الدليل لتعلم مهارة جديدة من الصفر وبدء العمل عليها

بعض الناس يرددون دائمًا أنهم لا يفقهون شيئًا في حيواتهم، لا مهارة لديهم ولا موهبة. أكاد أُجزم أن كل منّا قابل شخص بهذه المواصفات في وقتٍ ما، لكن علينا أن نتفق أن بعض هؤلاء يتخذون الفشل أسلوبًا لحياتهم، لا يردُّهم ناصح ولا مرشد. لكن على الضفة الأخرى يوجد من يدركون ألّا مهارات لهم ولا هوايات، ولكن يعلمون أنهم في مشكلة وعليهم حلها. فكيف إذًا يمكنك تعلم مهارات جديدة؟

هل يوجد شخص بلا مهارات أو هوايات؟

هذا سؤال مُحيّر، وما من جواب شافٍ له، من ناحية علمية فالإنسان مُعرَّض لأن يرث موهبة أو مهارة عن أحد والديه، ومن ناحية نفسية فالإنسان يمكن أن يتعلّم أي شيء حتى الفيزياء النووية! فقط بالتدريب المستمر وبعض العزيمة. لنعود للسؤال، هل يمكن أن تكون أنت بلا مهارة أو موهبة؟ في الواقع نعم، أنت بلا مهارة أو موهبة حتى الآن. أنت بلا مهارة حتى تتدرَّب، وبلا موهبة حتى تُجرِّب وتكتشِف نفسك، أي إن إجابة السؤال هي نعم، نعم هناك شخص لا مهارة لديه وليس موهوبًا في عملٍ ما، فقط إن لم يتدرّب أو يكتشف مجالات جديدة.

في نظري، الموهوب الحقيقي هو الماهر المُتدرِّب، فالناس يطلقون صفة “موهوب” على من يُنهي عملًا رائعًا أو يُنتج شيئًا رائعًا، أي إن المهارة هي أساس الموهبة بشكلٍ كامل. وهنا تأتي فكرة هذا المقال، كيف لك أن تعرف ماذا تريد أن تفعل في حياتك؟ وكيف تستطيع تعلم مهارات جديدة من الصفر؟

كيف تتدرَّب على مهارة أو تصنعها من الصفر؟

ماذا ستفعَل؟

أعتقد أن الإنترنت يستحق كامل الشكر والعِرفان، عملية التعلُّم عبر الإنترنت الآن أصبحت في غاية السهولة، يمكنك أن تجد دروسًا تشرح لك كيف تُبرمج روبوتًا أو كيف تُعد كوب نسكافيه لذيذ! مثلًا في أكاديمية حسوب ستجد العديد من الدروس والشروحات التي تعلمك ريادة الأعمال والعمل الحر، كذلك في البرمجة والتصميم والتسويق والمبيعات.

ما أريد قوله أن الإنترنت سهّل عمليات التعلّم والبحث أيضًا، وأرغب أن أشارككم مقولة قرأتها منذ مدّة:

لا تعطني سمكة، ولا تعلمني الصيد… سأبحث على اليوتيوب وأتعلَّم

وهي ما تُظهِر أهمية الإنترنت الآن، بعضنا يعلم كيف يبحث عن شيء على الإنترنت، وبعضنا يعرف الإنجليزية، بعضنا يملك كل الموارد والإمكانات المطلوبة لكن لا يأخذ خطوة. لكن عملية التعليم لتتم على أكمل وجه يجب أن تكون مُنظمة ومخطط لها، من أجل ذلك هناك بعض الخطوات يجب عليك اتخاذها في طريقك، ومثالًا عليها:

اتبع شغفك

نحن هنا نتحدث عن تعلم مهارة جديدة، مهارة ستصنعها وتثقلها لتكون عونًا لك في حياتك، ويكون العمل بها حلًا إضافيًا إذا عصفت بك ريح الحياة… أي طوق نجاة، في النهاية المهارة ستكون جزءًا منك ورفعةً لك. لن أتحث عن كيف يمكن صنع المهارة وثقلها الآن، الأهم هو كيف تجد المهارة المناسبة لك، وبالطبع أفضل مهارة يمكنك أن تتفوق وتستمتع بالعمل بها هي المرتبطة بفعل أنت شغوف به فعلًا. مثل التصميم، البرمجة والكتابة.

كل منّا في يوم من الأيام حَلِم بأن يعمل في شيء معين، حتى ولو فقط تصوَّر نفسه مصمم مبدع، مبرمج عبقري.. وغيرها من المهن التي لطالما أعجبتك وأحببتها، هي ما ستتميز فيها لا محالة أو تلك التي مارستها لفترة ثم ابتعدت عنها لظروفٍ ما.

البعض يُصر أنهم ليسوا شغوفين بشيء، وأنا شخصيًا أستغرب هذا الأمر، لكن إن صح الأمر ووجدت نفسك لا تحب أو تنجذب لمجال معيّن أو كنت مشتتًا بين أكثر من مجال، تعلّم مهارة يحتاج إليها السوق.

دراسة السوق

إن كنت تنوي تعلم مهارة جديدة من الصفر ولا شغف يجذبك لمجال معيّن، عليك بدراسة السوق، وتصنيف الأعمال حسب نسبة الطلب، الربح وسهولة التعلُّم. مثلًا الموشن جرافيك مجال رائع ومطلوب، ولا يتطلب ألف ساعة من التدريب وربحه ممتاز، من الناحية الأخرى مجال البرمجة، يتطلب بذل جهد أكبر ربما في ممارسته وتعلمه، وربحه ممتاز. عليك أنت أن تُقرر، وأن تتابع مواقع العمل الحر وتركز في المجالات التي تُطلب كثيرًا وتعلٌّمها ليس بصعب.

دراسة السوق

كيفية تعلم مهارات جديدة

في خطواتنا السابقة سعينا لأن نعرف ما هي المهارة المرجوّة، المهارة التي سنعمل على إثقالها وتحويلها لميزة جيدة ترفع من أسهمنا. هذه هي الخطوة الثانية، خطوة ما بعد معرفة المهارة المطلوبة، ولنفرض أنك اخترت مهارة الكتابة مثلًا، ما هي الخطوات المُنظمة التي سنتبَعها لإثقال هذه المهارة لأبعد حد؟

1. العزم والتصالح مع النفس

أنت الآن تعلم ماذا تريد أن تتعلَّم، فعلًا قررت المهارة التي ستعمل على إثقالها وتقويتها. لكن قبل البِدء في أي نشاط، فكّر جيدًا، لماذا تريد أن تفعَل هذا؟ لماذا تريد أن تثقل هذه المهارة؟ لماذا تريد أن تقرأ هذا الكتاب؟ يجب عليك أن تجد لنفسك سببًا، أن تجد دافعًا يُحركك للأمام. يجب عليك ببساطة أن تتصالح مع نفسك وتجعل الصورة أمامها واضحة، التصالُح مع النفس خطوة تضمن لك أن تُكمل الطريق، وما يضمن لك إكمال الطريق أيضًا هو التحلّي ببعض العزم وبعض الصبر. استمر في المحاولة مهما فشلت ولا تتذمر أبدًا، فقط تذكّر أحلامك.

2. القراءة والاطلاع

بعد تحديدك للمجال الذي ستخوضه والمهارة التي ستعمل عليها، وإخلاصك النية والعمل من أجل الوصول لهدفك، توجه للخطوة الثانية. اقرأ عنه! اقرأ عن المجال الذي تنوي دخوله، اقرأ عن مميزاته، أساليب تعلّمه والمهارات المتعلقة به. قراءتك حول المجال الذي تنوي العمل به تُشبه شعلة النور الذي يأخذها المكتشفين داخل الكهوف، تُشبِهُها بالضبط، أنت باطلاعك هذا توفِّر الوقت والمجهود الذين كانا سيضيعان في اكتشاف شيء ما أو حل مشكلةٍ ما حُلَّت من قبل على أيدي محترفي مجالك هذا. فقط ابحث واقرأ للخبراء، واطلع على كل ما يخص مجالك. هذه الخطوة واجبة قبل بدؤك للمجال وأيضًا في أثناء احترافك له، فلا أحد يملك العِلم كاملًا.

3. التدريب، أن تجتهد كما لم تفعل من قبل

هل نويت التعلَّم؟ وقرأت واطلعت؟ ماذا الآن؟ فقط التدريب، التدريب والتعلُّم من الصفر حول مجالك، استعن بالإنترنت. فكما ذكرنا، الإنترنت لا يخلوا من شرحٍ لكل كبيرة أو صغيرة، الجأ إلى الخبراء، ارتكب أخطاءً كثيرة، ثم ارتكب أكثر، لا مشكلة على الإطلاق. فقط تدرَّب، تدرَّب كما لم تفعل من قبل واجتهد، عندما تمارس أمرًا ما باستمرار، فإن العقل يكتَشِف شيئًا جديدًا كل مرة، والمهارة تُثقل مع كثرة التدريب والعمل وإنهاء المشروعات. أنت تعلم ماذا عليك أن تفعَل، منذ أعوام طويلة وأنت تعلم ما عليك فعله ولا تفعل شيئًا، اليوم يختلف عن الغد، اليوم يجب عليك أن تبدأ، تبدأ ولا تكِلّ مطلقًا.

والآن.. نبدأ

الآن أنت داخل الجنّة، أنت تحاول إثقال مهارة تنتفع بها وتنفع الآخرين بها، تحاول أن ترتقي بذاتك وتُحسنها، هذا هو المطلوب دائمًا. استمر في التدرُّب وراقب تقدُّم مستواك وعندما تصل لمستوى متوسط ابدأ في تقديم خدماتك للعامة، سواء بشكل مجاني أو مدفوع، فقط ابدأ تحويل ما تعلمته إلى واقع مرئي. إتقانك لعمل ما، حتى لو لم تكن تتقاضى أموالًا عليه، فقط إتقانك يزرع في روحك رضًا لم تشعر به من قبل، رضا عن النفس، رصاصة في قلب إحساسك بأنك لا شيء… والآن، في ماذا تفكِّر؟

تم النشر في: تطوير المهارات