دليل شامل عن البيئة التسويقية وأنواعها

في الوقت الراهن، أصبح تحليل البيئة التسويقية للمؤسسة من أهم عوامل نجاح خطتها التسويقية، لتُمَكنها من معرفة الفرص والتحديات المتوقعة. إذ تؤثر العوامل البيئية المختلفة على طريقة إدارة الأعمال، ومعرفة العملاء و المنافسين، وغيرها من المعلومات التى يُبنى على أساسها قواعد الخطة التسويقية للمؤسسة. لكن ما هي البيئة التسويقية، وما أهميتها؟

جدول المحتويات:

ما هي البيئة التسويقية؟

البيئة التسويقية هى العوامل والقوى الخارجية التي تؤثر على قدرة الشركة على التطوير والحفاظ على المعاملات والعلاقات الناجحة مع عملائها المُستَهدفين. (فيليب كوتلر)

تشير البيئة التسويقية إلى جميع العوامل الداخلية والخارجية، التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على قرارات الشركة المتعلقة بالأنشطة التسويقية. تشمل القوى الداخلية العوامل التي تخضع لسيطرة الشركة بما في ذلك نقاط القوة والضعف والكفاءات في الشركة.

في حين تشمل العوامل الخارجية تلك التي لا تقع ضمن سيطرتها مثل: القوى الحكومية والتكنولوجية، والاقتصادية والاجتماعية، والقوى التنافسية. يُعد التحليل العلمي للبيئة التسويقية أمرًا ضروريًا لنجاح أي شركة.

أهمية تحليل البيئة التسويقية؟

1. تحديد الفرص

الفرص التسويقية هى عبارة عن اكتشاف احتياجات لم تُشبع لدى قطاع أو قطاعات معينة من المستهلكين. ويساعد تحليل البيئة التسويقية للشركة في استغلال الفرص لمصلحتها الخاصة. على سبيل المثال، إذا اكتشفت إحدى المؤسسات أن العملاء يقدرون منتجاتها مقارنة بمنتجات المنافسين، فقد تنتهز هذه الفرصة من خلال تقديم خصومات على منتجاتها لزيادة المبيعات.

2. تحديد التهديدات

التهديدات تتشكل فى القيود والمحددات التى تعوق اقتناص الفرص التسويقية للشركة. ويعطي تحليل البيئة التسويقية إشارات تحذير للشركات لاتخاذ الخطوات المطلوبة قبل فوات الأوان. على سبيل المثال، إذا عرفت إحدى المؤسسات أن شركة أجنبية متعددة الجنسيات تدخل في الصناعة، فيمكنها التغلب على هذا التهديد من خلال تبني استراتيجيات، مثل خفض أسعار المنتج أو البدء فى تنفيذ استراتيجيات ترويجية قوية.

3. تحديد نقاط القوة والضعف

يساعد تحليل البيئة التسويقية المؤسسة على تحديد نقاط قوتها واستغلالها بالكامل لصالحها، و يمكن أن تكون نقاط القوة هذه من حيث الخبرة التسويقية، أو جودة المنتج، أو تقديم منتجات، أو خدمات مبتكرة فريدة من نوعها. كما يساعد أيضًا فى تحديد نقاط ضعفها مثل انخفاض جودة السلع أو الخدمات، نقص الخبرة التسويقية، أو نقص المنتجات والخدمات الفريدة، وإعداد استراتيجيات لتحويل نقاط ضعفها إلى نقاط قوة.

4. معرفة المنافسين والعملاء المستهدفين

تحتاج الشركة إلى التعرف على منافسيها للبقاء في المقدمة خلال المنافسة. يساعد الفهم الأعمق لبيئة التسويق المسوق على التعرف على استراتيجيات وخطط عمل منافسيهم وتخطيط استراتيجيات أعمالهم وفقًا لذلك.

فالعملاء جزء أساسي من أركان العمل التجاري. تركز جميع الأنشطة التجارية للشركة على خدمة عملائها بشكل أفضل؛ لذلك، تولي الشركة أهمية كبيرة للتعرف على عملائها وتفضيلاتهم المتغيرة لخدمتهم بشكل أفضل ولإقامة علاقة طويلة الأمد معهم ويتم ذلك بمساعدة فهم ودراسة البيئة التسويقية.

5. إدارة التغييرات

يساعد تحليل البيئة التسويقية في التعامل مع بيئة التسويق الديناميكية. إذا كانت الشركة ترغب في البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، فعليها التكيّف مع التغيرات التي تحدث في البيئة التسويقية والاستمرار في تعديل استراتيجياتها وخططها.

مميزات البيئة التسويقية

يمكن إجمال ميزات البيئة التسويقية التي تحققها للشركات في أربع عناصر أساسية:

1. ديناميكية البيئة التسويقية

أدى التنوع الحاصل في البيئات التسويقية وعدم استقرارها، إلى الوقوف المستمر على أحدث التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وزيادة قدرة الشركات على التكيف مع المتغيرات سريعًا، كتحليل احتياجات العملاء ومعرفة أذواقهم أولًا بأول، ما يساعد على تلبية تلك الاحتياجات والمسارعة في كسب عملاء جدد والحفاظ على ولاء العملاء الحاليين. لذا تتمتع الشركات التي تهتم بدراسة البيئة التسويقية المحيطة بها وتتمتع بالحس التنبؤي وسرعة تدارك الأمور وفق المتغيرات، بكونها اليد العليا وصاحبة الميزة التنافسية الأكبر في السوق.

2. تنوع الاحتياجات

التباين بين بيئة تسويقية وأخرى ينتج عنه رواج منتجات وخدمات في بيئة دونًا عن أخرى، وفقًا لثقافة وظروف تلك البيئة. لذا فإن الوعي بأهمية البيئة التسويقية لكل مجتمع ودراستها جيدًا، يساعد الشركات على تحديد أي المنتجات والخدمات ستلقى إقبالًا وتحقق مبيعات في بلدٍ عن آخر أو جمهور دون غيره. إضافةً إلى ذلك، فإن هذه النسبية في الاحتياجات أقدر على اتخاذ قرار واضحة بشأن إنتاجها.

3. التعرف أكثر على العملاء

اكتساب البيانات النوعية والكمية عن مختلف العناصر التي تؤثر على البيئة التسويقية، يجعل من السهل اتخاذ قرارات بخطط تسويقية تحقق أهداف الشركة التسويقية، مقارنةً بشركة أخرى تُهمل دراسة البيئة التسويقية ولا تضع يدها على بيانات دقيقة لعملائها وتقف على أهم احتياجاتهم.

4. التفوق على المنافسين

في الوقت التي كانت فيه عناصر البيئة التسويقية عنصر تهديد لكثير من الأسواق والشركات، كانت في الوقت ذاته بمثابة بوابة فُتحت على مصرعيها لأسواق ومنتجات جديدة. وهنا يبرز دور المسوقين المحترفين الذين يستطيعوا خلق الفرص والمنح من رحم المخاطر، ولا يتحقق ذلك إلا بتكامل الجهود بين فرق العمل المختلفة داخل الشركة لتحقيق توقعات العملاء وتلبية احتياجاتهم والحصول على الرضا الذي يضمن ولاءهم.

أنواع البيئة التسويقية

تعتمد استراتيجية البيع لدى الشركات على أنشطتهم التسويقية، والتي تعتمد بدورها على البيئة التسويقية. وتنقسم البيئة التسويقية إلى:

البيئة الداخلية

تتكون البيئة الداخلية من جميع العوامل والقوى الداخلية للشركة، وتخضع البيئة الداخلية للشركة لسيطرة المسوقين، إذ يمكنهم تغيير أو تعديل البيئة حسب الطلب في السوق ومتطلبات العمل.

ويوجد خمسة عوامل تشكل البيئة الداخلية للشركة وهم المال، والقوى العاملة، والمواد، والآلات، والوقت. وتشمل البيئة الداخلية للمؤسسة أيضًا قسم التسويق والمبيعات، وقسم الموارد البشرية، وقسم التصنيع، وغيرها من الأقسام الداخلية للشركة التي تعمل ضمن الخطة التسويقية للشركة.

لا تقل جميع مكونات البيئة الداخلية أهمية عن مكونات البيئة الخارجية. ومع ذلك، يُمكن أن تتغير عوامل البيئة الداخلية وفقًا للتغيير في عوامل التسويق الخارجي. على سبيل المثال، يتعين على المؤسسة ترقية تقنيتها وتحديث آلياتها وموادها إذا تم إدخال تقنية جديدة في السوق.

البيئة التسويقية الجزئية

أو ما يسمى بالـ Micro Environment، وهي جزء من البيئة التسويقية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالشركة، وتؤثر بشكل مباشر على الأنشطة التنظيمية. يمكن تقسيمها إلى جانب العرض وجانب الطلب. وفيما يلي القوى الأساسية للبيئة الجزئية:

1. جانب العرض

  • الموردين

والمورد هو الذى يوفر المواد الخام لإنتاج السلع والخدمات للشركة المُتعاقد معها، ويمكن للموردين التأثير على ربح المؤسسة لأن سعر المواد الخام يحدد السعر النهائي للمنتج. تحتاج الشركات إلى مراقبة الموردين على أساس منتظم لمعرفة نقص العرض والتغير في سعر المواد الخام.

  • الوسطاء أو الشركاء

يساعد وسطاء التسويق الشركات في إنشاء ارتباط مع العملاء، إذ إنها تساعد في الترويج للمنتجات وبيعها وتوزيعها. ويشمل وسطاء التسويق:

  • الموزعين: وهم من يشترون المنتجات من الشركات ثم بيعها للعملاء المهتمين بالمنتجات التي تستهدفها هذه الشركة بخطتها التسويقية. ومثال على الموزعين تجار الجملة وتجار التجزئة.
  • وكالات ومنظمات التسويق: إذ تروج لمنتجات الشركة من خلال توعية العملاء بفوائد المنتجات وتقديم نصائح عن تجربة استخدام المنتج وخبراتهم من خلال تجربتها.
  • مراكز التوزيع: تساعد الشركات على تخزين البضائع مثل المستودعات.
  • الوسطاء الماليون: مثل البنوك وشركات التأمين الذين يوفرون التمويل للمعاملات التجارية.
  • المنافسين: تحتاج الشركات إلى تمييز منتجاتها للحفاظ على مكانتها في السوق ولذلك تحتاج إلى المنافسة لاستمرار دافع التميز لدى الشركات. تشير المنافسة إلى الموقف الذي تقدم فيه الشركات المختلفة منتجات مماثلة، وتحاول كسب حصة في السوق من خلال اعتماد استراتيجيات تسويق مختلفة.

2. جانب الطلب

  • العملاء

يعد العملاء أهم القوى الأساسية للبيئة الجزئية التابعة للبيئة التسويقية للشركة، إذ يشتري العملاء منتج الشركة للاستهلاك النهائي. ويعد الهدف الرئيسي للمؤسسة إرضاء العملاء، إذ تتولى الشركة أنشطة البحث والتطوير لتحليل احتياجات العملاء وتفضيلاتهم وتصنيع المنتجات وفقًا لتلك الاحتياجات والتفضيلات.

  • الجمهور العام

الجمهور هو أي مجموعة لها تأثير فعلي أو محتمل على قدرة الشركة على تحقيق أهدافها وليس شرطًا أن يكون الجمهور المستهدف للشركة، ولذلك يجب أن تتحمل الشركة المسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع الذي تعمل فيه.

يلعب الجمهور دورًا حيويًا في نجاح الأعمال حيث يمكنه بناء أو تدمير صورة الشركة في السوق، ولديه القدرة على التأثير على قرار الشراء للجمهور المستهدف. خصوصًا في هذه الأوقات، إذ زادت القدرة على التحكم في قدرات الجمهور حيث يمكنه مشاركة آرائهم حول المنتجات والخدمات المقدمة من الشركة على الإنترنت بحرية.

البيئة التسويقية الكلية

أو ما يسمى بالـ Macro Environment، وتحتوى على مجموعة من العوامل البيئية الخارجة عن سيطرة المؤسسة والتى تؤثر على الأنشطة التنظيمية إلى حد كبير. والبيئة التسويقية الكلية عرضة للتغيير بشكل مستمر، وذلك بسبب التغير المستمر فى العوامل الخارجية وبسبب الفرص والتهديدات السابق ذكرها الى تطرأ على الخطة التسويقية للشركة.

يمكن استخدام النموذج المسمى بـ STEEPLE لتحليل عوامل البيئة الكلية. هذا امتداد لنموذج PESTEL وتشمل العوامل البيئية التسويقية الكلية الآتى:

1. البيئة الديمغرافية

من أهم العوامل المؤثرة على البيئة الكلية. البيئة الديموغرافية (Demographic Environment) هي الدراسة العلمية والإحصائية للسكان من جميع الجوانب، مثل العمر والجنس، والتعليم والمهنة، والدخل والموقع. قبل تسويق منتج ما، يجمع المسوق جميع المعلومات للعثور على السوق المناسب للمنتج، لذلك فإن البيئة الديموغرافية هي المسؤولة عن اختلاف الأذواق والتفضيلات وأنماط الشراء للأفراد. التغييرات في البيئة الديموغرافية تقنع الشركة بتعديل استراتيجيات التسويق لتلبية الاحتياجات المتغيرة للعملاء.

2. البيئة الاقتصادية

تؤثر البيئة الاقتصادية على استراتيجية التسعير والتكاليف لدى الشركة والقوة الشرائية للعملاء. تعتمد القوة الشرائية للعميل على الدخل الحالي وأسعار المنتج والمدخرات. ويوجد العديد من العوامل المؤثرة على البيئة الاقتصادية، وهى كالآتى:

  • معدلات التضخم: إذ يؤثر على طلب العملاء على المنتجات المختلفة نتيجة زيادة الأسعار.
  • معدلات الفائدة: والتى تحدد أنشطة الاقتراض الخاصة بالشركة. فقد تؤدي زيادة أسعار الفائدة على القروض إلى قيام الشركات بتأجيل أو إنهاء بعض أنشطتها المهمة.
  • دخل العميل: ينظم الدخل الخاص بالعملاء السلوك الشرائي لهم. يؤدي التغيير في دخل العميل إلى تغيير أنماط الإنفاق على المنتجات.

3. البيئة التكنولوجية

لقد أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا غنى عنه في حياة الفرد، والشركات التي تفشل في تتبع التغييرات التكنولوجية المستمرة تجد صعوبة في البقاء في بيئة اليوم التنافسية. ولذلك يمكن للمسوقين بمساعدة التكنولوجيا وبفضل التسويق الإلكتروني إنشاء وتقديم منتجات تتوافق مع نمط حياة العملاء.

لذلك يجب على المسوقين ملاحظة الاتجاهات المتغيرة في التكنولوجيا، وسرعة البحث والتطوير، وتنظيم وجود لوائح لزيادة المنتجات الآمنة سواء صحيًا أو مجتمعيًا حيث تتسق مع العادات المجتمعية للعملاء وحظر غير الآمن منها.

4. البيئة الاجتماعية والثقافية

تشرح البيئة الاجتماعية والثقافية خصائص المجتمع الذي توجد فيه الشركة، وتتمثل في القوى الأساسية مثل القيم الأساسية للمجتمع. تساعد هذه القوى على تحديد نوع المنتجات التي يفضلها العملاء، وما الذي يؤثر على موقف الشراء أو القرار، والعلامة التجارية التي يفضلونها، وفي أي وقت يشترون المنتجات.

يساعد تحليل البيئة الاجتماعية والثقافية الشركة في تحديد التهديدات والفرص المتوقع تأثيرها على البيئة التسويقية الخاصة بها.

5. البيئة السياسية والقانونية

تسن الحكومات سياسات وقوانين مختلفة للتسعير والائتمان وما إلى ذلك والتي لها تأثير على استراتيجيات التسويق والبيئة التسويقية للشركات. يتعين على الشركة الالتزام بهذه السياسات وجعل برامج التسويق وسياسة الشركة تتماشى وفقًا لتلك السياسات الحكومية فى مختلف البلاد.

ومن أمثلة التشريعات المختلفة التي من الممكن أن تؤثر على أنشطة التسويق قوانين مكافحة التلوث التي تؤثر على إنتاج أو تصنيع المنتجات المختلفة، أو قوانين حماية المستهلك التى تهدف إلى حماية حقوق العملاء.

6. البيئة الطبيعية

تؤثر العوامل الطبيعية التالية على الأنشطة التسويقية للمؤسسة:

  • الموارد الطبيعية: وهي التى تُستخدم كمواد خام لتصنيع مختلف المنتجات، فكل شركة تستهلك الموارد الطبيعية لإنتاج منتجاتها. ومع ذلك تدرك الشركات مشكلة استنفاد الموارد وتحاول بشكل أفضل استخدام هذه الموارد بحكمة.
  • الطقس: تتأثر البيئة التسويقية بشكل كبير بالظروف الجوية للبلد، وتحمل فرص أو تهديدات للشركات. على سبيل المثال، في الصيف يزداد الطلب على مبردات المياه، ومكيفات الهواء، والملابس القطنية، والمياه. بينما في الشتاء يرتفع الطلب على الملابس الصوفية، وسخانات الغرف.
  • التلوث: ويشمل تلوث الهواء، والماء، والضوضاء الذي يؤدي إلى التدهور البيئي. لذلك تميل الشركات إلى الترويج للمنتجات الصديقة للبيئة من خلال أنشطتها التسويقية، مثل استعمال المنتجات الورقية بدلا من المنتجات البلاستيكية.

7. البيئة الأخلاقية

وتتضمن المبادئ الأخلاقية والمشكلات الأخلاقية التي يمكن أن تنشأ في الشركات. إذ إنه يؤخذ في الحسبان أشياء مثل التجارة العادلة، ومنع أعمال العبودية وعمالة الأطفال، وكذلك منع الرشوة، والالتزام باحترام أسرار العمل بالشركات، وغيرها من الأخلاقيات.

ختامًا، البيئة التسويقية عالم ديناميكي يعتمد على العديد من المكونات والعوامل التى تؤثر عليه إما بصفة مباشرة، أو غير مباشرة. وينبغي لكل شركة الاهتمام بتحليل البيئة التسويقية الخاصة بها من أجل تحديد الاستراتيجية أو الخطة التسويقية الأنسب لها؛ وذلك للوصول لإرضاء العملاء المستهدفين، والتميز على المنافسين.

تم النشر في: التسويق الإلكتروني