يرغب الكثيرون من رواد الأعمال والمعلمين والخبراء في تقديم دروس تعليمية، سواءً للجمهور العام أو لجمهور مخصص، لكنهم يواجهون معضلة تصميم محتوى تعليمي جذاب يقدم للمتلقي قيمةً واضحةً، ويدفعه للتفاعل معه، إذ يحفز تصميم المحتوى التعليمي الجذاب دوافع المتعلمين ويثير اهتمامهم. فكيف يمكن تصميم المحتوى التعليمي باحترافية؟ وما هي مبادئ تصميمه؟
جدول المحتويات:
- ما هو تصميم المحتوى التعليمي؟
- مبادئ تصميم المحتوى التعليمي الإلكتروني
- مهارات المصمم التعليمي المحترف
- برامج تصميم المحتوى التعليمي الرقمي
- كيفية تصميم المحتوى التعليمي بفعالية
ما هو تصميم المحتوى التعليمي؟
تصميم المحتوى التعليمي هو عملية إعداد وإنشاء أي محتوى يهدف إلى تعليم جمهور ما شيئًا جديدًا يحقق له القيمة عن طريق حل المشكلات، أو سد الفجوات المعرفية لديه أو إكسابه المهارات. فهو عملية ترتيب وتنظيم وإخراج الدروس والمواد التعليمية لتعزيز استفادة المتعلمين.
قد يأتي المحتوى التعليمي على هيئة حقيبة تدريبية تشمل مواد تعليمية متنوعة، أو دروس تفاعلية عبر الإنترنت، أو مقاطع فيديو، أو مدونات مكتوبة، أو حتى دورات تعليمية مباشرة.
مبادئ تصميم المحتوى التعليمي الإلكتروني
لكي يكون تصميم المحتوى التعليمي فعالًا ويقدم قيمة حقيقية للجمهور، يجب أن يحافظ على مجموعة من المبادئ والأسس التي تضمن تحسين تجارب التعلم، وهي:
1. مراعاة سهولة الاستخدام
يجب أن يكون المحتوى التعليمي سهل الاستخدام ميسور التنقل داخله، حتى ينصب اهتمام الجمهور على المحتوى وليس على فهم كيفية التعامل مع الأداة التعليمية، وأن تتمحور التعليمات والإرشادات داخل المحتوى حول المحتوى نفسه، لا حول كيفية استخدام الأداة.
لذا يجب أن يضع مصمم المحتوى التعليمي في الحسبان أنه ليس كل الجمهور المعرض للمحتوى جمهور رقمي قادر على التعامل بسهولة مع محتوى به قدر من التعقيد. مع الحرص على رسم خريطة توضيحية للمحتوى في البداية، لتسهيل استخدامه من قِبل جميع المتعاملين معه.
2. محتوى تفاعلي يضمن التعلم النشط
أحد مبادئ تصميم المحتوى التعليمي أن يكون تفاعليًا يحفز التعلم النشط، ويثير لدى جمهور المتعلمين الحافز لاستكمال الدروس وفهم المحتوى، فضلًا عن تحفيزه لتفاعل المتعلمين مع بعضهم لتعظيم الاستفادة، ولكي يحقق المحتوى ذلك يجب أن يحتوي على:
- أجزاء تثير تساؤلات وتعليقات المتعلمين.
- مسابقات بسيطة تحفز المتعلمين على المشاركة والتفاعل.
- اختبارات تدريجية في كل مرحلة.
- تساؤلات تحفز التفكير النقدي وتثير فضول المتعلمين.
إضافةً إلى ذلك، يُراعى عند التصميم أن يشتمل المحتوى على مزيجًا من النصوص والرسومات التوضيحية، مثل الخرائط الذهنية والرسوم البيانية، وكذلك مقاطع الفيديو التعليمية والصور والعروض التقديمية. الأمر الذي يُسهِل ويُزيد من استيعاب المتعلمين للمحتوى، ويعزز رسوخه في الذاكرة على المدى البعيد.
3. تقسيم المحتوى وترتيبه
عند تصميم المحتوى التعليمي ينبغي مراعاة تقسيم المحتوى جيدًا وترتيبه منطقيًا، إذ يمكن تقطيع أجزاء الدرس أو المحتوى إلى فقرات صغيرة متماسكة تناقش كل فقرة منها فكرة محددة، مع عدم التشعب إلى مجموعة من الأفكار داخل الفقرة الواحدة، فضلًا عن التقديم لكل جزء جديد في المحتوى بتمهيدٍ يسهل على المتعلم التعامل معه.
كما يجب أن يراعي تصميم المحتوى التعليمي التدرج في تقديم المعلومات والدروس من المستوى السهل إلى الأكثر صعوبةً، حتى يحفز المتعلم ويضمن له انتقال سلس إلى المستوى الأعلى. ويمكن تحقيق ذلك عادةً عن طريق تقديم المفاهيم الأساسية لكل فكرة، ثم الخوض في تفاصيلها مع تقديم الأمثلة والنماذج، إضافةً إلى تقسيم المحتوى إلى فصول صغيرة متدرجة.
4. التركيز على المحتوى وتقليل عوامل التشتيت
يجب أن يركز التصميم على الأفكار الأساسية التي يقدمها المحتوى مع تقليل عوامل التشتت إلى الحد الأدنى، مثل كثرة الصور والمحتوى المرئي الذي لا علاقة له بالمحتوى، وكذلك الموسيقى المصاحبة التي قد تطغى على المحتوى، حتى لا تأخذ هذه المحتويات جزءًا من ذاكرة المتعلم.
كما يجب التركيز بصريًا على المحتوى المهم الذي يمثل المفاهيم الرئيسية للمحتوى، أو المحتوى التعليمي الذي يرتبط بهدف مباشر يحققه، وذلك عن طريق:
- تنسيق كبير للعناوين الرئيسية والفرعية.
- استخدام التنسيق العريض Bold للمعلومات المهمة، أو تمييزها بالألوان.
- عرض المحتوى على هيئة رسوم أو صور يسهل تذكرها.
- إعادة عرضه مرة أخرى في موضع آخر أو مراجعته لتأكيد أهميته.
5. قابلية التطبيق العملي
يتمتع المحتوى التعليمي المصمم جيدًا بقابليته للتطبيق على أرض الواقع من قِبل المتعلمين، فهو محتوى ينقل مهارات أو معارف يحتاج إليها المتعلم، أو يحل مشكلةً له، لذا يجب أن يتميز بإعادة تطبيقه على ممارسات المتعلمين المهنية، وأن يكون انعكاسًا لحاجات ومتطلبات الصناعة أو المجال الذي جاء منه المتعلمون.
6. الاعتماد على المصادر الموثوقة والمعتمدة
عند تصميم المحتوى التعليمي سيجد المصمم نفسه أمام طوفان هائل من الموارد التعليمية التي يمكنه تجهيز مادته منها، لذا ينبغي أن يحرص على اختيار أكثر المصادر موثوقية ودِقة، وأن يحرص على التحقق من جميع المعلومات والأفكار الواردة في المحتوى.
مهارات المصمم التعليمي المحترف
هناك مجموعة متنوعة من المهارات التي يجب أن يتحلى بها مصمم المحتوى التعليمي المحترف، وهي:
فهم عميق لإستراتيجيات التعليم
ينبغي أن يتحلى المصمم التعليمي بفهم عميق لإستراتيجيات التعليم المختلفة ومنهاجه ومبادئه، والاختلافات بين المحتوى المخصص للكبار وذلك الذي يستهدف صغار السن من الأطفال، فضلًا عن احتراف أساليب قياس التعلم وطرق التقييم ووضع الاختبارات. كذلك يجب أن يكون على دراسة جيدة بعلم النفس التعليمي، وكيفية تحفيز المتعلمين وإثارة فضولهم نحو التعلم.
الخبرة في استخدام التكنولوجيا التعليمية
يحتاج المصمم التعليمي إلى إتقان استخدام الأدوات والبرامج المستخدمة في تطوير وإنشاء المحتوى التعليمي، وأن يكون مواكبًا لتطوراتها، فضلًا عن استخدام برامج التصميم الجرافيكي والوسائط المتعددة من عروض تقديمية ومقاطع فيديو، وكذلك برامج تحرير الصور وإنشاء الرسوم المختلفة.
مهارات إدارة المشاريع
تُعَد إدارة المشاريع جزءًا أصيلًا من المهارات التي ينبغي أن يتحلى بها مصمم المحتوى التعليمي، ويشمل ذلك عمليات التخطيط والجدولة والتنسيق ومراقبة الجودة وتكليف المهام، لأنه غالبًا ما يُسند إلى المصمم التعليمي مهمة إدارة مشروع التطوير والتصميم كاملًا.
مهارات تواصل جيدة
هناك حاجة ماسة لتحلي المصمم بمهارات تواصل جيدة، لأن التواصل مع خبراء التعليم والمتخصصين جزء من مهام مصمم المحتوى التعليمي، حتى لا يحيد عن هدف المحتوى، أو يفقد التواصل مع جمهور المتعلمين.
مهارات التفكير الإِبداعي
القدرة على خلق حلول تعليمية مبتكرة وجذابة وفعالة، وتقديم محتوى تعليمي مدعم بأنشطة مبتكرة من سمات المصمم التعليمي المحترف، ولن يتمكن من تحقيق ذلك بفعالية إلا بقدرته على التفكير الإبداعي خارج الصندوق، فعمل المصمم بالأساس هو القدرة على الاحتفاظ بجمهور المتعلمين في حالة تفاعل وتحفيز.
القدرة على البحث العميق
يتحتم على من يرغب في تصميم المحتوى التعليمي امتلاكه مهارات بحث فائقة، حتى يستطيع توفير مواد تعليمية فعالة ومناسبة لأهداف الجمهور وعملية التعلم. كما يجب أن يكون شغفه بالمعرفة لا حدود له، حتى يكون على اطلاع دائم بكل جديد في مجال تصميم المحتوى التعليمي ومجال التعليم نفسه.
مهارات الكتابة الإبداعية واللغة
لا ينبغي لأي مصمم محتوى تعليمي أن تنقصه مهارة الكتابة الإبداعية وإنشاء نصوص ومواد تحفز الجمهور وتصل إليه بأقل الكلمات، فهي مهارة لا غنى عنها لنجاح عملية التعلم. كما أن الكتابة الصحيحة الخالية من أخطاء النحو والترقيم أمر ضروري لاحترام المتعلمين للمحتوى ومنشئه ومقدِّمه.
برامج تصميم المحتوى التعليمي الرقمي
يعتمد مصممو المحتوى التعليمي على مجموعة من البرامج والأدوات لإنشاء وتصميم المحتوى التعليمي الرقمي؛ من نصوص ومقاطع فيديو وعروض تقديمية وصور ورسومات، وهي برامج تحسن من تجربة التعلم عامة، ومنها:
- PowerPoint: أحد تطبيقات مايكروسوفت أوفيس لتصميم العروض التقديمية، لذا يكثر استخدامه في تصميم المحتوى التعليمي.
- Adobe InDesign: يتميز أدوبي إنديزاين بتوفير أدوات متنوعة تجعل من النشر الإلكتروني أمرًا ميسورًا، إذ يُستخدم البرنامج بالأساس لتصميم الكتب والمجلات ومختلف المنشورات الإلكترونية.
- Adobe Captivate: أحد أشهر برامج تصميم المحتوى التعليمي، بما يقدمه من ميزات كثيرة لتصميم وتعديل المحتوى، فضلًا عن قدرته على مساعدة المصممين المبتدئين على التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة.
- Articulate Storyline: تشبه واجهة هذا البرنامج واجهة برنامج Microsoft PowerPoint لكنه يقدم الكثير من المزايا الإضافية، مثل إتاحة العمل المشترك على نفس المشروع لأكثر من شخص، وامتلاكه مكتبة قوالب تصميمية ضخمة تلبي جميع الاحتياجات.
- SoftChalk Cloud: أحد برامج تصميم المحتوى التعليمي، إذ يوفر للمصممين إمكانية إنشاء المحتوى لأي منصة تعليمية أو جهاز، لكنه يحتاج إلى الخبرة في التعامل معه، إذ يتطلب بعض المعرفة البرمجية المسبقة، لكنه يضم أغلب المزايا التصميمية في البرامج الأخرى.
كيفية تصميم المحتوى التعليمي بفعالية
تحتاج عملية تصميم المحتوى التعليمي إلى عدّة خطوات يجب اتباعها، حتى يكون المنتج النهائي فعالًا ومتميزًا ويلبي حاجات المتعلمين، وهي:
1. تحليل احتياجات المتعلمين
تتمثل الخطوة الأولى لتصميم المحتوى التعليمي في تحليل احتياجات المتعلمين الذين يستهدفهم المحتوى، فمن المهم معرفة القدر التعليمي المتحصل لديهم، ومدى مهاراتهم في استخدام ما تعلموه سابقًا، فضلًا عن الفجوات المعرفية لديهم فيما يتعلق بموضوع التعلم، حتى تستطيع تحديد حجم ونوع المعرفة التي يجب أن يكتسبوها.
كما أن معرفة تفضيلاتهم ودوافعهم نحو عملية التعلم أمر مهم يجعلك على المسار الصحيح في تصميم المحتوى، ويمكن الحصول على هذه المعلومات من استمارة استبيان للمتعلمين، أو عن طريق المقابلات الشخصية، أو دراسة سيرهم الذاتية التي قدموها.
2. تحديد الأهداف التعليمية
الأهداف التعليمية من تصميم المحتوى التعليمي هي المهارات والمعارف التي يجب على المتعلمين اكتسابها مع نهاية الدورة التدريبية، والنتائج المرجو تحقيقها مع نهاية كل وحدة أو درس. لذا يجب الحرص على التأكد من موافقة المحتوى التعليمي مع أهداف الدورة التدريبية العامة.
يجب أن تكون الأهداف التعليمية ذكية؛ أي واضحة ومحددة، وقابلة للقياس والتحقق، وذات صلة بالمتعلمين، ومحددة زمنيًا، وأن تُكتب أو تُحدد بأفعال واضحة. على سبيل المثال، سيكون المتعلم في نهاية الدورة قادرًا على:
- فهم مصطلح التسويق الرقمي.
- تحليل عناصر عملية التسويق الرقمي.
- استنباط عوامل النجاح في التسويق الرقمي.
- استيعاب الممارسات الخاطئة في التسويق الرقمي.
3. تصميم هيكل المحتوى
في هذه المرحلة يُعِد المصمم هيكل المحتوى العام الذي اتُفق على تقديمه للمتعلمين، وتنظيمه على هيئة وحدات ودروس رئيسية يتفرع منها عناوين وحدات أصغر، وهنا يجب على المصمم طرح عدد من الأسئلة والإجابة عليها، كونها مفتاح تصميم هيكل المحتوى، مثل:
- كيف يمكنني تقديم هذا المفهوم بفعالية؟
- كيف يمكنني مساعدة كل متعلم على إتقان هذا الهدف؟
- ما هي آلية التحقق من إتقان هذا الهدف لدى المتعلم؟
ثم يبدأ المصمم في وضع المحتوى بتسلسل منطقي متدرج يساعد على الفهم والاستيعاب، ويحقق الأهداف التعليمية المتفق عليها سلفًا.
4. اختيار وسائل التعليم المناسبة
بعد تحديد الأهداف وفهم احتياجات الجمهور والتوافق على المحتوى، تبدأ عملية اختيار الوسيلة أو الشكل التعليمي المناسب الذي سيظهر به كل محتوى في أثناء الدورة، وهي خطوة حاسمة في فاعلية المحتوى واستيعاب الجمهور له، إذ يجب أن يتنوع المحتوى ما بين نصوص توضيحية، ومحاضرات مباشرة، ومناقشات، فضلًا عن عرض الصور والعروض التقديمية والرسوم البيانية.
كما يجب ألا يخلو المحتوى من الأنشطة التفاعلية التي تحفز المتعلمين وتزيد من قدرتهم على الاستيعاب. وعند اختيار الوسائل المناسبة يجب أيضًا الانتباه إلى المتطلبات البرمجية لهذا المحتوى، وهل هي متوافرة لدى المتعلمين أو قاعة التدريب.
5. إعداد وتصميم المحتوى التعليمي
حان الوقت الآن للبدء في تصميم المحتوى التعليمي بطريقة عملية، ويتضمن ذلك تصميم نصوص المحتوى، وإنشاء مقاطع الفيديو والرسومات البيانية والصور، فضلًا عن تصميم الاختبارات التفاعلية وصياغة الأسئلة المباشرة، سواءً التمهيدية منها أو التي تقيس مستوى الاستيعاب للمحتوى.
تتطلب عملية تصميم المحتوى التعليمي امتلاك معرفة قوية بهذا المجال مع مجموعة متنوعة من المهارات؛ بما في ذلك إتقان استخدام البرامج والأدوات المتخصصة. لذا إن لم تكن متخصصًا في هذا المجال، فيمكنك الاستعانة بإحدى خدمات تصميم المحتوى التعليمي التي يقدِّمها مصممو المحتوى التعليمي المحترفين على موقع خمسات، أكبر سوق عربي لبيع وشراء الخدمات المصغرة، لتصميم محتوى جذاب يشد انتباه المتعلمين.
6. تقييم المحتوى وتحسينه
بعد الانتهاء من صياغة وتصميم المحتوى التعليمي؛ يجب اختباره على مجموعة من المتعلمين قبل إطلاقه أو استخدامه رسميًا، وذلك من أجل اكتشاف العيوب والمشكلات فيه، كما يمكن عرضه على المتخصصين والخبراء لتلقي التعليقات التي تساعد على تحسين المحتوى وتطويره.
لا تتوقف عملية تحسين المحتوى التعليمي وتطويره، إذ ينبغي للمصمم بعد تلقي التعليقات على محتواه البدء في التحسين والتعديل، كما أن المصمم المحترف دائم التطوير لمحتواه وفقًا للتغييرات في المنهج الدراسي، حسب أهداف التعلم أو حاجات الجمهور أو لمواكبة أحدث الأدوات التقنية في مجال التصميم.
يعزز تصميم المحتوى التعليمي باحترافية من استيعاب جمهور المتعلمين له، ويساعد على نجاح الدورة التدريبية وتحقيق أهدافها، وهو ما يتطلب جهدًا وخبرات متراكمة في التصميم أو إسناد الأمر إلى المتخصصين القادرين على إخراج المحتوى بأفضل صورة.
تم النشر في: سبتمبر 2023
تحت تصنيف: التصميم | تدريب عن بعد، تصميم جرافيك