صناعة الرسوم المتحركة: كيف تدخل مجال الرسوم المتحركة؟

من منا لم يعشق في طفولته مشاهدة مسلسلات الرسوم المتحركة، لقد أمضينا في متابعتها لحظات ظلت عالقة في الأذهان، غير أن هذا العشق سرعان ما أخذ شكلًا آخر لدى البعض. فإذا كنت شغوفًا بتعلم صناعة الرسوم المتحركة (Animation industry) فأنت هنا في المكان الصحيح. في السطور القادمة، سنرسم لك مسارًا واضحًا يؤهلك للعمل في هذا الميدان الواعد بعد التعرف على المهارات والوسائل الواجب توفرها للانضمام لهذا العالم السحري.

جدول المحتويات:

ما هي صناعة الرسوم المتحركة؟

صناعة الرسوم المتحركة هي عملية تحويل مجموعة من الرسومات الساكنة إلى مقاطع فيديو متحركة، إنها عملية خداع بصري تعمل على جعل الرسومات الثابتة متحركة، وهو ما يمكّن من إنتاج مقاطع فيديو شيقة. وإذا كانت البدايات الأولى لهذا الفن قد اتسمت بالبساطة، فإنها أصبحت في الوقت الحالي أكثر تطورًا و تعقيدًا رغم أنها حافظت على مبدأها الأساسي الذي يتجلى في تحريك ما هو ثابت لتبقى العملية في جوهرها مجرد خداع بصري.

تاريخ صناعة الرسوم المتحركة

قد يعتقد البعض أن صناعة الرسوم المتحركة حديثة العهد، غير أن الحقيقة ليست كذلك فمنذ الحضارات القديمة المصرية والإغريقية كانت هناك عدة محاولات لتجسيد فكرة الرسوم المتحركة وتجلى ذلك في القيام برسم عدة مشاهد متتالية للتعبير عن فكرة أو معتقد ما.

بدأ عدد من الرواد في إنشاء أفلام الرسوم المتحركة أوائل القرن العشرين، ففي سنة 1914 أُنتج أول فيلم للرسوم المتحركة تحت عنوان (الديناصور)، ثم توالت محاولات التطوير، إذ تمكنت “والت ديزني” من إحداث طفرة كبيرة في هذا المجال من خلال إدخال الصوت على هذه الأفلام.

ونتيجة لهذه التطورات أنتج أول فيلم طويل للرسوم المتحركة سنة 1928، الذي روى قصة (بيضاء الثلج) في حين شهدت سنة 1937 إنتاج الفيلم الكرتوني (الأقزام السبعة). أما على مستوى التقنيات والوسائل المستخدمة في صناعة الرسوم المتحركة فقد شهدت بدورها تطورًا كبيرًا خصوصًا بعد بدء الاعتماد على أجهزة الكمبيوتر بعدما كان العملية تتم بشكل يدوي.

تطور تقنيات صناعة الرسوم المتحركة

كما أشرنا إلى ذلك في الفقرة الأولى، حافظت الرسوم المتحركة على مبدأها الأصلي والأول من خلال التقنية القائمة على خداع البصر بتحريك الصور الثابتة، رغم ذلك تعددت أشكال صناعة الرسوم المتحركة و يمكن أن نحصر أهمها في:

1. الطريقة الكلاسيكية

صناعة الرسوم المتحركة بالرسوم اليدوية، وتعد هذه الطريقة الأقدم على الإطلاق، وقد امتدت هذه التقنية بين 1914 و1967 كما أنها تتسم بالبساطة إذ تعمد إلى رسم كل المشاهد يدويًا، واحدة بعد أخرى، ثم الانتقال إلى تمريرها فوق خلفية ثابتة وهو ما يمنحها عنصر الحركية. وبالرغم من تغيّر التقنيات المستخدمة في الرسم فإن المبدأ الأساسي لم يتغير،كما لا يزال بعض الرسامين يفضلون الورق وأقلام الرصاص على استخدام الوسائل العصرية.

2. ثورة الحاسوب

خلال هذه المرحلة التي امتدت من 1967 إلى أواخر القرن العشرين، أصبحت صناعة الرسوم المتحركة تعتمد على الحاسوب بشكل كبير، فأصبح من الممكن الحصول على رسومات أكثر جمالية بمجهود أقل إلى جانب السرعة في الإنتاج. وتتميز هذه الطريقة بإمكانية تحريك الرسومات الأساسية اعتمادًا على برامج الكمبيوتر دون الحاجة إلى إعادة رسم المشاهد بكل التفاصيل.

3. الحركة ثلاثية الأبعاد

يعد هذا النوع الأكثر انتشارًا في الوقت الحالي، وعلى عكس الطرق الكلاسيكية القائمة على تتابع تحريك الرسومات، يتم اللجوء في هذه التقنية باستخدام بعض برامج الكمبيوتر لجعل الشخصيات تتحرك، حيث يقوم البرنامج بتسجيل كل حركة لتوليد مشهد متكامل. وقد أدى تطور برامج الكمبيوتر إلى ظهور ما أصبح يعرف بالموشن جرافيك التي أصبح الاعتماد عليها كبيرًا في المجال الإعلاني.

أهم برامج صناعة الرسوم المتحركة

مع التطور التكنولوجي السريع، أصبحت عملية صناعة الرسوم المتحركة ممكنة بأكثر من وسيلة وبرنامج، وذلك حسب المستوى ودرجة الاحترافية، غير أننا سنركز هنا على استعراض أهم البرامج المجانية والمدفوعة التي يمكن لكل مبتدأ وشغوف بهذا المجال البدء بها:

Adobe Character Animator

يُمكّنك هذا البرنامج من تحريك الشخصيات إلكترونية بسهولة ويسر، ما عليك سوى استيراد الشخصية التي ترغب في تحريكها ثم البدء في جعلها تتحرك بفضل الأدوات التي يتوفر عليها البرنامج، ومن الميزات الأساسية فيه هي خاصية المزامنة التلقائية، فبعد تشغيل جهاز الكاميرا الخاص بك يمكن للبرنامج تحريك ملامح الوجه بالطريقة التي تفعلها في الواقع، يشبه الأمر نسخ تعابير وحركات الوجه على الشخصية.

Cartoon Animator 4

يناسب هذا البرنامج المبتدئين والمحترفين على حد سواء، ويتوفر على أداة إعادة تشكيل العظام كما يسمح بالتحكم في الشخصيات من خلال مزامنة الصوت وتعابير الوجه مع الرسوم. إلى جانب هذا، يتوافق البرنامج مع الفوتوشوب وهو ما يعني إمكانية تصدير واستيراد الملفات. ومن الأشياء المميز في هذا البرنامج توفره على قوالب و حركات جاهزة.

Stop Motion Studio

يسمح هذا البرنامج بإنشاء مقاطع الفيديو الخاصة بإيقاف الحركة بكل سهولة، فهو يسمح بتحريك الصور من خلال مقاطع فيديو منفصلة، ثم يقوم لاحقًا بتجميعها للحصول على مقطع فيديو متحرك.

DigiCel FlipBook

يعد برنامج  DigiCel FlipBook من أسهل البرامج في صناعة الرسوم المتحركة ثنائية الأبعاد، إذ يسمح بصناعتها عبر الطرق التقليدية من خلال إمكانية مسح سلسلة من الرسوم اليدوية وتحريكها، كما يسمح للمستخدمين بالرسم على الكمبيوتر بالفأرة فقط والكثير من المزايا الأخرى.

Toon Boom Harmony

بالرغم من أن Toon Boom Harmony برنامج احترافي لصناعة الرسوم المتحركة غير أنه يمكن استخدامه من طرف المبتدئين أيضًا، فهو يسمح بتحقيق نتائج جد ممتازة بفضل الأدوات التي يوفرها، إلى جانب بساطة الخطوات الممكن اتباعها من أجل إنجاز مشهد متحرك.

Blender

هو عبارة عن برنامج مجاني مفتوح المصدر، غير أنه يتوفر على مجموعة من الأدوات التي تعتمد عليها البرامج المدفوعة، على العموم يمكن الاعتماد عليه بشكل كبير كمصدر رئيسي للتعلم و دخول مجال صناعة الرسوم المتحركة.

أهم مراحل صناعة الرسوم المتحركة

لا تعد صناعة الرسوم المتحركة عملية سهلة، لكن رغبتك في تحويل قصصك الخاصة إلى عمل كرتوني تحتاج إلى بعض العناء من أجل الحصول على أفضل النتائج، اليك ما ينبغي القيام به:

أولًا: مرحلة ما قبل الإنتاج

إذا كنت مبتدئًا فأول ما يمكنك القيام به هو اختيار قصة بسيطة لا تحتاج إلى رسومات معقدة تستنزف الكثير من الوقت والمجهود، ضع في حسبانك أنه كلما كانت القصة بسيطة، كان العمل أسهل. واختيار قصة قصيرة وبسيطة لا يعني أن تكون خالية من الجمالية أو ألا تتضمن أي رسالة واضحة.

احرص أيضًا على أن يكون سيناريو رسومك المتحركة مناسبًا للفئة العمرية التي تستهدف بها هذا العمل، عليك التركيز على كتابة القصة بأسلوب واضح وشيق، قد تكون ذات طابع ترفيهي أو قد تحمل رسالة وقيمة إنسانية تريد تبليغها.

يمكن القول إن هذه الخطوة ذات أهمية كبرى لكونها ترسم مسار عملية الإنتاج بشكل منظم ومحكم وهو ما يعني تجنب العشوائية والارتباك في أثناء القيام بعملية الإنتاج. إلى جانب هذا، ينبغي توفير وسائل الإنتاج ووضع مخطط زمني واضح ومضبوط.

ثانيًا: في أثناء الإنتاج

خلال هذه المرحلة نشرع في تحويل الأفكار السابقة إلى واقع ملموس، إذ ينطلق العمل في إنتاج الفيلم الكرتوني حسب قصته وموضوعه، مع الحرص على القيام بكل التعديلات اللازمة للحصول على أفضل النتائج. نشير هنا، إلى أن مرحلة الإنتاج قد تستغرق سنوات وليس أسابيع فقط، لكن بالنسبة لشخص في بداياته الأولى ينبغي الحرص على القيام  بأعمال لا تتجاوز بضعة أيام.

كما أشرنا إلى ذلك سابقًا، تتعدد طرق صناعة الرسوم المتحركة ما بين الكلاسيكية المعتمدة على الرسومات اليدوية أو من خلال الاعتماد على أجهزة الكمبيوتر. اختر ما تراه مناسبًا لك حسب قدراتك المهارية والإمكانيات المتوفرة. وعليك اختيار ما تجد في نفسك القدرة على العطاء فيه بشكل أفضل.

بعد هذا يمكنك الانتقال إلى مرحلة الصوتيات حيث تشرع في إضافة المؤثرات الصوتية وتسجيل أصوات أبطال القصة حسب خصوصية كل لقطة أو مشهد، تجدر الإشارة إلى أن التعليق الصوتي عملية مهمة تضفي على العمل قدرًا من الإحترافية و المتعة، لذلك احرص على تسجيل كل الأصوات في مكان هادئ و منعزل بعيدًا عن أي ضوضاء أو صدى.

ثالثًا: مرحلة ما بعد الإنتاج

لا تنتهي صناعة الرسوم المتحركة بمجرد الانتهاء من إعدادها. لذلك، حاول الترويج لعملك اعتمادًا على شبكات التواصل الاجتماعي لتوسيع قاعدتك الجماهيرية، كما يمكنك عرض وبيع خدماتك من خلال مواقع العمل الحر وعلى رأسها خمسات، هو ما سيفتح أمامك الكثير من الآفاق.

وفي خطوة لاحقة يمكنك إنشاء موقع إلكتروني خاص بك ليكون بوابة نحو  أعمالك. إذ ينبغي العمل على متابعة حجم النجاح ومدى تحقق الأهداف الموضوعة وهو ما يمكن من تقييم المنتج النهائي مما يسمح باتخاذ إجراءات تساهم في عدم  تكرار الأخطاء التي يمكن مواجهتها.

كيف تدخل مجال صناعة الرسوم المتحركة؟

إن كانت لديك رغبة كبيرة في دخول مجال صناعة الرسوم المتحركة فيجب عليك محاولة الالتزام بما يلي:

  • الحرص على التعلم فهناك العديد من المواقع و القنوات التي تضع بين يديك عالم صناعة الرسوم المتحركة.
  • اختيار البرنامج المناسب فكما تمت الإشارة إلى ذلك سابقًا هناك برامج مدفوعة وأخرى مجانية، عليك اختيار ما يناسبك وذلك حسب الميزانية المتوفرة وقوة جهاز الحاسوب.
  • تقليد صناعة بعض المقاطع القصيرة التي لا تتجاوز نصف دقيقة، فالأمر يحتاج إلى الكثير من الجهد والتركيز.
  • الترويج لعلامتك التجارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي حتى يتعرف الناس على طبيعة المحتوى الذي تصنعه.
  • بيّع خدماتك على المواقع العمل الحر ستجد أمامك فرصًا ذهبية يمكنها أن ترفع مستواك بشكل جيد وتعينك على الاحترافية أكثر.
  • تطوير نفسك عليك بالبحث المستمر والمتواصل حتى تبقى على اطلاع بكل المستجدات التي يعرفها هذا المجال الواعد.
تم النشر في: تصميم فيديو