ماذا تعرف عن مجال تحليل البيانات؟

لا شيء أكثر وفرة في العصر التكنولوجي الحالي من البيانات، إذ إن استغلالها وفق أسس تقنية وعلمية سيضمن للشركات تحقيق المزيد من النجاح. لذلك يمكن الاعتماد على تحليل البيانات أو المعطيات Data analysis بحسبانها وسيلة جيدة لتطوير الأعمال، إذ تتيح للشركات استخراج المعنى من كل ما يتوفر لديها من بيانات، في المحصلة يصبح بمقدورها اتخاذ قرارات تستند إلى نتائج التحليل.

جدول المحتويات:

ما هو تحليل البيانات؟

يهتم علم تحليل البيانات بجمع البيانات ومعالجتها وترتيبها، لاستخراج معطيات موثوقة تساعد الشركات على اتخاذ قرارات استراتيجية، تنعكس إيجابيًا على نتائج أدائها. رغم أن هذه البيانات جُمعت على امتداد فترة زمنية طويلة ماضية، إلا أن تحليلها يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لحاضر الشركات ومستقبلها.

من خلال الـ Data analysis يمكن أن تحول الشركات كل ما جمعته من معطيات وبيانات ضخمة إلى مخرجات علمية ذات معنى واضح. قد تكون هذه المخرجات على شكل جداول أو رسوم بيانية إحصائية، ويمكن تحويلها إلى خلاصات مركزة يُعتَمَد عليها في اتخاذ قرارات محددة.

أنواع البيانات القابلة للتحليل

رغم تعدد البيانات التي يمكن تحليلها، إلا أنها تدخل ضمن نوعين رئيسيين هما:

  • بيانات كمية: تتشكل من معطيات ومعلومات عددية مثل؛ أرقام المبيعات، وعدد الشكاوى الشهرية حول منتج ما، ونسبة النقر على الإعلانات التسويقية في الشبكات الاجتماعية، وبذلك يسهل قياسها. تحلّل البيانات الكمية من خلال تحويلها إلى معطيات إحصائية تجعل من السهل ملاحظة حجم الظواهر ودرجة تطورها.
  • بيانات نوعية: تأتي على شكل نصوص مكتوبة، ولا تتضمن أرقامًا أو معطيات عددية، إذ تشمل تعليقات شبكات التواصل الاجتماعي، والآراء الواردة في استطلاعات الرأي، ومضمون الشكاوى المرسلة إلى الشركات حول خدماتها ومنتجاتها. لا يمكن قياس البيانات النوعية مباشرةً، إنما تُحلّل من خلال تصنيفها على هيئة موضوعات يمكن بدورها تحويلها إلى معطيات عددية قابلة للتحليل.

ما أهمية تحليل البيانات لنشاطك التجاري؟

استهداف أفضل للعملاء

قد تُسخّر الشركات الكثير من الموارد البشرية والمادية من أجل القيام بحملاتٍ إعلانيةٍ جيدة، إلا أنها تفشل في تحقيق النتائج المتوقعة بسبب سوء استهداف العملاء. يحدث ذلك حين تستهدف هذه الحملات الإعلانية مناطق وفئات سكانية لا تهتم بالمنتج المعروض، وهذا ما يمكن تجنبه من خلال تحليل بيانات الحملات السابقة وبناء حملات جديدة استنادًا إلى نتائجها.

الرفع من الإنتاجية

يسمح لك تحليل المعطيات بتحسين الأعمال، إذ توفر البيانات التي حُللت معطيات دقيقة حول مكامن القوة في أعمالك مما يفرض عليك الحرص على تعزيزها، كما يمكنك اعتمادًا عليها اكتشاف المشاكل المسببة لتراجع الإنتاجية، وهو ما يساعدك على وضع حلول عملية ومجدية من أجل تجاوزها.

اتخاذ أفضل القرارات

عوضًا عن اتباع الحدس أو التخمين العشوائي، تمكنك تحليل البيانات من اتخاذ قرارات منطقية حكيمة. على سبيل المثال، حين تظهر البيانات التي جُمعت من خلال استطلاعات الرأي وجود شكاوى عدّة حول الخدمات التي تقدمها شركتك، فهذا يوجهك للعمل على إيجاد حلول كفيلة بحل الإشكاليات المطروحة واستهدافها مباشرةً.

فهم أفضل للعملاء

بعد جمع وتحليل الكثير من البيانات حول العملاء يمكن فهم عاداتهم التسويقية ومجال اهتمامهم. يسمح هذا لشركتك بتجويد خدماتها ومنتجاتها، إضافةً إلى اتخاذ قراراتٍ حكيمة بخصوص الأسعار والعروض الاستثنائية. ما يساعدك بدوره على زيادة رضا العملاء، وهو ما يعني الإقبال أكثر على علامتك التجارية.

ترشيد النفقات

يساعدك تحليل المعطيات على معرفة القطاعات التي تستنزف الكثير من المال في عملك دون تحقيق نتائج جيدة. يفرض هذا على شركتك تقليل بعض النفقات التي اتضح عدم فعاليتها التجارية، في مقابل ذلك تعمل على الرفع من ميزانية المجالات المحققة لأفضل النتائج.

خطوات تحليل البيانات

يمر تحليل البيانات بمجموعة من الخطوات المنهجية الواجب احترامها قصد الحصول على أفضل النتائج، يشمل ذلك:

1. تحديد الأهداف

مهما كان نمط تحليل البيانات الذي تتبعه شركتك، فإنها ملزَمة بتحديد الأهداف المرجوة من التحليل قبل البدء به. لماذا ترغب في تحليل المعطيات؟ هل تود قياس درجة الرضا على علامتك التجارية أم ترغب في إطلاق منتج جديد بعد استطلاعات الرأي؟ تحديد أهدافك بدقة هو ما سيجعلك قادرًا على تحديد البيانات التي تحتاج إليها.

2. جمع البيانات

جمع البيانات عملية دائمة ومتواصلة وغير مرتبطة بفترة زمنية محددة، فحينما ترتب الشركة بيانات العملاء وتخزنها فهذا يدخل ضمن تجميع البيانات. يمكن تجميع البيانات من مصادر داخلية مثل: سجلات المحاسبة والمعاملات ورسائل البريد الإلكتروني، كما يمكن الاعتماد على المصادر الخارجية مثل: منصات التواصل الاجتماعي واستطلاعات الرأي. في أثناء جمع البيانات يجب الانتباه إلى العناصر التالية:

  • تحديد البيانات التي يمكن جمعها من خلال المصادر الحالية التي تمتلكها الشركة.
  • تحديد نظام التخزين المعتمد في ضمان الحفاظ على البيانات بشكلٍ آمن.
  • توزيع المهام بين الفريق المختص بجمع البيانات، بمعنى تكليف كل فرد بنوع محدد من البيانات حتى لا تجمع المعلومات بشكلٍ متكرر
  • إعداد استبيانات يمكن استغلالها في أثناء جمع المعطيات خلال استطلاعات الرأي، وهو ما يضمن الحصول على أجوبة محددة مرتبطة بالبيانات المراد جمعها وتحليلها.
  • تجميع البيانات في ملفات معنونة بنوعية وتاريخ البيانات.

3. تمحيص البيانات

ليست كل البيانات صالحة ويمكن الاستفادة منها، قد يكون بعضها مكررًا والبعض الآخر يتضمن أخطاءً معينة. من هنا تأتي عملية التمحيص من أجل اختيار أفضل البيانات وأكثرها قابلية للتحليل. كما أن اختيار نوعية البيانات المراد تحليلها يبقى مرتبطًا بالهدف من التحليل، فلا فائدة مثلًا من تحليل العادات التسويقية للعملاء حين نرغب في اتخاذ قرارات تتعلق بترشيد النفقات الداخلية للشركة.

4. تحليل البيانات ونمذجة النتائج

خلال هذه المرحلة نصل إلى خطوة تحليل المعطيات للحصول على استنتاجات ذات معنى. بعد إتمام عملية تحليل البيانات لا ينبغي الاكتفاء بها كما هي، إذ يجب تحويلها إلى نماذج جذابة واضحة تسهل ملاحظتها. يسمح ذلك بالحصول على رسوم بيانية ولوحات معلومات يمكن استخراج الأنماط والتوجهات التي يصعب إدراكها في حالة الاعتماد على الجداول فقط.

5. استخلاص نتائج التحليل

يفترض في هذه المرحلة الوصول إلى نتائج مرتبطة بالأهداف الكامنة وراء عملية تحليل البيانات. بعد إتمام عملية التحليل واستخلاص النتائج والاستنتاجات، يأتي الدور على تفسير النتائج المُتوصّل إليها لتزيل الغموض عن التساؤلات التي سبقت عملية التحليل.

أنواع تحليل البيانات

تتعدد أنواع تحليل البيانات التي تلتقي كلها في نقطة الحصول على معلومات مفيدة تساعد في اتخاذ قرارات صحيحة، من بين هذه الأنواع:

التحليل التنبؤي

يسعى التحليل التنبؤي إلى توقع أحداث مستقبلية على ضوء نتائج تحليل البيانات القديمة أو التاريخية. على سبيل المثال، إذا أظهر تحليل البيانات أن مبيعات الشركة تحقق ارتفاعًا ملحوظًا خلال أشهر الصيف، فإن المتوقع هو تحقيق نفس النجاح خلال نفس الفترة في السنوات المقبلة. يفيد هذا النوع من التحليل أيضًا في بناء الكثير من التوقعات، مثل احتياجات العملاء وإمكانات التوسع المستقبلية.

التحليل النصي

بما أن البيانات ليست كلها معطيات رقمية أو إحصائية، فإن التحليل النصي هو الأقدر على التعامل معها. فهذا التحليل يساعد على تحويل المعطيات النصية إلى بيانات رقمية يمكن قراءتها آليًا. على سبيل المثال، يمكن أن تعطينا التعليقات المكتوبة في مختلف منصات التواصل الاجتماعي معطيات إحصائية حول تكرار بعض العبارات التي تنم على عدم رضا العملاء، وهذا ما لا يمكن الوصول إليه إلا عبر التحليل النصي.

التحليل التشخيصي

يهدف التحليل التشخيصي إلى اكتشاف مكامن الخلل في عمل الشركة، إنه يبحث عن الأسباب المسؤولة عن حدوثه. مثلًا قد تلاحظ الشركة وجود تراجع كبير في منتج ما بشكلٍ مفاجئ، يدفعها هذا لطرح التساؤل عن سبب حدوث ذلك، وهو ما تحاول الإجابة عنه من خلال التحليل التشخيصي للبيانات. الأكيد أنك حين تعرف سبب وكيفية حدوث مشكلة ما يصبح بمقدورك وضع أفضل الحلول والإجراءات لتجاوزها.

التحليل العلائقي

يهدف هذا النوع من التحليل إلى إيجاد العلاقة بين مجموعة من المتغيرات أو العناصر. بمعنى محاولة تحديد الترابط بين مجموعة من العناصر التي قد يكون بعضها ثابتًا وبعضها متغيرًا. لنفترض أنك أجريت حملة تسويقية على مواقع التواصل الاجتماعي لزيادة حجم المبيعات، هنا يمكنك الاعتماد على هذا التحليل لتحديد العلاقة بين الحملة التسويقية وعدد المبيعات.

حين تحصل على نتائج التحليل يمكنك اتخاذ قرارات مرتبطة بالاهتمام أكثر بشكل ونفقات الحملات التسويقية، من أجل تحقق أفضل النتائج الممكنة.

التحليل النفسي

ربما تعتقد أن تحليل البيانات مرتبط بالجداول والأرقام فقط، وهذا ينتج أساسًا عن تجاهل أو عدم إدراك قيمة البيانات النوعية. يمكن الاستفادة من البيانات النوعية في فهم المشاعر والأحاسيس التي يكنها العملاء تجاه العلامة التجارية. الهدف من ذلك هو فهم وتصنيف البيانات النوعية بكيفية تتيح لك التأكد من المشاعر الحقيقة اتجاه نشاطك أو علامتك التجارية.

التحليل الوصفي

لا يسعى هذا النوع من التحليل إلى تقديم حلول أو أجوبة عن التساؤلات المطروحة قبل عملية التحليل، وإنما يساعد الشركات على فهم ما يحدث في الوقت الحالي من خلال الحصول على وصف للبيانات دون تقديم تفسير لها.

أدوات تحليل البيانات

تتعدد البرامج والتطبيقات حتى المنصات التي يمكن الاعتماد عليها في تحليل البيانات، منها:

  • مايكروسوفت إكسل: من بين أفضل وأسهل البرامج المعتمدة في تحليل البيانات البسيطة، إنه يسمح باستخراج جداول ورسومات بيانية ذات معنى واضح.
  • لغة R: هي لغة برمجية مفتوحة المصدر تستخدم في مجال تحليل البيانات في معالجة البيانات والنمذجة، وتصوّر البيانات الرسومية.
  • لغة Python: هي لغة برمجة عالية المستوى مفتوحة المصدر، تُستخدم هي الأخرى في مجال تحليل البيانات لقدرتها على التعامل مع العديد من التحليلات المختلفة، إضافةً إلى تكاملها مع الأدوات الأخرى.

ختامًا؛ يمكن القول إن تحليل البيانات أصبح في الوقت الراهن ضرورة ملحة من أجل فهم تغيرات الأسواق سريعًا، إذ تشتد حِدة المنافسة بين الشركات من أجل تحقيق المزيد من النجاحات. يفرض هذا بطبيعة الحال اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب، وهو ما لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال تحليل البيانات علميًا اعتمادًا على مختلف الأدوات المتاحة.

تم النشر في: خدمات لا غنى عنها