التسويق الوردي: لماذا وكيف تسوق إلى المرأة؟

“لو كان الإنفاق إنسانًا؛ لكان امرأة..”

لا تحمل هذه العبارة أي انتقاص من النساء!

دعونا في البداية نتطرق إلى حقيقة واضحة وضوح الشمس وهي أن مسئوليات المرأة تفوق مسئوليات الرجل، فالمرأة هي المسئولة عن المنزل وعن الأسرة وعن الأطفال وعن كبار السن في بعض الأحيان، لذا ليس بمستغرب أن تكون هي صانعة القرار في الكثير من عمليات الشراء، وهذا هو السبب الذي من أجله ظهر مصطلح “التسويق الوردي Pink Marketing” أو “التسويق إلى المرأة”.

وتشير الاحصائيات إلى نتائج تؤكد سيطرة المرأة على الإنفاق، إذ يتراوح نصيب المرأة من عمليات شراء السلع بين 70: 80% ، بما يجعلها قوة شرائية ضخمة تتفوق على تمثيلها السكاني في المجتمع والذي يقارب النصف.

وعلى عكس الصورة النمطية الشائعة عن النساء أنهن مهووسات بشراء السلع الترفيهية كمستحضرات التجميل والملابس، أظهرت الإحصائيات أن المرأة صاحبة النصيب الأكبر في عمليات شراء الكثير من السلع الهامة كالمنازل والحواسيب والعناية الصحية والسيارات والخدمات البنكية والأغذية والسفر .

ما هو التسويق الوردي؟

ما هو التسويق الوردي؟

التسويق الوردي أو التسويق إلى المرأة هو التسويق الذي يستهدف المرأة كمشتري، وبالتالي يهتم بفهم طريقة تفكيرها وتلبية احتياجاتها ومخاطبتها بلغتها.

ومنذ فترة قليلة؛ انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة مضحكة يظهر فيها رجل يفتح كتابًا مكونًا من عدة ألوف من الصفحات مصحوبة بتعليق “كتاب كيف تفهم المرأة”!

وبعيدًا عن المبالغات والسخرية، ليست المرأة سوى إنسانًا لديه مشاكل واحتياجات ورغبات من السهل التعرف عليها ببعض البحث والدراسة.

وقبل أن نستكمل الحديث عن التسويق الوردي؛ من المهم أن نشير إلى أن “التسويق الوردي” ليس له نصيب من اسمه!

إذ لا يعنى التسويق الوردي التركيز على استخدام اللون الوردي في التسويق للمنتجات التي تستهدف المرأة، بل على العكس من ذلك كما سيتبين؛ لا يعدو اللون الوردي كونه لونًا واحد من بين عشرات الألوان عندما تُسوِّق إلى المرأة.

لماذا ينبغي الاهتمام بالتسويق الوردي؟

تمثل المرأة شرائح استهلاكية متعددة X شريحة واحدة، فهي تقوم بالشراء نيابة عن أفراد أسرتها وأفراد الأسرة الممتدة أيضًا من من آباء وأصهار، فضلًا عن ذلك، لا يروي الاسم الموجود على بطاقة الائتمان أو فاتورة الشراء القصة كاملة، فليس بالضرورة أن يكون الرجل هو صانع القرار حتى وإن قام بعملية الشراء بنفسه،إذ تملك المرأة رفع حق النقض (الفيتو) بوجهه في أي وقت ما لم تكن راضية عن عملية الشراء، واختصارًا يمكن القول أن المرأة تلعب دور “الحارس” لنفقات أسرتها.

ويفرض حضور المرأة كقوة شرائية كبرى في الأسواق الاستهلاكية على اختلاف قطاعاتها؛ إجراء بحث دقيق عن احتياجاتها قبل إطلاق أي حملة تسويقية تستهدفها، إذ ترى 91% من النساء أن المعلنين لا يفهمونهن .

وينبغي أن يتناول هذا البحث الدقيق الاحتياجات الفطرية للمرأة كالشعور بالجمال والأمومة، ويتجاوز هذه الاحتياجات الفطرية إلى احتياجات أخرى خارج نطاق “النوع البيولوجي”.

فمثلًا؛ ليس من المفيد النظر إلى احتياجات المرأة على أنها “فقط” تمثل النقيض من احتياجات الرجل، فالمرأة كإنسان فضلًا عن اهتمامها بالجمال والأمومة على سبيل المثال، وفي ظل التحولات الثقافية الحاصلة في المجتمعات؛ أصبحت تهتم أيضًا بتحقيق النجاح والإنجاز والحصول على الأمان بالاعتماد على نفسها.

وسنطرح فيما يلي مثالين يوضحان كيفية تجاوز فخ “النوع البيولوجي” الذي يقع فيه بعض المسوقين عند التسويق إلى المرأة:

  • مثال الترويج عن سيارة: عند الترويج عن موديل جديد لإحدى ماركات السيارات، ليس من الضروري أن تكون الرسالة التسويقية الموجهة للمرأة تركز فقط على الألوان البراقة أو الحجم الصغير، ولكن من الممكن أن تتضمن الرسالة التسويقية مزايا مثل القيادة السلسة التي تساعد المرأة على إنجاز أعمالها في الوقت المناسب، والتجهيزات المدمجة التي تضمن سلامة الأطفال بما يسمح لها اصطحاب أطفالها أثناء القيادة.
  • مثال الترويج عن ملابس: عادة ما تركز حملات التسويق الخاصة بالأزياء على أن ارتداء هذه الملابس سيجعل المرأة أكثر أناقة وجمالًا، ولكن هناك أمور أخرى من الممكن إضافتها مثل نوعية القماش قطنية الملمس اللطيفة على البشرة، أو قصة الفستان التي تمنح شعورًا بالراحة عند ارتدائه.

وعلى سيرة “التحولات الثقافية” التي تمر بها المجتمعات؛ تجدر هنا الإشارة إلى بعض الحقائق الديموغرافية الهامة التي تؤثر على نمط الاستهلاك لدى المرأة:

  • عدد النساء العاملات في ازدياد.
  • سن الزواج أصبح أكبر من ذي قبل.
  • تنجب النساء أطفالًا أقل مما مضى.

كيفية التسويق إلى المرأة

سواء كنت بصدد إطلاق أولى حملاتك التسويقية الموجهة إلى المرأة، أو تجري تحسينات على حملات تسويقية موجودة بالفعل، فهناك بعض الأمور الهامة التي ينبغي عليك وضعها في اعتبارك عند التسويق إلى المرأة:

1. تحدث بلهجة إيجابية

تشير الإحصائيات إلى أن احتمالية الشراء لدى المرأة تتضاعف بعد مشاهدتها إعلانًا يحمل لهجة تشجيعية، وتتفاعل 80 % من النساء مع الإعلان بتسجيل الإعجاب والمشاركة والتعليق .

على سبيل المثال يكون استخدم النماذج الإيجابية للمرأة بتصويرها كـ “نشيطة” أو “قوية” أو “جميلة” أفضل من استخدام النماذج السلبية التي تصور المرأة على أنها “ضعيفة” أو “غير واثقة من نفسها”.

وبالرغم من أن إثارة شعور سلبي كالخوف مثلًا يعد طريقة سهلة لإقناع الجمهور بالشراء، إلا أن نتائج ذلك تظهر على المدى القصير فقط، أما إذا كان منتجك يقدم حلا لأحد المشكلات التي تواجهها المرأة، فمن الأفضل أن يتم التركيز على الجانب الإيجابي من أجل الحصول على نتائج طويلة المدى.

2. كن متواضعًا في رسالتك التسويقية

إذا كانت منتجاتك تستهدف كلا الجنسين الرجال والنساء، فانتبه ألا يتسرب عن غير عمد إلى رسائلك التسويقية المخصصة للمرأة شعورك بالتفوق، على سبيل المثال، اعتادت شركة Nike للملابس الرياضية الحديث عن منتجاتها بلغة ذكورية ( Just Do It )، وعندما قررت أن تضيف النساء كشريحة استهلاكية جديدة، حاولت فهم كيف تهتم النساء أيضًا بممارسة الرياضة، وطرحت أحذية نسائية رياضية ذات جودة عالية وشكل أنثوي في الوقت نفسه. ربما تكون الممارسة الخطأ هنا والتي لم تقم بها Nike، هي أن تطرح أحذية نسائية تقليدية مسطحة أو بكعب عال إعمالًا بمبدأ أن الرجل فقط هو من يهتم بممارسة الرياضة.

كن متواضعًا في رسالتك التسويقية

ويأخذ التواضع شكلًا آخر وهو التوقف عن ترديد “الشعارات النسوية ” الرنانة بتمكين المرأة في العمل أو غيره ، وتطبيقها على نحو عملي والحديث عنها باعتبارها أمرًا طبيعيًا وليست جهدًا استثنائيًا تقوم به.

على أي حال كلما كنت متواضعًا مع المرأة في رسالتك التسويقية كلما رأت النساء أن إعلاناتك عصرية.

3. لا تحاول خداعها

في الحياة عمومًا؛ تملك النساء ذكاءً فطريًا يطلق عليه البعض “حاسة سادسة”، يساعدها على كشف بعض الأمور الغامضة بما فيها مدى وفاء الرجل، وعند الشراء لا يخون المرأة ذكاءها الفطري إذ تستطيع التفرقة بين المنتج الجيد والمنتج الرديء بسهولة، لأنها تبحث جيدًا قبل اتخاذ قرار الشراء وتستغرق وقتًا طويلًا لذلك،  إذ تشير الإحصائيات إلى أن 94٪ من النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و 35 سنة يقضين أكثر من ساعة في اليوم للتسوق عبر الإنترنت .

بالإضافة إلى ما سبق، من عادة المرأة أن تطلب رأي نساء أخريات من واقع تجربتهن الشخصية قبل أن تقرر شراء المنتج أو لا.

لذلك احرص على أن تكون صادقًا في إعلاناتك باستخدام معلومات حقيقية عن منتجاتك، ولا تحاول خداعها تسويقيًا بمنحها الوعود الزائفة حتى لا ينقلب السحر على الساحر، وتمطرك العميلات الغاضبات بوابل من المراجعات السيئة التي تحذر الآخرين من منتجاتك.

4. اهتم بالتصميم وسهولة الاستخدام

لن تحتاج إلى القيام بتسويق منفصل مخصص للمرأة إذا ركزت على الاهتمام بالتصميم الجيد وسهولة الاستخدام، وتعد شركة أبل مثالًا رائعًا على ذلك، فجاذبيتها العالمية كعلامة تجارية ناجحة، تُستمد بالأساس من جمال التصاميم والألوان وسهولة الاستخدام التي تجذب النساء والرجال معًا.

5. تواصل جيدا مع المرأة

في كتابها”Marketing to Women”  حذرت الكاتبة الأمريكية “مارتي بارليتا” الباعة الرجال قائلة أن “إيماء المرأة برأسها لا يعني أنها تتفق معك ولكن من الممكن أن تؤمي برأسها بينما لاتزال تفكر في الأمر”، وأشارت إلى شكوى النساء من أن العديد من الباعة يتسمون بالعدوانية والفظاظة، ونبهت إلى أن المرأة عند قيامها بشراء منتج ما فهي لا تبحث فقط عن إتمام عملية  الشراء، ولكن تهتم أيضا بالتواصل الإنساني، لذلك ينبغي أن تتضمن جهود التسويق الوردي التواصل بلطف مع النساء سواء عبر الوسائل التسويقية المختلفة أو عبر خدمة العملاء، بما يضمن تكوين روابط جيدة مع العميلات تجعلهن أكثر ولاءً للعلامة التجارية.

6. لا تقع في فخ التنميط

ليس من الصواب أن تنظر إلى المرأة – كشريحة استهلاكية- نظرة نمطية تقولب النساء جميعًا في قالب واحد من حيث الاهتمامات والطموحات الشخصية، على سبيل المثال:

  • لا تهوى جميع الفتيات متابعة المسلسلات التليفزيونية، ولكن منهن من تهوى تحقيق الإنجازات الشخصية كالتفوق في الدراسة والعمل.
  • لا تشعر كل الأمهات بالإحباط من جراء المسئوليات الملقاة على عاتقهن، ولكن منهن الأمهات المتفائلات الطموحات والنشيطات.
  • لا ترغب جميع الجدات في قضاء ربيع العمر في حياكة الملابس الشتوية، ولكن منهن من تبحث عن الحيوية وشباب الروح الذي يدوم.

ويحمل التركيز على نمط واحد فقط من النساء في إعلاناتك المخاطرة بتنفير الأنماط الأخرى، لذلك ينبغي أن تخاطب الرسائل التسويقية المرأة بدون حصرها ضمن نمط تقليدي معين.

7. امنح المرأة الحقيقية بعض الأضواء

في عام 2004 بدأت شركة دوف لمستحضرات التجميل حملة دعائية بعنوان” Dove’s Real Beauty”، استخدمت خلالها نساء أكبر سنًا ووزنًا، وكان جوهر الحملة  يركز على فكرة أن النساء الحقيقيات هن جميلات في الواقع، وقد حققت هذه الحملة رواجًا كبيرًا لدى النساء نتيجة لشعورهن بأن الإعلانات أصبحت تمثلهن بشكل أكبر وتبعث برسالة إيجابية تحترم ذات المرأة، وغيرت هذه الحملة الإعلانية الفريدة من وجه صناعة الإعلان عن الجمال، وأسست لاتجاه إعلاني يمكن التعلم منه؛ يُبرز جمال النساء على اختلاف أعمارهن  وأوزانهن وألوانهن، ولا يركز على معايير الجمال الضيقة التي يصعب الوصول إليها.

امنح المرأة الحقيقية بعض الأضواء

مصدر الصورة:  Campaign US

8. فكر فيما هو أبعد من اللون الوردي والزهور والأطفال الرضع

تحب غالبية النساء هذا الثلاثي ما من شك في ذلك، ولكن الحملات الإعلانية السابقة استهلكت هذه الأشكال الثلاثة بما يكفي، والتركيز عليها فقط في حملاتك الإعلانية يمثل إفلاسًا فكريًا ويعطى انطباعًا بأنك لم تبذل أي مجهود على الإطلاق، فعلى سبيل المثال تحب النساء الألوان عمومًا، كالأحمر والأسود  والبنفسجي والأزرق والبرتقالي وغيرها، لذلك عليك التفكير في اللون الوردي والزهور والأطفال الرضع على أنها مجرد أدوات من بين أدوات أخرى عديدة يمكنك توظيفها في التسويق الوردي.

9. استعن بالمرأة في فريق التسويق

غالبًا ما يسيطر الرجال على الوظائف الإبداعية في صناعة الإعلان، ولكن يساعد الاستعانة بنساء في فرق التسويق على فهم أكبر لاحتياجات المرأة ومشكلاتها والوصول إلى اللهجة المناسبة لمخاطبتها تسويقيا، وليس من الضروري أن يقتصر فريق التسويق الوردي على النساء فقط، فوجود الرجال ضمن الفريق يُحسّن من الأداء ويكشف عن بعض النقاط العمياء التي قد تغفل عنها المسوقات.

من الواضح أن هيمنة المرأة على سوق الاستهلاك جعل من التسويق الوردي أحد الاتجاهات المستقبلية الهامة في التسويق، وإن تأخرت في الاهتمام به؛ قد يسارع غيرك ويسبقك في الوصول إلى هذه الشريحة الاستهلاكية الهامة، لذلك تجاهَله على مسئوليتك الشخصية!

ابحث عبر موقع خمسات عن خدمات التسويق التي تساعدك في العثور على الطرق والرسائل المناسبة للتسويق إلى المرأة.


المصادر

[1]، [2]، [3]، [4]، [5]، [6]

تم النشر في: التسويق الإلكتروني