دليلك الشامل إلى تحليل السوق

قبل عقود طويلة من الآن لم تكن الشركات تهتم كثيرًا بموضوع فهم عملائها وجمهورها المستهدف عمومًا، أو ما نطلق عليه اليوم تحليل السوق. نظرًا لقلة الخيارات المتاحة أمام العملاء أو انعدامها أحيانًا! فقد كان الاستهلاك غالبًا شبه مضمون والمنافسة منحصرة في بضع شركات في السوق.

ولكن مع تعدد الشركات وكثرتها وانتهاج أغلب دول العالم النهج الاقتصادي الرأسمالي المفتوح اشتدت المنافسة وأصبح من الضروري للجميع فهم من سيتعاملون معه لإرضائه وتلبية رغباته للفوز به، لتظهر بعدها مصطلحات ومفاهيم جديدة على غرار (شخصية المشتري، الجمهور المستهدف، تحسين تجربة المستخدم) وعليه سنحاول اليوم تبسيط خطوات تحليل السوق بالتركيز على كيفية فهم الجمهور المستهدف خاصةً.

جدول المحتويات:

ما المقصود بمصطلح تحليل السوق؟

هو تقييم كلي وشامل للسوق المرتبطة بمجال نشاط الشركة، وهو أحد عناصر دراسة جدوى المشروعات، وقد يكون في بعض الأحيان خطوة سابقة له، أو خطوة لاحقة من أجل اقتحام أسواق جديدة أو تطوير منتجات معينة. ويشمل هذا التقييم عدة جوانب أهمها (حجم السوق المستهدف، شرائح العملاء المحتملين، دراسة المنافسين).

ورغم أنّه قد يبدو للبعض عملية معقدة نوعًا ما، إلا أنّه ضروري جدًا لفهم السوق المستهدف وشريحة الجماهير المستهدفة وباقي العناصر الأخرى، وفي الحقيقة يمكن لأي صاحب عمل إجراء تحليل السوق بنفسه في بضع خطوات كما سنرى. وهي بتعبير آخر أكثر تقنية (عملية تحليلية للبيانات المتوفرة حول السوق المستهدف) باستخدام أساليب رياضية إحصائية وأخرى استقرائية.

أهمية تحليل السوق

عمومًا، الهدف من تحليل السوق المستهدف هو ترقية وضعية النشاط التجاري لشركتك وتهيئته، وتعزيز القدرة على المنافسة وخدمة العملاء المحتملين أو الفعليين بأحسن طريقة أو ما يسمى بـ (تحسين تجربة المستخدم)، إضافةً إلى:

  • إبراز مدى خبرتك في السوق، وجاذبيته بالنسبة لك.
  • التنبؤ بالمبيعات بكفاءة ما يُتيح تحديد الميزانية المناسبة للعمل.
  • تحسين جودة المنتجات والخدمات، مع تحسين معدلات التحويل.
  • تحسين كفاءة عملية صنع القرارات وتحديد الرؤى والتصورات المستقبلية.
  • الوصول إلى أمثل خطة تسويقية ممكنة، تكون دقيقة الاستهداف وغير عشوائية أو عامة.
  • خلق ميزة تنافسية للتفوق على المنافسين والبقاء في الريادة، وهذا يسمى بـ (التحليل التنافسي).
  • فهم أعمق لفئة الجماهير المستهدفة بعد تحديدها، خاصةً الشق المتعلق برغباتهم وتطلعاتهم.
  • زيادة أرباح الشركة وهذه إحدى الفوائد غير المباشرة التي في الحقيقة تصب فيها أغلب الوظائف الحيوية للشركة.
  • تقليل المخاطر وحماية العمل، خاصة بإجراء تحليل سوات SWOT لتحديد مواطن القوة والضعف والفرص والتهديدات للعمل، وتفادي تضييع الوقت والجهد والمال في عمليات أو توسعات لا معنى لها.
  • تقييم الأداء ومردودية النشاطات المُمارسَة “التغذية الراجعة” وتحديد أخطاء الماضي تفاديًا من الوقوع فيها مرة أخرى وتصحيح وتعديل ما يتطلب ذلك، والحفاظ على المكتسبات، وإلغاء وشطب ما ينبغي إلغاؤه.

لا تقتصر فوائد إجراء تحليل السوق على المراحل المتأخرة من المشروعات والأعمال، بل يُعدّ تحليل السوق جزءًا من نموذج العمل التجاري ودراسة الجدوى، ولا يرتبط بمرحلة زمنية معينة من عمر الشركة. يُفضل إجراء بحوث السوق بشكل دوري حسب الحاجة كل “سنة أو سنتين…” من أجل مواكبة التطورات الحاصلة في بيئة السوق والعمل وتكنولوجيا المعلومات.

شعار خمسات

كل ما تحتاجه لبدء مشروع تجاري وبناء علامة تجارية متكاملة في مكان واحد

خطوات تحليل السوق

كما أسلفنا فالعملية ليست معقدة لتلك الدرجة، وإنما تتطلب فقط جهودًا بحثية ووقتًا مخصصًا لذلك، وعمومًا يمكن القول أنّ المتفق عليه في مجال ريادة الأعمال هو وجوب المرور على هذه الخطوات التالية:

أولًا: ما الذي تريده بالضبط من وراء إجرائك لتحليل السوق؟

أي أنّه عليك تحديد جميع الدوافع التي تدفعك لدراسة السوق. على سبيل المثال، هل تستهدف تحقيق أهداف خارجية متعلقة أكثر بالسوق أو داخلية مؤسسية؟ أم كليهما معًا، وإليك أنموذجا عن كلا الهدفين:

  • أهداف خارجية: مثل تحديد من هم منافسوك ودراسة نِقَاط قوتهم وضعفهم واستغلالها، أو تحديد من هم العملاء المحتملون الذين تريد استهدافهم، أو تحضير مِلَف شامل وقوي لإقناع الجهات التي ترغب في الاقتراض منها أو جذبها للاستثمار.
  • أهداف داخلية: مثل تحسين إحدى الوظائف الداخلية للشركة كعملية (الإنتاج أو التسويق أو التنبؤ بالمبيعات أو تحسين السيولة المالية).

أضف لذلك تحديد نِقَاط القوة والضعف لمؤسستك والفرص المتاحة أمامها والتهديدات التي تعترضها، وإذا كان الهدف من دراسة السوق هذا هو فالأفضل الاعتماد أكثر على إجراء تحليل سوات SWOT.

ثانيًا: ضع مخططًا تفصيليًا حول مراحل عملك

ومعناه أن تكون دقيقًا في توصيف مراحل عملك منذ أن بدأ: أين كان وأين وصل أي اليوم وإلى أين يتجه؟ وستحتاج في هذا إلى كل البيانات السابقة المتعلقة بعملك والبيانات الحالية لقياس حجم المبيعات السابقة مثلًا، وحجم العمليات الحيوية الداخلية، وغيرها مما له عَلاقة بقياس منحنى نمو الأعمال، ثم التنبؤ المستقبلي لاستشراق المستقبل ووضع رؤية خاصة، كل هذا سيُسهل عليك لاحقًا الآتي:

  • جذب المستثمرين وإقناعهم.
  • اكتساب مِيزة تنافسية.

ثالثًا: تحديد العملاء المحتملين Targeted Audience

ونقصد بهم الجمهور المستهدف الذي ستتعامل معه، أي المُرشحين لاقتناء منتجاتك أو الاستفادة من خدماتك، الذي يُفترض أن يكونوا على نطاق استهداف ضيق وليس مفتوح. لأنّ فتح الاستهداف على الرغْم من أنّه أمر مغري وجذاب ظاهريًا، فإنه في حقيقة الأمر مضيعة للوقت والجهد التسويقي خاصةً، فمن المستحيل أن يرغب الجميع بما تقدمه، وإلا صار العمل التجاري أسهل من شرب الماء. وعليه، ركز جهودك على فئة واحدة واتبع هذه الخطوات لتحديد شريحة العملاء المستهدفين، ثم ابذل جهدًا في محاولة فهمهم جيدًا، ويتحقق ذلك بواسطة معرفة:

1. النطاق الجغرافي

أين يوجد عملاؤك؟ أين تكمن منطقتهم الجغرافية (الدولة، المقاطعة، المدينة… إلخ)، ومرة أخرى (كلما كان الاستهداف أضيق كانت النتائج أفضل) فمثلًا إذا كنت تملك سلسلة محطات وقود سيكون عليك إجراء بحث السوق على المستوى الوطني وليس المحلي فقط أي حسب الحاجة وانتشار عملائك.

2. الجانب الديموغرافي

ويتضمن معلومات مثل: (السنّ، الجنس، الدين،…) وكل ما يتعلق بالإحصاءات السكانية والديموغرافية التي غالبًا ما ستجدها في الإحصائيات الرسمية التي تقوم بها الحكومات أو غير الرسمية التي تقوم بها المنظمات المحلية أو الإقليمية أو الدولية، وغيرها من المصادر الثانوية لتحليل الجمهور المستهدف.

3. الجانب التقني

لا بدّ من معرفة ما نوع الأجهزة الإلكترونية التي يستخدمها العملاء المحتملون وأنظمة تشغيلها، مثل: هل يستخدمون الهواتف الذكية أكثر من الحواسيب؟ وإذا كان الجواب نعم، فما هو نظام التشغيل الأكثر شيوعًا بينهم (Android أم IOS) وهكذا. لأنّ الفوارق التقنية تصنع الفرق، خاصةً مع تزايد أهمية العمل الرقمي، فمثلًا بنية عرض متجر إلكتروني على الهاتف تختلف عن الحاسوب من ناحية أبعاد الصورة والأزرار المتاحة والبنرات الإعلانية وغير ذلك.

4. السِمات الشخصية

يدخل فيه: طبيعة نمط عيش العملاء، وطبقاتهم الاجتماعية وقدراتهم المالية، ومعتقداتهم الشخصية -ليس بالضرورة الدينية- ثم لدينا العادات والتقاليد والخلفيات الثقافية والمؤهلات العلمية… إلخ.

مثال: يريد زيد تأسيس شركة ناشئة لتعليب اللحوم في سويسرا، مع العلم أنّ نسبة النباتيين هناك كبيرة جدًا فهل سيكون هذا خيارًا جيدًا له أكثر مما لو قام به في دولة مثل أندونيسيا أو البرازيل التي يرتفع فيها نسبة استهلاك اللحوم وتنخفض فيها نسبة النباتيين حتى تكاد تكون شبه منعدمة!

5. السِمات السلوكية

في هذه المرحلة ما عليك سوى ملاحظة وقياس ردود أفعال المستخدمين وتفاعلاتهم مع منتجاتك أو خدماتك، بواسطة (تحليل بيانات الحملات التسويقية التي تقوم بها، ومعدل التحويل، استطلاعات الرأي التقليدية أو الرقمية مثل Survey Sparrow..)

ويمكنك اللجوء للتقنية لأنها سهلت الأمر أكثر من السابق، ويمكنك استخدام أدوات لقياس التفاعلات مع ما تقدمه مثل أداة Facebook Insights أو Google Trends أو Google Analytics أو مواقع إيجاد الكلمات المفتاحية التي تبين توجهات الجماهير وما يبحثون عنه أكثر، مثل موقع SEMrush أو Ahrefs

بحسب رجل الأعمال الأمريكي “Seth Godin”، فرغم أهمية تحديد وفهم جمهورك المستهدف، إلا أنّك يَجِبُ ألا تُهمل تصميم تجربة مستخدم مناسبة ثم تحسينها باستمرار، ويضيف قائلًا:

لا تبحث كثيرًا عن عملاء لما تقدّمه، بل اصنع منتجات وقدم خدمات جيدة لهم

6. مراقبة منافسيك

ستُساعدك أيضًا على تحديد العملاء المحتملين وفهمهم جيدًا، لأنّه في حال تشابه نشاطك ونشاط منافسيك سيكون من البديهي اشتراككم في نفس فئة العملاء بنسبة كبيرة جدًا.

أهم فوائد تحليل الجمهور المستهدف

تتمثل في القدرة على تسعير المنتجات كأفضل ما يكون بفضل معرفة القدرة الشرائية للعملاء المحتملين، وتسهيل الوصول للعملاء بعد معرفة أين يوجدون سواء مكانيًا أو هاتفيًا أو إلكترونيًا، أضف لذلك كله تحديد نسبة الطلب في السوق، فضلًا عن حجم العرض. إليك أيضا هذه النصائح والإرشادات التي سيكون من الجيد أن تأخذ بها خلال قيامك بتحليل الجمهور المستهدف:

  • إنشاء مِلَفّ تعريف لشخصية المشتري Buyer Persona

بواسطة وضع تصور معين لشخصية عميلك المثالي وجعله نموذجًا لعملائك الآخرين، وليس ملف لشخصية مشتري واحد. بل يُفضل أن تُعد ملفين أو ثلاثة على سبيل الاحتياط والتنويع، ولفهم أفضل للعملاء الذين من المستحيل أن يكونوا متشابهين بمجموعهم، لاختلاف أذواقهم وشخصياتهم ودوافعهم وإمكاناتهم.

  • تغيير عملائك

ضع في اعتبارك أنّ عملاءك المحتملين أو الفعليين حاليًا لن يبقوا أوفياء لعلامتك التجارية على الدوام بالضرورة، لشدة المنافسة أو سوء تجربة المستخدم التي قد يختبرونها في مرحلةٍ ما، أو لتغير ميولهم واتجاهاتهم وأذواقهم. وأيًا ما كان السبب، حاول أن تُبقيهم لأطول مدة ممكنة، بواسطة تعزيز الاتصال بهم ومتابعة تطلعاتهم -تحسين تجربة المستخدم- وفي نفس الوقت تحضير خُطَّة (ب) لاستقطاب عملاء جدد حين يصبح ذلك ضرورة.

رابعًا: مخطط التحليل التنافسي (راقب منافسيك)

لا جرمَ ستكون البداية بتحديد منافسيك: عددهم، نوع نشاطاتهم ودرجة تقاربها مع نشاطاتك، نطاق انتشارهم، ترتيبهم بعد ذلك على أساس المنافسة المباشرة وغير المباشرة، تحليل سلوكياتهم في السوق وردود أفعالهم، وأخيرًا محاولة تحديد نِقَاط قوتهم وضعفهم والفرص المتاحة أمامهم والتهديدات التي قد تعترضهم. وذلك بتمرير البيانات التي ستحصل عليها كلها على اختبار (SWOT) لتتمكن بعدها من تحديد أكثر منافسيك تهديدًا لعملك وأقلهم خطورة، واستغلال عثراتهم واكتشاف ثغراتهم وسدها في عملك.

يمكن ببساطة كمثال أن تقتني منتجًا لأحد منافسيك، ثم تعمل على حليله من ناحية السعر والجودة والمكونات، وكيف يتم شحنه وهل هناك خِدْمَات إضافية يتم تقديمها بعد بيعه كخدمات الصيانة أو الاستشارات. كما يمكنك الدخول على حسابات منافسيك على مواقع التواصل الاجتماعي لتحليل حملاتهم الإعلانية المدفوعة والمجانية، وأعداد متابعيهم وطبيعة منشوراتهم وطرق تفاعلهم مع عملائهم، والخصومات والتخفيضات التي يطلقنها وتحديد مواسمها وأوقاتها وحجمها، ومدى احترافية شعارهم وهويتهم البصرية، وكذلك الأمر بالنسبة لموقعهم الإلكتروني إن كان لهم واحد أو متجرهم الإلكتروني وهكذا.

خامسًا: حلّل البيانات التي جمعتها

قبل ذلك، إذا ارتأيت أنه لا يزال بالإمكان تحصيل معلومات وبيانات أكثر فلا بأس بالمزيد منها، فالبيانات هي حليفك الاستراتيجي في رحلة إجراء تحليل السوق، وكلما كانت متوفرة بكثرة، حصلت على أفضل نتائج وأدق. والآن قبل تحليل المعلومات التي لديك تحقق أنها:

  • ليست قائمة على العاطفة أو التحيّز.
  • دقيقة ومفصلة أكثر من كونها عامة.
  • واقعية وقابلة للقياس والتطبيق العملي.
  • ذات صلة وثيقة بالعمل وغير بعيدة عن مجالك كثيرًا.

قُم الآن بتصنيفها ثم ترتيبها تحت مسميات مختلفة في عدة أقسام وملفات ورقية أو في مستندات إلكترونية، ثم تلخيصها لجعلها سهلة الاطلاع والفهم خاصةً إن كان هدفك من دراسة السوق خارجيًا كجذب المستثمرين. وطبعًا حفظها أكثر من مهم، لأنك تحتاج لها لاحقًا في بحوث السوق المستقبلية التي قد تقوم بها.

وبعد التحليل العام يجب أن تجد نفسك للإجابة على الأسئلة الأولى وتأكيد الفرضيات التي وضعتها أو نفيها مثل:

  • ما حجم أعمالي؟ وما هي الفرص المتاحة أمام مشروعك؟
  • كم ستبلغ نسبة نمو أعمالك؟ وما هي اتجاهات الشراء السائدة؟
  • هل السوق مُعدّ لتقبل المنتج الجديد الذي أنوي إطلاقه قريبًا؟
  • هل يريد العملاء المحتملين التعامل معي؟ وما الذي سيمنعهم من ذلك؟ وماذا عن المستثمرين؟

وغيرها من التساؤلات الأساسية التي تندرج تحتها أغلب العناصر الفرعية الأخرى المتعلقة بالسوق وحجمه.

أنواع دراسة السوق

أو بالأحرى مصادر البيانات والمعلومات المستخدمة في تحليل السوق، وهي كثيرة ومتنوعة، تختلف حسب اختلاف أنواع الأسواق ومجالاتها، لكن غالبًا لا تخرج عن إطار هذه الأنواع والمصادر الآتية، وتجدر الإشارة إلى أفضلية الدراسات الأولية على الثانوية كما سنرى:

1. الدراسات الأولية (المصادر الداخلية للبيانات)

يُقصد بها عملية جمع البيانات من طرف الشركة بشكلٍ شخصي أو إلكتروني، ومن أمثلتها القيام باستبياناتٍ مباشرة أو إلكترونية حول إحدى منتجاتك أو خدماتك، أو لقاءات شخصية بعدد من العملاء المحتملين أو الفعليين وسؤالهم حول آرائهم وأخذ انطباعاتهم وتدوين تطلعاتهم ورغباتهم. كما تشمل هذه المصادر معدل التحويل ومعدل النقر ومعدلات الوصول إلى صفحات الهبوط وإتمام عملية الشراء، والتفاعلات بالسلب أو الإيجاب مع صفحات المشروع على مواقع التواصل الاجتماعي… وغيرها من الجزئيات التي تسمح بقياس تجربة المستخدم إلكترونيًا.

2. الدراسات الثانوية (المصادر الخارجية)

يمكنك الحصول عليها بالبحث في التقارير الحكومية أو غير الرسمية، والدراسات الأكاديمية الميدانية خاصةً، والمجلات والجرائد والبيانات التي لدى المنافسين بالاطلاع على حجم مبيعاتهم وعملائهم، وهذه المصادر بالرغْم من أهميتها إلا أنها قد لا تكون بديلًا عن المصادر الأولية التي تبقى أكثر دقّة لأنّ تطاق استهدافها أضيق ودائرتها أصغر، أضف أيضا الإنفوجرافيك والمواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية الكبيرة.

الاعتماد على الدراسات الأولية أكثر من الثانوية لا يعني إهمال هذه الأخيرة، بل يُفضل ويُنصح بشدة أن يتم الاعتماد على كِلا المصدرين لإجراء بحث السوق كما ينبغي لتجاوز عقبات تحليل السوق.

طرق تحليل الجَمهور المستهدف

إجراء المقابلات سواء الشخصية أو الافتراضية عن بُعد باستخدام وسائل الاتصال المرئية، ستتيح لك قراءة لغة جسد العميل في أثناء إجابته على هذه الأسئلة، كما ستمنحه مجالًا أكبر للتعبير عن آرائه وتطلعاته أكثر من الدردشة، وكل ما عليك فعله قبل ذلك هو:

  • تحضير الأسئلة

لتكن الأسئلة الموجهة لعملائك أكثر تفصيلًا وتحديدًا، تفاديًا من الحصول على إجابات من قبيل “نعم أو لا” بل إجابات أكثر دِقَّة تحتوي على وجهات نظر ومبررات وأفكار جديدة.

  • اختيار عينة من العملاء

خاصةً أولئك الأكثر ولاءً تجاريًا، لأنهم أكثر معرفة وإحاطة بمنتجات الشركة وخدماتها، ثم تلخيص الإجابات وتصنيفها بعد إجابة العملاء عليها وترتيبها، وأخيرًا استخلاص الأفكار العامة ووضع مخطط للعمل على أساس نتائج تلك اللقاءات الشخصية بعد تحليلها.

  • طريقة المجموعات المركزة

مشابهة لطريقة إجراء المقابلات مع اختلاف واحد هو اختيار العملاء الأكثر خبرة في مجال نشاط الشركة، كأن تكون شركتك متخصصة في إنتاج الكراسي المكتبية فيتم اختيار عينات محددة تتكون من (مهندسي ديكور، موظفين مكتبيين، أطباء العظام والمفاصل… إلخ)، لارتباط هؤلاء بمنتج الكراسي المكتبية، التي يجب عند إنتاجها مراعاة الجانب الجمالي المتمثل في الديكور والجانب العملي المتمثل في تجربة الموظفين المكتبيين والجانب الصحي المتمثل في أطباء العظام والمفاصل، لأنها قد تسبب آلامًا في الظهر والرقبة.

  • استطلاع الرأي

يكون غالبًا إلكترونيًا، تُجرَى استطلاعات الرأي عبر مواقع إلكترونية أو صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك أو انستغرام أو عبر قوائم البريد الإلكتروني. في السابق كان يتم إجراؤها عبر الجرائد والمجلات، وفرق الإحصاء الميدانية. يمكنك الاستعانة بمكتب أو أفراد ذوي خبرة لإجراء عمليات، كالمقابلات الشخصية أو الاستبيانات وغيرها، وهذا قد يكون خيارًا جيدًا في حال عدم امتلاكك للوقت أو الخبرة الكافية.

أهم عقبات تحليل السوق

لن تؤثر عليك بالسلب جميعها، لأنّ وجودها أحيانًا يكون إيجابيًا! نعم كما سمعت وذلك لأنّ تأثيرها لن يكون عليك وحدك بل على منافسيك أيضًا، وهو ما قد يمنعهم ولو مؤقتًا من التوسّع والنمو بسرعة، أي أنها قد تحمي عملك من المنافسة الشديدة، وأهمها:

  • الحاجة لاستثمارات ضخمة جدًا أو طويلة الأجل.
  • الحاجة إلى تكنولوجيات متطورة جدًا، وهنا لا نقصد التقنيات والتجهيزات الرقمية فقط.
  • التكلفة المرتفعة جدًا للتسويق الذي يهدف لتعزيز العلامة التجارية والترويج لها.
  • بعض القوانين المحلية والتراخيص المنظمة للنشاط التجاري ومجال عملك.
  • الحاجة لامتيازات أكبر وأكثر، مثل الوصول لموردين كبار والتعاقد مع موزعين حصريين.

ولأنّ هذه العقبات والحواجز مرتبطة بأداء فريق العمل ونوعية نشاطك التجاري ونمط التسيير الإداري، فيصعب كثيرًا منح نصائح عامة لتجاوزها. لذا النصيحة الوحيدة هي أن تُحاول الاستفادة من هذه العقبات واستثمارها لإيجاد أجوبة مناسبة على كل واحدة منها على حِدة وعدم أخذها بمجموعها أو محاولة تجاوزها كلها دفعةً واحدة!

نموذج القُوَى الخمسة لبورتر

ظهر سنة 1980 على يد “مايكل بورتر” الأستاذ بجامعة هارفرد للأعمال، وفقًا للنموذج يفترض “بورتر” أنّ هناك 5 قُوَى رئيسية تنافسية تمثل كل مجال تجاري تقريبًا، ودور هذا النموذج مشابهًا لاختبار (SWOT) حيث بهذه القوى الخمس يمكن قياس شدة التنافس وجاذبية السوق وحجم الأرباح المتوقعة، وهذه القوى هي:

  • درجة التنافسية: أي عدد المنافسين المباشرين وغير المباشرين، وتأثيراتهم وقدراتهم وإمكاناتهم. وكلما زادت شدة التنافس، انخفضت حظوظ الشركة في السوق والعكس صحيح.
  • حواجز السوق: كلما كانت أكبر وأكثر صرامة، صعُب على الداخلين الجدد للسوق الدخول إليه، وهذا يجعل الشركة في غِنى عن مواجهة منافسين جدد، وبذلك مرونة أكبر وسيطرة أطول. ومثال ذلك، الشروط التي تضعها البورصة أمام الشركات الجديدة الراغبة في إدراجها لتداول أسهمها ورفع قيمتها أمام المستثمرين.
  • عدد الموردين: كلما زاد عددهم انخفضت قوتهم وتأثيرهم على الشركات وأصبحت الشركات أكثر قوة، لوجود خيارات متعددة، على عكس ما إذا كان عدد الموردين أقل من أن تزيد قوتهم ويُصبحون أحد المتحكمين في الأسواق بفرض أسعارهم وشروطهم.
  • تأثير العملاء: كلما كبُرت قاعدة العملاء أصبحوا أقل قدرة على التفاوض وفرض شروطهم. لذا تزيد قوة الشركات وتجعلها أكثر مرونة وقابلية للتحكم في كل شيء يخص العملاء.
  • المنتجات البديلة: على الرغْم من أنها ليست بالضرورة مشابهة لمنتج الشركة الأصلي، لكنها قد تمثل تهديدًا متزايدًا في مرحلةٍ ما، وفي حال كانت مشابهة لمنتجات الشركة ستنخفض قوة هذه الأخيرة كثيرًا، وربما يُصبح وجودها مُهددًا بالكامل.
  • السلطات الرسمية: تُعدّ قوة مؤثرة لكن ليس بشكل مستقل، بل تابع للقوى السابقة التي ذكرناها، وقد أضافها “بورتر” كقوة ثانوية.

بعد أن رأينا أهم محطات كيفية تحليل السوق ودراسة المنافسين، يتبين لنا الأهمية التي تكتسيها هذه العملية الحيوية التي ترتبط بها كثير من العمليات الداخلية والخارجية للشركة، ولعلّ أهم ما ينبغي التركيز عليه عند إجراء بحوث السوق هو “فهم الجَمهور المستهدف” لكونه حجر أساس النشاطات التجارية كلها.

تم النشر في: التسويق الإلكتروني