لماذا ينبغي التنبؤ بالمبيعات؟

تسيير أي مؤسسة أو شركة ينطوي على مجموعة خطوات مدروسة وأساليب تتنوع من شركة لأخرى، وتختلف حسب المدارس الاقتصادية والإدارية، لكن في العموم، لا اختلاف حول كون التنبؤ بالمستقبل أهم هذه الخطوات إلى جانب التخطيط الاستراتيجي والتنسيق والتقييم والرقابة. ولسنا نبالغ حين نقول إن التنبؤ بالمبيعات قد يكون الأهم بينها على الإطلاق وأولها، لأن على أساسه تُرسم توجهات المؤسسة وخططها وسياساتها.

جدول المحتويات:

ما التنبؤ بالمبيعات Sales Forecasting

المبيعات هي واجهة المؤسسة وأهم وظائفها سواء كانت شركة ناشئة أو متوسطة أو كبيرة. لذا، فإنّ أهمية التنبؤ بالمبيعات تنبع من ذلك، أما منهجية التنبؤ بالمبيعات هي من تتغير حسب حجم الشركة ومدى انتشارها، وغيرها من العوامل المتغيرة. فحسب نظرية قرارات الترضية للاقتصادي وعالم الحاسوب الأمريكي “هربرت سايمون” فإن الإنسان الذي هو العنصر المُسير للمؤسسة، يتخذ قراراتٍ تجمع بين المثالية والواقعية ويميل أكثر لعدم المخاطرة فيما يتعلق بالمستقبل. إذًا، ما هو التنبؤ بالمبيعات؟

والتنبؤ بالمبيعات -الذي يسمى أيضًا بـ تقدير المبيعات أو التنبؤ الاقتصادي- هو عملية توقع مستوى حجم المبيعات بعد مدة محددة، باستخدام خطوات منطقية، إمّا أساليب فنية تخضع للحدس والحكم الشخصي، أو أساليب علمية تضم طرقًا رياضية وتحليلية، أو كليهما معًا.

بالتالي، فإن التنبؤ بالمبيعات سلوك إداري اقتصادي لا يمكن أن تستغني عنه أي مؤسسة ذات نشاط تجاري، وإلا أصبح مستقبل الأعمال غامضًا ومجهولًا. والمبيعات هنا لا يُقصد بها فقط السلع والمنتجات أو الأمور المحسوسة، بل يمكن أن تكون مبيعات إلكترونية أو خدماتٍ أو غير ذلك مما تقدمه المؤسسة من قيمٍ مُضافة لعملائها، وهذا من أبسط تعريفات إدارة المبيعات.

أنواع التنبؤ بالمبيعات المستقبلية

تستهدف خطوات التنبؤ بالمبيعات المتوقعة مراحل زمنية مختلفة، والأكثر شيوعًا بالنسبة لـ شركة ناشئة مثلًا، هو أن يكون تقدير المبيعات للسنوات الثلاثة القادمة أو لسنة على الأقل، أما المشاريع الصغيرة جدًا فقد يكون التنبؤ أسبوعي أو شهري أو نصف سنوي.

والشركات الأكبر تستهدف إدارة المبيعات أحيانًا لعقود لاحقة، 10 سنوات إلى 20 سنة أو أكثر، وذلك نظرًا للإمكانيات البشرية والمادية والتكنولوجية التي تملكها، إضافةً إلى تملكها جزءًا من السوق الذي تنشط فيه ولكثرة المستثمرين فيها وأهمية بعض المفاهيم الاقتصادية لها مثل، الثقة وانخفاض مؤشرات الخطر الاقتصادي.. إلخ. وعليه فإنّ:

  • تقلب السوق وتذبذب العرض والطلب باستمرار قد يدفع صاحب القرار للتنبؤ قصير المدى الذي لا يتجاوز سنة واحدة أو أقل بكثير، وهذا خاصٌ أكثر بالشركات المصغرة أو الناشئة.
  • نوع المواد الخام أو الأولية المطلوبة للإنتاج الذي يؤثر على اتخاذ قرار التنبؤ طويل المدى، نظرًا لارتفاع تكاليف الإنتاج وضخامة البنية التحتية لمثل هذه المصانع، وتفاديًا للوقوع في أي مفاجأت في المستقبل القريب، مثل انهيار أسعار البترول بالنسبة للشركات المرتبطة بالمحروقات.

أهمية التنبؤ بالمبيعات

ببساطة، تؤثر عملية التنبؤ بالمبيعات في تحديد الخطوات اللاحقة التي ينبغي القيام بها على عدة مستويات، وتسمى بعملية صنع القرار، إذ يُعد تقدير حجم المبيعات، النشاط الأساسي في المؤسسة الذي تتفرع منه كافة النشاطات على كافة الأصعدة، وأهمها:

1. الإنتاج والتوزيع

على أساس تقدير المبيعات وتوقع حجم الطلب على ما تقدمه المؤسسة سيتم وضع تخطيط الإنتاج المناسب والمتكامل. على سبيل المثال، تقدير حجم المواد الأولية وتكاليف اليد العاملة والمدة الزمنية المتوقعة لنفاد المخزون، وتحديد حجم العرض الواجب توافره مقابل نسبة طلبٍ محددةٍ. أضف إلى ذلك، معرفة هل ينبغي الاهتمام بالمنتج المستقل أو التابع؟ وهل ينبغي تعزيز نقاط بيع محددة بمنتجات أكثر من أخرى لِتوقع ارتفاع نسبة الطلب فيها؟

2. التسويق

بعد تحديد احتياجات السوق وخطة الإنتاج يأتي الدور لوضع خطة تسويقية مناسبة لمشروعك التجاري، التي لن تكون دقيقة بدون إجراء عملية التنبؤ الاقتصادي. فوضع خطة مناسبة للإشهار، أو الحفاظ على الاستراتيجية الحالية للتسويق أو إضافة عناصر جديدة للتسويق تتماشى مع التقديرات المستقبلية، كلها عوامل مهمة لإيجاد الأسلوب الترويجي الأمثل، وطبقًا لهذه العلاقة بين البيعي والتسويقي ينشأ مفهوم البيع التسويقي.

3. تحديد الأولويات

التنبؤ بالمبيعات المستقبلية سيُحدد أولوية إدارة علاقات العملاء من خلال معرفة مَنْ يشتري أكثر أو من ينبغي التعامل معه بصورة أوسع لـ إيلائه مزيدًا من الاهتمام ومنحه الأولوية من بين العملاء الآخرين. كذلك الحال بالنسبة لتحديد الأشهر والأوقات التي ينبغي التركيز عليها، بفضل التنبؤ بأكثر الأوقات مبيعًا سواءٌ أكانت موسمية أو كانت متواصلة.

  • أمثلة على التنبؤ بالمبيعات لمصنع مكيفات الهوا

من الطبيعي أنّ المبيعات تميل للانخفاض في فصل الشتاء والخريف بسبب برودة الطقس وبالتالي ينبغي التركيز أكثر على موسم الصيف والربيع.

  • مثال على إدارة علاقات العملاء وعلاقتها بالتنبؤ بمبيعات المؤسسة

منطقة محددة أو مجموعة عملاء دائمين يشترون منتجًا ما بشكل منتظم، وعملاء آخرون لديهم تذبذب في الشراء ونقص في الولاء للعلامة التجارية. فمن البديهي الاهتمام أكثر بالعملاء الأوائل وتحفيزهم أكثر للشراء من خلال العروض الخاصة بهم للمحافظة عليهم بدلًا من بذل جهد في اكتساب عملاء محتملين آخرين ربما لا تجذبهم المنتجات أبدًا.

  • تعزيز علاقة الشركة بالموردين والشركاء

تزويد هؤلاء بتقرير الشركة عن توقعات المبيعات يعزز الثقة بين الموردين أو الشركاء، ويجعل التعامل شفافًا ويمنح امتيازات وتخفيضات للشركة باعتبار الموردين أحد المستفيدين أيضًا من هذه المعلومات الدقيقة بشكل مجاني، والأمر نفسه ينطبق على المستثمرين.

عوامل تؤثر على دقة التنبؤ بالمبيعات

هناك عدة مؤثرات داخلية وخارجية لها علاقة مباشرة بجودة أو طبيعة عملية توقع المبيعات، مثل خضوعها لقانون العرض والطلب، نذكر أهمها باعتبار أننا نتحدث حول التنبؤ الاقتصادي:

العوامل الداخلية المؤثرة على التنبؤ بحجم المبيعات

هذه العناصر غالبًا تكون تحت سيطرة المؤسسة، مثل:

  • كفاءة رجال المبيعات: الذين لهم دور مهم في عملية المسح الميداني -كما سنرى بعد قليل- وكفاءة رؤسائهم.
  • تغيرات مفاجئة: مثل تطوير سلعة أو خدمة ما، مما يُحدث تغييراتٍ في الأسس التي قام عليها تقدير المبيعات.
  • تغيرات في تكاليف الإنتاج: في الغالب كلما انخفضت كانت المؤسسة أكثر قدرة على رفع حجم مبيعاتها وتغطية جزء كبير من احتياجات السوق، لكن هذه ليس قاعدة عامة أو مطلقة.
  • الفترة المتاحة لإعداد تقرير حول التنبؤ بحجم المبيعات: وهنا تتغير الفترة الزمنية من مؤسسة لأخرى حسب أهدافها والإمكانيات المادية والمالية والخبرات البشرية المتوفرة لديها لإجراء عملية التنبؤ الاقتصادي.

العوامل الخارجية المؤثرة على التنبؤ بحجم المبيعات

هذه العوامل خارجة عن سيطرة المؤسسة ولا يمكن التحكم بها وأهمها:

  • اللوائح والتنظيمات القانونية

خاصة المنظِمة للنشاط التجاري الممارَس من طرف المؤسسة. فمثلًا، قد نجد أحيانًا أنّ السلطات المسؤولة قد تُصدر قوانين جديدة لتنظيم نشاط ما أو تفرض ضريبة حول نشاط معين أو العكس، ما يؤثر على عملية توقع المبيعات للفترة القادمة.

  • المنافسون

الإحاطة بمعلومات مهمة عن المنافسين في المجال، مثل حجم مبيعاتهم في الفترة الماضية والحالية، وهذا من أجل منافسة أكثر شدة وقوة، فمن لا يعلم عن منافسه شيئًا في ميدان المال والأعمال لن يكون قادرًا على الصمود طويلًا في السوق حتى لو كانت منتجاته أو خدماته ذات جودة كبيرة.

  • المناخ الاقتصادي للدولة

كأحوال البورصة ومعدلات التضخم وأسعار المواد الاستراتيجية وانخفاض قيمة العملة، وبالأخص الأخبار الاقتصادية التي لها علاقة مباشرة بنشاط المؤسسة، خاصة المواد الخام بالنسبة للمؤسسات الصناعية.

  • طبيعة الشريحة المستهدفة

أي تلك المعلومات المختلفة حول الجماهير المستهدفين كعملاء مُحتملين، الفئة العمرية، والقدرة الشرائية، والاعتقادات الشخصية والمجتمعية والدينية السائدة، نوع الجنس السائد، واتجاهات الموضة، والمهن والقطاعات الوظيفية الأكثر تواجدًا. على سبيل المثال، هل المجتمع زراعي فلاحي أو صناعي أو غير ذلك، في النطاق الجغرافي الذي تستهدفه المؤسسة.

وهذه المعلومات غالبًا تكون متوفرة على قواعد بيانات رسمية أو إحصائيات لمنظمات غير رسمية مختصة، أو من خلال الاحتكاك الميداني بالناس ومعرفة أحوالهم وطبائعهم.

أساليب التنبؤ بالمبيعات

تتعدد تقنيات التنبؤ بالمبيعات وتختلف حسب اختلاف المجال التجاري، لكنها عمومًا تشترك في كونها لا تخرج عن أن تكون “فنية” أو “علمية” وسنشرح كلًا على حدة بطريقة مبسطة ومختصرة:

أولًا: الطرق النوعية (Qualitative Methods)

وتسمى أيضا بالطرق “الفنية، الوصفية، الشخصية..” وهي إحدى أهم أنواع طرق التنبؤ بالطلب وأقدمها، تعتمد أكثر على الحدس والحكم الشخصي، وهي في مجملها غير دقيقة أو حاسمة لأنها تخمينية أكثر، لكنها تبقى إحدى أكثر طرق التنبؤ بالمبيعات شيوعًا لبساطتها وسرعتها وانخفاض تكلفتها لحد ما، أهمها:

1. المسح الميداني (طريقة رجال المبيعات)

أهم المصادر الميدانية للمعلومات حول المبيعات وطبيعة نشاط المؤسسة ككل على أرض الواقع، فهم وسطاء التوزيع والواجهة العملية للمؤسسة أمام العملاء وممثلوها الدائمون، ولأنهم يحتكون بالعملاء باستمرار وعلى علم بنفسياتهم وميولاتهم وظروفهم وظروف منطقتهم، وهم الأجدر في إعداد تقارير مصغرة عن حجم المبيعات التي يتوقعونها في مناطقهم على أساس حكمهم الشخصي المرتكز على عدة عوامل متداخلة كما قلنا، لتقديم إجابة حول هل ستتراجع المبيعات أم سترتفع؟

والمعرفة الشخصية والأحكام الشخصية تبقى ذات تأثير كبير حتى في عصر الرقمنة اليوم، فالعواطف الإنسانية لا يُمكن قياسها بواسطة برامج المحاسبة المستخدمة في التنبؤ بالمبيعات، أو باستخدام العمليات الرياضية والحسابية المعقدة فقط.

هذه الإجابات والأحكام الشخصية تدوّن على شكل تقارير تُرفع إلى رئيس وكلاء البيع أو رجال البيع ثم تُعالج من قِبله، قبل أن تُرفع إلى مجلس إدارة المؤسسة ليتخذ القرار حول الخطط الإنتاجية والتسويقية والتوزيعية، كما أسلفنا اكتفاءً بهذه الطريقة الوصفية أو مع الاعتماد على طرق أخرى من أجل التنبؤ بالمبيعات، كما سنرى بعد قليل.

  • التقدير النهائي لرجل المبيعات لحجم المبيعات = حجم المبيعات المتوقع من طرفه (X) ضرب “نسبة  تفاؤله أو تشاؤمه” ثم طرح (-) قيمة التفاؤل أو جمع (+) قيمة التشاؤم لحجم المبيعات المتوقع من طرفه في البداية. (انظر المثال بالجدول):
التقدير النهائي لرجل المبيعات لحجم المبيعات

ملاحظة: تسمى طريقة رجال المبيعات أيضا بـ “طريقة مجموع الآراء” لأنها تضم تقديرات المبيعات المستقبلية ليس من جهتهم فقط، بل من جهة مدراء المناطق البيعية، ومدراء المنشآت، بشكل متسلسل حسب التدرج الهرمي الإداري للمؤسسة، لكنها تشتهر باسم “طريقة رجال المبيعات” لأنهم النواة الرئيسية فيها.

  • نسبة التفاؤل أو التشاؤم يضعها مدير منطقة البيع بشكل تقريبي، وهو المسؤول عن عددٍ محددٍ من رجال المبيعات نظرًا لمعرفته بطبيعة شخصياتهم ونفسياتهم.
  • رئيس مديري مناطق البيع هو الآخر يقوم بنفس العملية مع مديري المناطق البيعية لاستخراج الحجم النهائي للمبيعات المتوقعة مستقبلًا، ثم يرفع التقرير النهائي لمجلس الإدارة.
نسبة التفاؤل أو التشاؤم التي يضعها مدير منطقة البيع

سلبيات التنبؤ بواسطة تقديرات رجال البيع

هي طريقة لا تخلو من بعض الثغرات والسلبيات كونها غير موضوعية وحدسية أكثر، نذكر أهمها:

  • هذه الطريقة لا تصلح للتنبؤ بالمبيعات طويلة الأمد لأنها لحظيةٌ أكثر منها استشرافيةً.
  • السمات الشخصية لرجل المبيعات قد تؤثر على توقعاته فهناك المتشائم بطبعه وهناك المتفائل.
  • عدم تفريق بعضهم بين رغبة العميل وبين حاجته للمنتج، فالحاجة هي ما لا يُمكن الاستغناء عنه مثل الأغذية الأساسية ووقود السيارات، فيما الرغبة هي حاجة غير ملحّة ويمكن الاستغناء عنها كالكماليات.
  • تأثّر رجال المبيعات بالأخبار السائدة في السوق حول الكساد أو الانهيارات المرتقبة في الأسعار وما إلى ذلك، وهي قد تكون في النهاية مجرد تخمينات أو شائعات لا أساس لها من الصحة.
  • بعض المؤسسات ترصد حوافز مالية لكل رجل بيع يُحقق أعلى قدر من المبيعات بالنسبة لما يتم توقعه، ولهذا يميل أغلبهم لخفض توقعاتهم عمدًا، لكيلا يُورطوا أنفسهم في حال لم يحققوا نسبة مبيعات مرتفعة مستقبلًا حسب تطلعات الشركة.

2. طريقة آراء إطارات الشركة

تعني آراء أهل الخبرة في المؤسسة من مديري التسويق والمبيعات والإنتاج والمالية والمديرين الفرعيين بناءً على آرائهم الشخصية النابعة من تجارب كبيرة، بالإضافة للاستعانة بـ “أدوات التنبؤ بالمبيعات”. وتحدث عملية التنبؤ بالمبيعات من خلال إطارات الشركة في تناسق وتعاون ثم تعرض على مدير المؤسسة للفصل فيها.

من سلبياتها:

  • احتمال حدوث تنافس بينهم أو تداخل صلاحياتهم في أثناء العمل الجماعي.
  • عدم تحمل أحد لمسؤولية الخطأ في حال حدوثه، وتحميل الجميع لخطأ ربما لم يرتكبوه!

3. الاستعانة بخبير من خارج المؤسسة

يمكن الاستعانة بخبير من خارج المؤسسة كما في مكاتب الدراسات الاقتصادية والمالية وغيرها، فيتم تكليف أحد الخبراء أو مجموعة منهم بإعداد تقرير مفصل حول التنبؤ بحجم المبيعات لمدة محددة، وتعتمد دقة التنبؤ على مدى كفاءة الخبير، وقد تستغرق أحيانًا مدة طويلة تستمر لأشهر أحيانا من أجل تقدير المبيعات خاصة المبيعات طويلة الأمد.

  • تستخدم عادة من أجل التنبؤ بالمبيعات على المدى الطويل وهي مناسبة لذلك.
  • من سلبيات هذه الطريقة ارتفاع تكاليفها.

ملاحظة: إذا تم المزج بين طريقتي آراء إطارات الشركة والاستعانة بخبراء من خارج الشركة تسمى الطريقة بـ “طريقة لجنة الخبراء” أو طريقة دلفي (Delphi Method)

4. تحليل نوايا العملاء

تحليل نوايا العملاء أي محاولة معرفة ما الذي يريده العملاء بالتحديد وكم يحتاجون، إما بالتواصل معهم بشكل مباشر من خلال رجال المبيعات أو موظفين ينزلون إلى الشارع، ولا يُشترط عدد كبير من العملاء بل يكفي عدد محدود منهم، بشرط أن يكونوا عملاء معروفين بولائهم للعلامة التجارية، كما يمكن أيضًا القيام بـ:

  • استبيان تقليدي أو إلكتروني لسبر آراء العملاء وتطلعاتهم وما يخططون له وما يرونه.
  • الاطلاع والاهتمام بالمراجعات Reviews التي تُعد من أفضل مصادر معرفة نوايا العملاء.

سلبيات التنبؤ بواسطة تحليل نوايا العملاء:

  • لا تصلح للتنبؤ بحجم الطلب طويل الأمد بسبب احتمال تغير قناعات العملاء في أي لحظة.
  • تغيّر الظروف المعيشية والاقتصادية قد يؤثر في قرارات الشراء المستقبلية للعملاء.
  • التكلفة مرتفعة نوعًا ما خاصة عند إجراء استبيانات واستجوابات ميدانية.
  • الوقوع في فخ عدم الموضوعية من العملاء في إجاباتهم بسبب ميلهم نحو المثالية.

الطرق الكمية (Quantitative Methods)

وهي طرق تعتمد على الأساليب الإحصائية والرياضية، لذا فهي أدق إلى حد ما، وتنقسم لطرق استقرائية مثل الطريقة التاريخية، وطرق رياضية مثل الطريقة الأسية ونموذج الانحدار، وهي أكثر من أن تُذكر كلها لذا سنذكر بعضها:

1. الطريقة التاريخية

حسب الخبير الإداري “إدموند بيرك” فإنّه لا يمكن التنبؤ بالمستقبل دون دراسة وتمحيص أرقام الماضي، وهذه هي فكرة استخدام الطريقة التاريخية للتنبؤ بالمبيعات، على افتراض أنّ الظروف تتكرر دومًا، مع هامش تغير ضئيل يقدره البعض بـ 5 إلى 10% وتسمى أيضًا “طريقة المراحل الزمنية”

  • جيدة للتنبؤ متوسط المدى.
  • غير مناسبة للتنبؤ بأقل من سنة.
  • غير مناسبة في حال رغبت المؤسسة بإطلاق منتج جديد والتنبؤ بمبيعاته.
  • جيدة للمؤسسات التي يرتكز نشاطها على العمل الموسمي أو يزدهر عملها في مواسم معينة في السنة.

معادلة الطريقة التاريخية

مبيعات السنة القادمة (S ͭ+¹) = “مبيعات السنة الحالية ͭS” قسمة / “مبيعات السنة الماضية S ͭ -¹” ثم نضرب X الناتج في مبيعات السنة الحالية ويُعبر عنها رياضيًا كالتالي:

معادلة الطريقة التاريخية

إذا يُتوقع أن تبلغ المبيعات السنة القادمة 1960 مدفأة.

2. الطريقة الأسّية

هنا يتم التنبؤ بالمبيعات اعتمادًا على حجم المبيعات لفترة سابقة معينة، مع استخدام معامل التسوية أو المُرجح الذي يُرمز له بالحرف B حسب القاعدة الآتية:

S¹ = B X S ͭ -¹ + (1-B) X M ͭ -¹

معادلة الطريقة الأسية

مبيعات السنة القادمة (S¹) = معامل التسوية B ضرب X مبيعات آخر فترة  S ͭ -¹” جمع + 1 طرح – معامل التسوية B ضرب X متوسط المبيعات لآخر الفترات M ͭ -¹

مع العلم فإنّ معامل التسوية B يتم حسابه كالآتي: 2 قسمة 1 + عدد الفترات. وإليك مثالًا عمليًا: هذا الجدول يُمثل مبيعات شركة هواتف لآخر 6 أشهر والمطلوب هو التنبؤ بمبيعات الشهر 7

مثالًا عمليًا يوضح معادلة الطريقة الأسية

سنحسب أولًا معامل التسوية: 2 قسمة 1 + 6 = 0.2

ثم سنحسب متوسط المبيعات لآخر فترة (6 أشهر) = 100 + 150 + 120 + 170 + 200 + 90 = 138

والآن سنطبق المعادلة كالآتي:

S¹ = (0.2 X 90) + (1-0.2 X 138) =  18 + 110.4 = 128.4

3. طريقة نموذج الانحدار

نموذج الانحدار فكرته الأساسية؛ تحديد شكل العلاقة بين متغير مستقل أو عدة متغيرات ومتغير تابع وقياس هذه العلاقة، ويتم الاعتماد في ذلك على معامل الارتباط وهو مؤشر إحصائي. ويسمى نموذج الانحدار بسيطًا، إذا كانت العلاقة ثنائية أي متغيرين فقط، ومتعددًا إذا تعددت المتغيرات.

ومن أشهر برامج المحاسبة المستخدمة في التنبؤ بالمبيعات نذكر برنامج Excel أحد برامج شركة مايكروسوفت وهو غني عن التعريف، ورغم بساطته إلا أن أغلب المؤسسات والشركات تعتمد عليه خاصة الصغيرة والمتوسطة لأنه ربما لا يُناسب الشركات الكبرى لأنه مصمم للتعامل مع عدد محدود من المعطيات والعمليات.

ختامًا

بعد أن عرفنا لماذا علينا توقع حجم المبيعات، يمكننا القول إنّ التنبؤ بالمبيعات المستقبلية رغم تعدد أساليبه وتطور أدواته وفائدته الكبيرة بالنسبة للوظائف المؤسسية الأخرى من تسويق وإنتاج وغيرها، إلا إنّه يبقى غير دقيق وتبقى النتائج الفعلية غير تلك المتوقعة أحيانًا، حتى ولو تمّ باستخدام أحدث وأدقّ تقنيات التنبؤ بالمبيعات، لأنّ المستقبل مهما خُطّط له واُسْتُشرِفَ له يبقى في علم المجهول بعمومه.

فهناك الكثير من المتغيرات خاصة العشوائية منها والحالات الطارئة التي تمر بها الأسواق والمؤسسات. أضف إلى ذلك، هوامش الخطأ البشري. ومع ذلك تبقى المؤسسات التي تهتم بالتنبؤ بحجم مبيعاتها متقدمة بخطوة على منافسيها الآخرين، وترتفع احتمالات توسّعها ونموّها أكثر فأكثر، وتنمية مبيعاتها.

تم النشر في: يوليو 2021
تحت تصنيف: ريادة أعمال | مبيعات