يعتمد كثيرٌ من الناس في صناعة المحتوى المرئي والمسموع على العديد من المؤثرات والإضافات الصوتية التي تُدمج مع المحتوى الأساسي لإضفاء تجربة أكثر واقعية وأكثر تأثيرًا على المحتوى النهائي الذي يصل إلى الجمهور، كما تسهم في إضافة طابع شخصي ورؤية مميزة للعمل الفني.
ومن أبرز هذه المؤثرات ما يسمى بالمؤثرات الصوتية Sounds Effects، التي تعتمد على دمج عدة أصوات مع المحتوى الأساسي لزيادة الواقعية والتأثير، ويستخدم هذا النوع من المؤثرات على نطاق واسع، سواء أكان في المحتوى التفاعلي مثل إنتاج الفيديوهات والمقاطع الصوتية Broadcasts، حتى الإنتاج الفني والسينمائي بأنواعه، إضافةً إلى استخدامها في ألعاب الفيديو أو الفيديوهات التعليمية، أو الفيديوهات الدعائية والإعلانية وغيرها.
ما هي المؤثرات الصوتية؟
هي أصوات اصطناعية يتم تصميمها والتعديل عليها بحيث تعطي شعورًا بالواقعية عند دمجها مع المكونات الأخرى للعمل المرئي أو المسموع، مثل صوت هطول المطر أو الرعد، أو ضوضاء الناس في الشارع، أو فرامل السيارة أو دوي القنابل في الأفلام الحربية وغيرها.
وهذه الأشياء بالرغْم من أنها موجودة في الطبيعة إلا أنه لا يمكن استخدامها لضعف الجودة، مما يتطلب التعديل عليها أو صنعها من البداية كاملًا، وليست جميع المؤثرات الصوتية تُصنّع، ولكن هناك أصوات يتم تسجيلها واستخدامها في وقت لاحق لصعوبة الحصول عليها في الكثير من الحالات، مثل الأصوات في الحياة البرية التي يتطلب تصويرها بالجودة المطلوبة الانتظار أيامًا واستخدام مُعِدَّات خاصة، لذلك تسجّل وتخزّن في مكتبات صوتية خاصة لاستخدامها كلما اقتضت الحاجة.
ولا يخلو أي عمل مهما كان منها، سواء في المحتوى الرقمي على مواقع التواصل الاجتماعي أو المحتوى الفني، وبالأخص المحتوى المسموع مثل البودكاست والإذاعة، إذ إنها مختصة بالسمع، لذلك يُتعامل مع هذا النوع من المؤثرات باحترافية عالية واهتمام بالغ.
كذلك تُستخدم بكثرة في ألعاب الفيديو، نظرًا للطبيعة التفاعلية لهذه الألعاب، فلا بد أن تكون لكل خطوة يخطوها اللاعب معادل صوتي، حتى تصبح اللعبة أكثر تفاعلية وواقعية وإثارة، وتعتمد جودة اللعبة في كثير من الأحيان على جودة هذه المؤثرات وطريقة عرضها.
كيف تكون صناعة المؤثرات الصوتية؟
تنتج المؤثرات الصوتية بواسطة أشياء بسيطة موجودة حولنا في الطبيعة، ثم يعدلها مهندسو الصوت باستخدام برمجيات ومعدات خاصة. على سبيل المثال، يتم إنتاج صوت الرعد بواسطة احتكاك قطع الصفيح ببعضها، وقد جمع تقرير لصحيفة BBC بعض الأمثلة لصناعة المؤثرات الصوتية في العديد من الأعمال السينمائية العالمية، والتي صُنعت فيه الأصوات من أبسط الأشياء.
ومن الأمثلة المذهلة للمؤثرات الصوتية، ما اُستخدم في فيلم الفضاء الشهير Star trek، إذ صنع صوت أبواب المركبة الفضائية “إنتربرايز” عن طريق احتكاك ورقة مظروف، وغيرها الكثير من الأمثلة المذهلة لصناعة المؤثرات الصوتية بأبسط الإمكانات. والآن ثمة مكتبات كاملة تضم كافة المؤثرات الصوتية التي يمكن أن تحتاجها في إنتاج أي عمل مهما كان، والكثير منها مجاني ويستخدم كمشاع إبداعي لصناع المحتوى وألعاب الفيديو وغيرهم.
ما هي فوائد استخدام المؤثرات الصوتية؟
لا يمكن الاستغناء عن استخدام المؤثرات الصوتية تقريبًا في إنتاج أي محتوى مرئي أو سمعي، بدءًا بالأعمال السينمائية العالمية، حتى خدمات التعليق الصوتي وألعاب الفيديو وغيرها، وذلك نظرًا للحاجة الكبيرة لاستخدامها، لما تضفي من مميزات وتأثيرات تجعل المحتوى واقعي وتفاعلي ومسلي أكثر، ويمكن تلخيص الحاجة للمؤثرات الصوتية فيما يلي:
1. صعوبة الحصول على الأصوات الطبيعية
من الصعب جدًا تسجيل الموسيقى التصويرية بشكلها الطبيعي بالجودة المطلوبة، فلا يمكن مثلًا تسجيل صوت أقدام الأحصنة في مضمار السباق بالنقاء والجودة التي تجعلها مناسبة لدمجها مع الأعمال الفنية، كما أنه من الصعب جدًا الحصول على أصوات من البيئة بشكل واقعي، إما لعدم وجود هذه الأصوات في البيئة المحيطة أو لصعوبة تسجيلها، مثل تدافع الفيلة في الغابات.
لذلك يستغنى عن هذه الأصوات وتسجل أصوات اصطناعية معدلة، وقد تم ابتكار العديد من الأساليب والحيل لإنتاج ومحاكاة الأصوات المختلفة. على سبيل المثال، يمكن إنتاج صوت المطر عن طريق تحريك البازلاء المجففة في صندوق خشبي، أو إنتاج صوت الخيول عن طريق تحريك قشور جوز الهند على سطح صلب، ويتم معالجة هذه الأصوات والتعديل عليها باستخدام أدوات خاصة مثل برامج تحرير الصوت، حتى تصل للشكل الذي نسمعه في الأعمال الفنية المختلفة.
2. زيادة الواقعية والتأثير على الجمهور
تُعدّ من أهم وأقوى الوسائل التي يمكن من خلالها التأثير في الجمهور بشكل أو بآخر، فهي ترفع إحساسه بالمشهد وتزيد من الواقعية والتأثر، وتحرص على حصول المشاهد على التجربة الكاملة من وراء العمل الفني، ويعتمد نجاح مشهد في أن يكون دراميًا أو عنيفًا أو رقيقًا أو حزينًا على الصوت اعتمادًا كليًا.
وهذا ما أثبتته الدراسات الإعلامية والسينمائية المختلفة، ففي كتاب هندسة الجمهور يتناول الكاتب أهم وسائل التأثير في المشاهد، والتي منها استخدام المؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية لإثارة العواطف المختلفة لدى الجمهور وزيادة تأثره بالمشهد. ولذلك لا يخلو منها عمل فني أو سينمائي، بل أصبحت تُستخدم هذه المؤثرات بشكل واسع في عمليات التسجيل والتعليق الصوتي وإنتاج الكتب الصوتية بما يتناسب مع المحتوى، لجذب انتباه المستمع ووضعه في مِزَاج ملائم للمحتوى المقدم.
3. ألعاب الفيديو
تُعدّ ألعاب الفيديو المختلفة من أبرز وأهم المجالات التي تتجلى فيها أهمية المؤثرات الصوتية، وتستخدم على نطاق واسع باحترافية وجودة مرتفعة، وذلك لأن هذه المؤثرات تعد جزءًا أساسيًا من تجربة المستخدم في هذه الألعاب، وتقاس جودة الألعاب بجودة الموسيقى التصويرية والمؤثرات المرئية والمسموعة في هذه اللعبة، وتضفي المؤثرات الصوتية مزيدًا من الحماس للاعب، وتزيد من شعوره واندماجه داخل اللعبة. وكلما استخدمت هذه المؤثرات بشكل أكثر احترافية، كانت اللعبة أكثر واقعية وأكثر متعة وإثارة بالنسبة للاعبين.
4. الإعلانات التجارية
تُستخدم هذه المؤثرات بشكل ملحوظ في إنتاج الفيديوهات الدعائية والإعلانية، وذلك لأن هذه الإعلانات تعتمد على جذب انتباه المشاهد لأطول فترة ممكنة. وهي إلى ذلك، تساعد في إثارة الذاكرة السمعية والصوتية لدى المشاهد، مما يساعده على تذكر العلامة التجارية بصورة أفضل، لذلك يمكننا ملاحظة أن الغالبية العظمى من الإعلانات تحتوى على موسيقى، أو أغنية مميزة تجذب انتباه المشاهد فور سماعها.
ما هي أنواع المؤثرات الصوتية؟
تتعدد أنواعها وتختلف فيما بينها طبقًا لمصادرها وطرق تصميمها أو الحصول عليها، وهناك عدة أنواع رئيسية تندرج تحتها كافة المؤثرات الصوتية المستخدمة، وهي ما يلي:
المؤثرات الصوتية الحية (البشرية أو الحيوانية)
وهي المؤثرات المأخوذة من كائنات حية مثل: صوت الصراخ أو البكاء أو صياح الديك أو زئير الأسود وغيرها، حيث يتم تسجيل هذه الأصوات بطرق خاصة والتعديل عليها لرفع جودتها، ثم وضعها في مكتبات صوتية لتستخدم بعد ذلك.
المؤثرات الصوتية الطبيعية
وهي المؤثرات التي تؤخذ من أصوات الطبيعة والبيئة المحيطة، مثل صوت الرعد أو هطول المطر أو صوت طلقات الرصاص أو اصطدام سيارة وغيرها. وبعض هذه المؤثرات يمكن أن يتم صناعتها أيضًا، إذا وجد المصممون صعوبة في تسجيلها طبيعيًا.
المؤثرات الصوتية الصناعية
وهي المؤثرات التي يتم صناعتها كاملًا، إما باستخدام البرمجيات الخاصة بالصوت أو بدمج عدة أصوات مع بعضها للحصول على صوت جديد، كما يحدث في ألعاب الفيديو. ومن الممكن أيضًا أن يتم صناعتها بشكل يدوي باستخدام الأدوات المحيطة بنا، مثل صناعة صوت الرعد بالطرق على الصفيح، وغيرها من الوسائل الأخرى.
كيف يمكنك استخدام المؤثرات الصوتية؟
تبدأ عملية استخدامها بالبحث عن الأصوات المناسبة للمحتوى الذي نقدمه، ويمكن الحصول على هذه الأصوات بواسطة البحث عبر مكتبات عدّة على الإنترنت، مثل مكتبة اليوتيوب التي تقدم مجموعة متنوعة من المؤثرات الصوتية لصناع المحتوى بشكل مجاني، كما توجد مكتبات مدفوعة. ويمكنك شراء المكتبة كاملة أو جزء منها أو دفع اشتراك شهري لاستخدام المحتوى، ولا يزال بإمكانك تصميم مؤثراتك وأصواتك الخاصة.
بعد ذلك، تأتي مرحلة التعديل على الأصوات والمؤثرات المختلفة، مثل الدمج أو تعديل الجودة، أو رفع درجة الصوت أو تخفيضه وغيرها من التأثيرات المختلفة، التي تتم باستخدام برامج التعديل على الصوت. وتتطلب هذه البرامج الاستعانة بالمتخصصين، إما بدوام كامل أو مستقلين بواسطة منصات العمل الحر مثل منصة خمسات، التي تتيح لك توظيف العديد من المتخصصين الذين يقدمون خدمات متعددة في معالجة الأصوات والتعامل مع المؤثرات الصوتية.
في النهاية، تأتي مرحلة دمج هذه المؤثرات مع المحتوى، وذلك من خلال برامج المونتاج المختلفة، وتدمج الأصوات مع الفيديو بشكل منفصل على أجزاء، ثم تجميعها مرة أخرى بحيث يصل العمل في النهاية إلى الشكل الذي يراه الجمهور ويسمعه. ويمكنك أيضًا من خلال منصة خمسات، توظيف المستقلين المحترفين في خدمات المونتاج وتصميم الفيديوهات المختلفة.
ختامًا
المؤثرات الصوتية هي جزء من رؤية القائمين على العمل الفني، وهي تساهم في إيصال الصورة الكاملة للجمهور، ولا تقل أهمية الصوت عن أهمية المشهد المرئي في توضيح الرؤية والفكرة التي يرغب القائمون على المحتوى في إيصالها للجمهور المستهدف. فأنت لا تعمل فقط على صنع محاكاة بين المشهد المرئي والصوت المصاحب له، ولكنك تعمل أيضًا على إيجاد تناغم بين ما يراه المشاهد وما يستمع إليه، مما يساهم في تقديم تجربة متكاملة للجمهور، وفي كثير من الأحيان يكون الصوت هو العامل الأهم في جعل هذا العمل الفني جديرًا بالمشاهدة.
تم النشر في: فبراير 2022
تحت تصنيف: التصميم | تصميم فيديو، صوتيات
جيد