دليلك الشامل لإنشاء الدورات التدريبية على الإنترنت

في الوقت الراهن، أصبحت الدورات التدريبية عبر الإنترنت مصدرًا مهمًا للتعلّم واكتساب المعرفة، وبات مجال إعداد الدورات التدريبية عبر الإنترنت مصدرًا فريدًا من مصادر الدخل وتحقيق الربح. لذا، إن كنت تمتلك خبرة جيدة في مجال ما وترغب في نقل خبرتك ومهارتك إلى أشخاص آخرين وتحقيق مقابل مادي جيد، فإليك دليلًا شاملًا من الألف إلى الياء حول كيفيّة إعداد الدورات التدريبية وتسويقها وبيعها عبر الإنترنت.

اختر نوع الدورات التدريبية المناسب للسوق

أولى خطوات تأسيس مشروع ناجح لإنشاء الدورات التدريبية هي تحديد نوع الدورات الأنسب لكلٍّ من السوق وخبراتك الشخصية. لأنه لا يمكنك إنشاء دورات تدريبية ناجحة في مجال ما وأنت لا تمتلك أي معرفة بهذا المجال. إضافة إلى ذلك، فإن خبرتك في مجالٍ ما لا يعني أن الدورات سوف تنطلق بسرعة، فلا بُدّ من دراسة السوق جيدًا، ومعرفة طبيعة المحتوى العلمي الذي يحتاجه الأفراد في الوقت الحالي.

إذًا.. عليك الآن أن تضع على ورقتك البيضاء المجالات التي لديك الخبرة فيها، ومن ثم تتجه إلى البحث عن المرغوب منها في السوق، وفيما يلي بعض الخطوات التي ستُساعدك على التحقّق من مدى الإقبال على موضوع الدورات التي اخترتها:

1. تحقّق من الإقبال عبر السؤال المباشر

في الواقع إنها الطريقة الأبسط والأسرع للتحقق من مدى رغبة الأفراد واحتياجهم إلى مجال الدورات التدريبية الذي اخترته، كيف ستسأل ومن ستسأل؟ حسنًا الجواب البسيط، كلُّ من قد يكون له اهتمام مسبقٌ أو مستقبليّ في ذلك المجال، وهذا يتضمّن قاعدة المعارف والأصدقاء والزملاء، والطلّاب والأفراد في الدائرة الاجتماعية المحيطة بك.

كما أن قاعدة الأصدقاء والمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي مثل: فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها، تشكل شريحةً رائعة لاستعراض موضوعات دوراتك التدريبية ومدى رغبتهم واحتياجهم لها. هذه الخطوة لن تساعدك فقط على التحقق من أنك اخترت مجالًا مناسبًا، بل إنها تسهم في تعريف الأفراد على مشروعك وهذا ما قد يدفعهم إلى الاطلاع عليها وشرائها عندما تصبح جاهزة.

2. اعتمد مبدأ الحجز المسبّق

بعد أن حدّدت المجال الأنسب واستطلعت آراء الناس واحتياجهم إلى ذلك النوع من الدورات التدريبية، سيكون هنالك خيارٌ آخر أمامك لتتأكد من فعاليّة الخطوة السابقة، وهي أن تعمل على بيع وحجز الدورات بالمجال الذي وضعته قبل أن تصنع تِلك الدورات. كيف؟

حسنًا بعد استطلاع آراء الأفراد سيكون منهم من اتخّذ قراره مسبقًا وفي حاجة ماسّة لمثل هذه الدورات، هؤلاء الأفراد سيكونون متحمّسين إلى شراء الدورات الخاصّة بك حتى قبل أن تكملها. هذه الخطوة لن تمكّنك من التنبؤ بحجم قاعدة العملاء الحقيقية فقط، بل ستوفّر لك مردودًا ماديًّا حتى قبل أن تنجز أي دورات تدريبية، وهذا سيعطيك دافعًا قويًّا للمضي قدمًا وتقديم أفضل ما لديك لعملائك والمتطلّعين إلى خبراتك.

حدّد الطريقة المناسبة لعرض الدورات التدريبية

هناك طيف واسع من الطرق التي بإمكانك عرض دوراتك بواسطتها، ولكن كما ذكرنا سابقًا يجب أن تعرف قاعدة العملاء المهتمّة بعملك وتعرف الطريقة المثلى لعرض تِلك الدورات، بحيث تضمن وصول المعلومات والأفكار بشكل واضح للعميل وبطريقة عرض سهلة ومريحة. وفيما يلي نستعرض أبرز الطرق لعرض الدورات التدريبية ليتسنى لك فرصة اختيار ما يناسب مجالك منها:

  • تصوير الفيديو

من أكثر الطرق انتشارًا وشهرة في مجال صنّاعة الدورات التدريبية، وذلك بسبب بساطتها وسهولة إعدادها، بالإضافة إلى طريقة عرضها الجذّابة للأفكار. هذه الطريقة تناسب قائمةً طويلةً من خيارات الدورات من دورات الطبخ وصولًا إلى المهارات الحرفية والصناعات اليدوية وغيرها الكثير من الأمور والمجالات التي تتطلّب استعراضًا عمليًّا واقعيًّا لتوضيح الأفكار.

  • الكتب الإلكترونية

تُعدُّ الكتب الإلكترونية من أبسط الطرق لاستعراض الدورات التدريبية في العديد من المجالات، وذلك بسبب المجالات الواسعة المُتاحة في المحتوى وسهولة إعدادها وسهولة تحميلها من قبل العملاء. كما أنّها تكون مُتاحة للفرد للاطلّاع عليها في أي مكان وبدون الحاجة لوجود اتصّالٍ في حال أتمّ العميل تنزيل الكتاب بشكل كامل من موقعك.

ابدأ بإعداد محتوى الدورات التدريبية

بعد أن وصلنا إلى هذه المرحلة وحددت نوع الدورات التي تريد بيعها وطريقة عرضها وشريحة الأفراد المستهدفة منها، عليك الآن أن تبدأ بصنع تِلك الدورات وإعداد المادّة العلميّة أو العمليّة التي تحتاجها. فيما يلي سنذكر الخطوات الرئيسية التي يجب أن تمر بها عمليّة صنع محتوى أي دورات تدريبية:

1. إعداد الأفكار

في الواقع هذه الخُطوة هي الأصعب، فهي تتطلّب عصفًا ذهنيًّا للأفكار والمواضيع التي يجب أن تستعرضها في دوراتك والعناوين المناسبة لها أيضًا، وهنا يجب أن تقوم بجولة تفكير جيّدة وتضع رؤوس الأقلام للمعطيات التي ستقدّمها. حاول أن تكون عناوين الدورات التدريبية ملفتة وشيّقة.

2. تجهيز المضمون

الآن يجب أن تحوّل الأفكار إلى مادّة جيّدة قابلة للعرض، وهنا نعني أن تبدأ بتدوين المعلومات إذا كانت الدورات التدريبية على شكل كتُيّبات، أو بتسجيل العروض إذا كانت الدورات على هيئة فيديوهات. ولا بد من أن تُوفّر ما تحتاجه للخروج بدورة تدريبية جيّدة مثل الكاميرات والكمبيوتر والإضاءة أو برامج تحرير الكتب. وفي حال لم تكن على علم بكيفيّة التصوير أو تحرير الكتب بشكل جيّد، فيمكنك الاستعانة بالخبراء في هذه المجالات عبر موقع مستقل.

3. مراجعة العمل

إن مراجعة عملك ستساعدك في صقله وتنسيقه بشكل أفضل، ولكن يُفضّل أن تَتبع هذه المرحلة مرحلة تجهيز المضمون ببضعة أيام، ريثما تكون عاصفة الأفكار لديك قد هدأت وأصبح بإمكانك مراجعة محتويات الدورة بشكل واضح. من المفيد أيضًا أن تستعين ببعض الأصدقاء لا سيّما من لديه نظرٌة ثاقبة وإحساس نقدي جيّد لكي يُساعدك في تحديد مواطن الضعف في الدورات التي خرجت بها حتى الآن.

احرص أيضًا في هذه المرحلة على أن تكون عناصر الدورات المصوّرة كلّها واضحة من صوت وصورة. تجنّب التشويش الصوتي، لأن عادةً ما يكون مصدر نقدٍ كبير بالنسبة للعملاء، وحاول أيضًا على أن تكون الصور دقيقة وموضّحة للفكرة بشكل جيّد.

4. تحرير وقولبة العمل

أصبحت الدورات التدريبية الآن شبه جاهزة، لكنها تحتاج إلى بعض اللمسات الفنية الأخيرة مثل إضافة بعض التصاميم المميزة أو الرسومات التوضيحية أو حتى المؤثرات الصوتية وغيرها. إن لم تكن تمتلك خبرة في تحرير الفيديو أو تنسيق الكتب، فيمكنك الاستعانة بخدمات التصميم المختلفة على موقع خمسات من أجل إضفاء اللمسات الفنية على تصاميم أغلفة الكتب والمؤثّرات البصرية في مقاطع الفيديو.

ابحث عن المنصة المناسبة لعرض الدورات التدريبية الخاصة بك

الآن، لقد أصبحت الدورات التدريبية التي صنعتها جاهزةً بين يديك. لكن أين ستقوم بعرضها وبيعها؟ حسنًا، عادة ما تكون الإجابة هي موقعك الإلكتروني، لكن رغم ذلك قد تكون منصّات التعلّم الإلكتروني هي الأفضل لنشر هذه الدورات. ببساطة لأن هذه المنصات تجمع الكثير من الطلّاب والعملاء المهتمين بشراء هذه الدورات التدريبية. عند البحث عن المنصة المناسبة، يجب مراعاة بعض المعايير الحاسمة في هذا القرار

شدة المنافسة

على الرغم من أن المنصّات ذات المنافسة الكبيرة تعني وجود قاعدة طُلّابية كبيرة إلّا أن وجود أعدادٍ كبيرة من الدورات التدريبية المشابهة قد يجعل من العسير على دوراتك التألق بينها. هذا لا يعني أنه ليس هنالك فرصة للتميّز في المنصّات الكبرى ولكن من الأفضل في بداية الطريق اختيار منصّة حيث تكون المنافسة فيها متوسطة من أجل انطلاقة سريعة لدوراتك.

التكاليف

تختلف المنصّات فيما بينها عند هذه النقطة فمن المنصّات ما تحتاج إلى اشتراكٍ شهري أو سنوي لوضع دوراتك عليها، في حين أن هنالك منصّات أخرى قد تُطالبك بجزءٍ من الأرباح مقابل عرض وتسويق الدورات التدريبية الخاصّة بك، وقد تكون هذه الأخيرة هي الأنسب في البداية فقد لا تتمكن من بيع الدورات بالشكل المطلوب لتسديد الرسوم في منصّات الاشتراك الشهري.

الدعم

ابحث عن المنصة التي تقدِّم دعم فني وتقني مناسب بداية من تقديم الاستشارات والإجابة عن التساؤلات وإصلاح الأخطاء، مرورًا بتطوير المنصّة بشكل مستمر وتوفير الضمانات والثقة في عمليّات البيع للعملاء، حتى تقديم خدمة إرسال المحتوى بشكل أوتوماتيكي للعميل بعد شرائه للدورة التدريبية.

من الجدير بالذكر، أن منصّات بيع الدورات تنقسم إلى قِسمين أساسيين هما: المنصّات الجماعية والمنصّات المستقلة. تتيح الأولى عرض الدورات إلى قاعدة أوسع من الطلاب، لكن لا تمنحك تحكّمًا فيما يتعلّق بالتسعير والتسويق وبيانات الطُلّاب والعملاء، مثل: يوديمي، وأكاديمية خان، ويوداسيتي. في حين توفّر الأخيرة حريّة أكبر في التحكّم في المحتوى وتسويقه وتطويره وتنظيمه حتى تسعيره.

ومن المنصات العربية الرائدة؛ منصة مساق، التي تمكنك من إنشاء أكاديمية كاملة عن طريق تزويدك بالمصادر التعليمية والدعم التقني اللازم لتتمكن من بيع دوراتك التعليمية عبر الإنترنت. وإذا كنت تملك أكاديمية -بالفعل- فيمكنك أن تنقل دوراتك المنشورة إليها مجانًا.

الصفحة الرئيسية لموقع مساق

المميز في هذه المنصة أنها تتيح لك إنشاء موقع إلكتروني ورابط مخصص لأكاديميتك مما يعزز من علامتك التجارية، وفي الوقت نفسه ستتمكن من التركيز على تقديم دورات مميزة لطلابك دون حمل عبء التعامل مع المشكلات المتعلقة بالاستضافات والدعم الفني وغير ذلك.

أسس حملة تسويقية جيّدة لدوراتك

الآن بعد أن حدّدت المنصّة المناسبة لعرض الدورات الخاصّة بك عليك الانتقال إلى جزء جوهري، وهو التسويق لهذه الدورات، فلا أحد سيشتري الدورات الخاصّة بك إن لم يكن يعلم عنها. لذا، يجب عليك تأسيس حملة تسويقية جيدة لتسويق الدورات التدريبية التي أعددتها. لإطلاق حملة إعلانية جيدة، يجب عليك وضع النقاط التالية في حسبانك:

  • اعتمد على قوّة وسائل التواصل الاجتماعي، فهي تمثّل تجمّعًا فريدًا لقاعدة كبيرة من الطلاب والعملاء المحتملين. احرص على نشر روابط الدورات التي تقدّمها في منصّتك أو صفحتك على هذه المواقع حتى يتسنى للمعارف والأصدقاء وأصدقائهم معرفة ماذا تُقدّم وأين.
  • احرص على مراعاة مبادئ تحسين محرّكات البحث (SEO) عند استعراضك تفاصيل الدورات في صفحتك أو في المنصّات التي اخترتها. مما يُتيح لك تصدّر الدورات وظهورها في نتائج البحث الأولى في محرّكات البحث، للراغبين في التعلّم والحصول على دورات تدريبية في المجال نفسه.
  • لا بأس بالاستعانة بالترويج وخدمات التسويق المدفوعة وهذا يشمل كلًّا من خدمات التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات المدفوعة لصفحات الويب.
  • توظيف خدمات التسويق عبر البريد الإلكتروني، وذلك من خلال إرسال رسائل ترويج إلى قاعدة العملاء والطُلّاب المستهدفين من الدورات.
  • استغل التسويق الوسيط الذي يعتمد على تزكية أحد الوسطاء للدورات التي تقدّمها، ما يبني ثقة قويّة للعملاء في عملك لا سيّما إذا كان الوسيط خبيرًا أو ضليعًا في المجال الذي اخترته للدورات.
  • اطلب إجراء مُراجعات وتقييمات لدوراتك، من قبل الناقدين والمُهتمين عبر مواقعهم وصفحاتهم على الإنترنت. هذا في الواقع سيوسّع دائرة المعرفة والدراية بوجود دوراتك التدريبية ويُشجّع الأفراد على تجربتها وشرائها.

ختامًا.. النصيحة الأهم التي يمكننا تقديمها لك هي ألا تيأس أبدًا، وحاول أن تحافظ على ثقتك بنفسك. لا تدع التعليقات السلبية أو تأخير بيعك لدوراتك في بادئ الأمر يخفّض من معنوياتك. اجعل من الصبر خريطة لك في رحلتك، ولا تتوقف أبدًا عن التعلّم وتطوّير نفسك في مجال خبرتك، حتى تقدّم أفضل ما لديك لطُلّابك وعملائك.

تم النشر في: أدلة شاملة، تدريب عن بعد