراسة السوق في تحديد مستوياته والإحاطة بحجم العملاء الممكن الوصول إليهم في أثناء التخطيط لعملية الاستهداف المباشر اعتمادًا على استراتيجية تقسيم السوق. وبناءً عليه، يمكن أن نميّز بين أربعة مستويات من السوق:

  • السوق المحتمل: هو ذلك الجزء من السوق الذي من المتوقع دخوله والمنافسة على حصة منه، غير أنه من المستحيل التعامل مع هذا النوع من السوق دون تقسيمه إذ إنه يضم عملاء غير متجانسين تختلف رغباتهم و توجهاتهم.
  • السوق المتاح: يمثل جزءًا من السوق المحتمل، يتجلى أساسًا في كل العملاء الذين تتوفر فيهم شروط الإقبال على منتجات جديدة كالقدرة الشرائية والرغبة في الانفتاح على منتوج جديد، إما دخل السوق للمنافسة على حصته أو للترويج على منتوج جديد.
  • السوق المستهدف: يمثل بدوره جزءًا من السوق المتاح، يشمل كل العملاء الذين بمقدور الشركة توفير احتياجاتهم وتقديم خدماتها لهم، إنها الفئة التي تركز مجهودات الشركة على الوصول إليها واستهدافها.
  • السوق المخترَق: يتجلى في حصة السوق التي نجح استهدافها وتم التمكن من إيصال المنتجات والخدمات إليها بعد نجاح عملية التجزئة.

خطوات تجزئة السوق

كما أشرنا إلى ذلك مسبقًا، لا يمكن أن تكون عملية تجزئة السوق اعتباطية وعشوائية، بل يجب أن تخضع لتنظيم محكم بقصد تحقيق أفضل النتائج. من هذا المنطلق يجب على كل مسوق احترام متطلبات التجزئة، التي تتجلى في:

  • دراسة السوق بما يفيد في معرفة تطلعات وحاجيات المستهلك

إذ يكون من العبث توجيه حملات إعلانية تستهدف سوقًا استهلاكية لا حاجة لها في المنتجات والخدمات المقدمة. على سبيل المثال، لا يعقل أن نسوق لملابس صوفية في منطقة تسود فيها الحرارة المرتفعة طيلة السنة.

  • تحديد السوق المستهدف اعتمادًا على إحدى المعايير والأسس السالفة الذكر

يفيد تحديد السوق في تركيز الجهود على قطاع سوقي محدد وواضح. ففي المثال سالف الذكر، يمكن لشركة الملابس تحديد الشريحة المستهدفة بناءً على المعيار الديمغرافي مثلًا، فتجعل تركيزها على فئة الشباب من الجنسين، مما يستوجب توفير منتجات تناسب هذه الفئة تحديدًا.

  • بناء التوقعات عبر استحضار احتمالات النجاح و الفشل

فكلما قلت المنافسة كانت إمكانيات النجاح أكبر. وعلى العموم، لا ينبغي التعامل مع السوق بتفاؤل مطلق بل يجب التفكير في كل الاحتمالات الممكنة. إذ ينبغي على شركة الملابس إدراك حجم المنافسة الذي ستواجهه مما يفرض عليها التعرف على حجم وطبيعة المنافسة التي يمكن أن تواجهها.

  • اختيار استراتيجية التسويق المناسبة

ففي مجال التجارة الإلكترونية مثلًا، تصبح الإعلانات الممولة والمتاجر الإلكترونية أفضل وسائل استهداف العملاء لكنها ليست الوحيدة بالطبع .

مثال عن تجزئة السوق

يعد قطاع الاتصالات من أقوى القطاعات الاقتصادية في الوقت الراهن، وكان من المستحيل نجاح شركات الاتصال لولا اعتمادها على تجزئة السوق. فبفضل هذه الإستراتيجية أوجدت هذه الشركات عروضًا متنوعة لمختلف الفئات، كل عرض منها يلبي قطاعًا سوقيًا محددًا، فما يبحث عنه الشباب مثلًا هو باقة أو عرض يسمح بالحصول على صبيب من الإنترنت، على عكس شخص أميّ قد يميل أكثر إلى العروض التي تقدم مكالمات هاتفية لمدة أطول.

حتى ندرك تجزئة السوق بشكل أفضل، يمكن أن نعتمد على مثال المطاعم، فهي توفر وجبات مختلفة تناسب كل الفئات العمرية على اختلاف مستواها المعيشي والثقافي مما يحقق لها أكبر درجات الاستهداف وفي المحصلة تعاملات أكبر ومداخيل أعلى.

خلاصة

انطلاقًا مما سبق ذكره، يتضح تعدد أنواع تجزئة التسويق التي يمكن الاختيار من بينها بهدف العثور على السوق المستهدف وتحديده بكل دقة وهو ما يتيح الترويج الفعال لمختلف المنتجات والخدمات، ولا يقتصر دور التقسيم على تحديد السوق المستهدف وحسب، بل يسمح أيضًا بالتعرف على احتياجات العملاء بموضوعية.

فأسلوب التجزئة يوفر طرقًا عديدة ومختلفة تضمن جعل العملاء ينظرون إلى ما توفره لهم بعين الرضا إذ تخاطب كل واحد منهم بما يلبي رغباته. وأفضل مثال يمكن اختتام المقال به هو ما تفعله إعلانات غوغل حيث تظهر لك منتجات وخدمات موجهة لك -أنت- بالتحديد حسب الاهتمامات التي يعكسها تصفحك وأبحاثك داخل الشبكة العنكبوتية.

تم النشر في: التسويق الإلكتروني، نصائح ريادية