تفسح التجارة الإلكترونية المجال للجميع، إذ يمكن لأي شخص تصميم متجر إلكتروني بتكلفة قليلة وبدء البيع للناس في كل مكان في العالم. وهذا أمر جيد بحد ذاته، لكنه يعني أن المنافسة ستكون على أشدها. التحدي اليوم ليس في تصميم متجر إلكتروني، فهذا أصبح في المتناول، بل التحدي الحقيقي هو كيف تستطيع تصميم تجربة المستخدم المميزة التي تعينك على استقطاب الزوار وكسب ولائهم. أول شيء يبحث عنه رواد المتاجر الإلكترونية هو سهولة الاستخدام والشراء بدون تعقيدات.
تجربة المستخدم الجيدة والسلسلة تجعل عملية الشراء برمتها سهلة وممتعة، وتضفي على متجرك مصداقية وجدية. لأجل هذا عليك أن تولي لتجربة المستخدم عناية خاصة ومحورية. فكَيف تصمّم متجرًا إلكترونيًا يقدم تجربة مستخدم مثالية لتضمَن تحسين وضعك التنافسي وإرضاء عملائك.
محتويات المقال:
ما هي تجربة المستخدم؟
“تجربة المستخدم” هو مصطلح يشمل كل ما له علاقة بتَفاعل المستخدم مع العلامة التجارية أو المنتج أو الخدمة. فهي الانطباع العام الذي يأخذه المستخدم من تفاعله مع الشركة أو استخدام المنتج. فعندما تصنع أو تقدم منتجًا أو خدمة، فأول شيء ينبغي أن تحرص عليه هو أن يكون ذلك المنتج صالحًا، وأن يلبي احتياجات الناس. فلا أحد سيشتري منك سيارة لا تتحرك، أو هاتفا لا يتكلم، أو متجرا إلكترونيًا لا يتيح الشراء عبر الإنترنت. لكنّ هذا هو الأساس وحسب، ولن يكفي لاستقطاب العملاء وإرضائهم.
تجربة المستخدم تسعى إلى أكثر من تسليم خدمات صالحة، فهي تسعى لتسليم خدمات سهلة الاستخدام وأنيقة وممتعة في جميع مراحل الاستخدام. في حالة المتاجر الإلكترونية، تشمل تجربة المستخدم تصميم الموقع وسهولة تصفحه واستخدامه، مع سهولة الطلب والشراء، ودعم العملاء وسرعة التحميل، وغيرها من أنشطة المستخدم على المتجر.
أهمية تجربة المستخدم
هل تذكر آخر منتج استخدمته وأحببته، سواء بسبب فائدته الكبيرة أو لأنه حل مشاكلك بسرعة ويسر، أو لسهولة استخدامه، أو حتى بسبب المعاملة الطيبة من فريق دعم العملاء. ما الذي شعرت به حينها؟ على الأرجح أنك كنت راضيًا عن تلك العلامة التجارية، ونويت التعامل معها مستقبلًا، وربما توصي بها أصدقائك. إن كنت كذلك فلست الوحيد، إذ تشير الدراسات إلى أنّ حوالي ربع المستخدمين الذين يحصلون على تجربة مستخدم طيبة يخبرون عشرة من معارفهم على الأقل بذلك. إنه تسويق مجاني تماما!
بالمقابل، فإنّ أي تجربة استخدام سيئة ستجعل المستخدم محبطًا وغاضبًا، وقد يندم لأنه تعامل مع العلامة التجارية من الأساس. وفي عصر مواقع التواصل الاجتماعي، قد يذهب إلى تويتر أو فيسبوك أو يوتيوب وينشر مقطع فيديو أو تغريدة ينتقد فيها المنتج أو الشركة وينصح الآخرين بعدم التعامل معها. وستكون لذلك أضرار كبيرة على العلامة التجارية.
هذا الأمر صحيح في كل القطاعات، لكنه أصح ما يكون في مجال التجارة الإلكترونية، لأن هناك وفرة كبيرة في العرض، فهناك ملايين المتاجر الإلكترونية على شبكة الإنترنت وكلها تسعى جاهدة إلى استقطاب المشترين. وإن لم توفر لمُستخدميك تجريَة استخدام تضاهي ما يقدمه منافسوك أو تتفوق عليها، فسوف يغادرون ويذهبون إلى منافسيك.
من الضروري أن تستثمر وقتك وجهدك في تصميم متجر إلكتروني يقدم تجربة مستخدم جيدة وممتعة. تشير الإحصاءات -التي أشرنا لها سابقًا- إلى أنّ استثمار دولار واحد على تحسين تجربة المستخدم يحقق 100$ كعائد على الاستثمار، وهو معدل كبير جدًا. ليس هذا وحسب، بل إنّ الإحصائيات نفسها تقول أنّ 80% من المشترين عبروا عن استعدادهم لدفع مزيد من الأموال مقابل الحصول على تجربة استخدام أفضل، لذا فالتغَاضي عن الاستثمار في تجربة المستخدم هو بلا ريب خطأ كبير وتقاعس منبوذ.
كيفية تصميم متجر إلكتروني يقدم تجربة مستخدم مثالية
1. التجاوب مع الجوالات
نحو 52% من زوار المواقع الإلكترونية يستخدمون الجوالات. إن دخل الزائر إلى متجرك ووجد أن محتوياته لا تظهر بصورة جيدة على شاشة جواله، فسَيترك ذلك انطباعًا سيئًا لديه، ولن يشتري منك على الأرجح. لذا احرص على تصميم متجر إلكتروني متجاوب مع شاشات الجوال والحواسيب اللوحية وكافة أحجام الشاشات.
2. سهولة التصفح
يشمل مفهوم التصفح كل الأدوات والروابط والقوائم التي تسهل على الزائر التجول في الموقع والوصول إلى الصفحات التي يريدها. من الضروري أن تجعل موقعك منظمًا ومفهومًا، ينبغي أن يكون الزائر قادرًا على الانتقال من أيّ صفحة من الموقع إلى الصفحة الرئيسية وصفحات الأقسام أو التصنيفات الأساسية أو الفرعية أو صفحة سلة المشتريات.
تشمل سهولة التصفح كذلك جعل محتوى الموقع منظما. إن كنت تبيع الكثير من المنتجات فقسمها إلى تصنيفات وتصنيفات فرعية. واسمح للمشترين كذلك بالبحث عبر فلاتر متقدمة، مثل الأسعار أو حداثة المنتج أو الماركة أو غيرها. لا تنس كذلك مربع البحث. إن لم يستطع الزائر إيجاد ما يبحث عنه فسوف يلجأ غالبا إلى مربع البحث لكي يبحث في كامل الموقع. لذا ينبغي أن يكون مربع البحث قريبًا من المستخدم على الدوام، ويُفضل وضعه في الترويسة كما تفعل أمازون مثلًا.
احرص كذلك على أن يدعم نظام البحث اللغة العربية. الكثير من القوالب والمنصات التي تستخدمها المتاجر الرقمية العربية لا تراعي قواعد اللغة العربية في البحث. عندما يبحث الزائر مثلا عن “مواد التنظيف”، ينبغي أن يفهم نظام البحث أنّ هذه الكلمة مكافئة لكلمات مثل “مواد نظافة” أو “المنظفات” أو “مواعد غسيل” أو “مواد تطهير”.
للأسف لا تدعم معظم القوالب والمنصات خصوصيات العربية، لذلك قد يكون من الأفضل إضافتها بنفسك. سيعطيك هذا ميزة تنافسية هائلة على المتاجر الإلكترونية العربية التي تعتمد على نظام بحث ضعيف. يمكنك الاستعانة بخدمات تطوير المتاجر الإلكترونية التي يقدِّمها المحترفون على خمسات لتطوير نظام بحث قوي يدعم العربية بتكلفة في المتناول.
3. بساطة التصميم
عندما تدخل إلى بعض المتاجر الإلكترونية العربية تجدها مليئة بالمؤثرات البصرية التي لا داعي حقيقي لها. ينبغي أن يسأل أصحاب هذه المتاجر أنفسهم، لماذا لا يفعل عملاق التجارة الإلكترونية أمازون مثل هذا؟ أتظن أنهم غير قادرين على توظيف أفضل المصممين في العالم ويَملؤوا موقعهم بالتزويق والبهرجة الزائدة. ألق نظرة على صفحة أمازون:
إنها بسيطة وواضحة، فأصحاب أمازون يعلمون أنّ الزائر لم يأت ليشاهد تصميم الموقع، بل جاء ليشتري بسرعة وسهولة. لهذا فهم يركزون على ما يريد المستخدم دون تشتيته أو إربَاكه. لكن هذا لا يعني أن تهمل تنسيق موقعك، ينبغي أن يكون تصميمك جذابًا وأنيقًا، ولكن بدون مبالغة.
4. صفحة المنتج
عندما يدخل المستخدم إلى صفحة المنتج سيكون أمامه خياران، إما شراء المنتج، أو الخروج بدون أن يشتري. هناك الكثير من العوامل التي تتحكم في قرار المستخدم مثل السعر ومدة الشحن وتكلفته، وهل يمكن التحكم في مقاسات المنتج وألوانه ومميزاته، إضافة إلى وجود وصف دقيق للمنتج.
احرص على أن تضع كل العناصر المتعارف عليها في صفحات المنتجات؛ ضع سعر المنتج وتكلفة الشحن في مكان واضح مرفوقا بوصف المُنتج وممَيزاته وخصائصه بلغة جيدة وأسلوب تسويقي. الكثير من المتاجر الإلكترونية العربية للأسف تكتفي بنسخ أوصاف المنتجات من مواقع أجنبية أو تترجمها ترجمة رديئة. ما يؤثر سلبًا على تجربة المستخدم ويُعطيه انطباعًا سيئًا.
وبالطبع، إن كنت ستنسى شيئا فلن تنسى أهم عنصر في الصفحة، وهو زر الشراء. ينبغي أن يكون واضحا ومميزا، ويُفضل أن يكون بلون خاص يميزه عن باقي المحتويات. لا تنس كذلك وضع زر يأخذ المستخدم إلى سلة المشتريات مباشرة. هذا مثال على صفحة منتج في أمازون:
لا تنس كذلك وضع قسم خاص بالمنتجات المرافقة للمنتج المعروض في الصفحة، سواء المنتجات المكملة، أو المنتجات التي اشتراها الأشخاص الآخرون. إليك المثال التالي من متجر أمازون العربي.
5. استخدام صور عالية الجودة
على خلاف المتاجر المادية، لا يستطيع المستخدم أن يلمس منتجات متجرك أو يجربها ليتحقق من مقاسها أو ملائمتها. يمكنك – وعليك – وضع وصف دقيق ومفصل لكل منتج من منتجاتك، لكنّ صورة واحدة قد تكون أبلغ من ألف كلمة كما يقولون.
أفضل طريقة لوصف المنتج هي عبر عرض صور عالية الجودة له، ويُفضل أن تكون من كل الزوايا والأوضاع مع التركيز على مزايا المنتج. هذا مثال من متجر إيكيا الإلكتروني:
6. تبسيط عملية الدفع
هل تعلم أنّ 70% من سلال المشتريات يتخلى عنها المشترون! هناك عدة أسباب لهذه الظاهرة، منها كثرة الحقول التي يُطلب من المشتري أن يملئها وتعقيد عملية الدفع وفرض التسجيل في الموقع قبل الشراء.
بعض المتاجر الإلكترونية تطلب من المشتري أن يملأ الكثير من الحقول التي ليس لها علاقة بعملية الشراء، مثل رقم الهاتف واسم الشركة. هذا الأمر يزعج المشترين وقد يدفعهم لإلغاء عملية الشراء، إذ يقدر أنّ حوالي 21% من المشترين يتخلون عن سلة الشراء لهذا السبب.
أحد أكبر الأسباب التي تجعل المشترين يوقفون عملية الشراء وينسحبون هو أن تفرض عليهم التسجيل في الموقع قبل الشراء. في الحقيقة يُقدر أن أكثر من ثلث المشترين يلغون عملية الشراء لهذا السبب بالتحديد، وهذه خسارة كبيرة للمتجر الإلكتروني، وإضرار بتجربة المستخدم.
عليك أن تسأل نفسك عند التفكير في تصميم متجر إلكتروني إن كان ذلك ضروريا، هل تحتاج أن يسجل المشتري في المتجر، إن لم يكن هذا ضروريا فلا تفرض عليهم التسجيل، واجعله اختياريا. وحتى لو كان ذلك ضروريا، فحاول تيسير عملية التسجيل إلى أقصى حد، ويُفضل إتاحة التسجيل عبر جوجل أو فيسبوك.
7. إتاحة التقييمات
لنفترض أنك تريد شراء منتج ما، وسألت صديقا لك فقال أنّه اشترى ذلك المنتج من قبل ومدحه وأوصاك بشرائه، ألن تشتريه؟ على الأرجح نعم، لأنك تثق في شهادة صديقك. الأمر نفسه ينطبق على الشراء عبر الإنترنت، إذ أنّ تقييمات المشترين تحفز الزوار على شراء المنتج.
قد تقول أنّ هناك فرقا بين تقييم وتوصية صديق تعرفه، وبين تقييم شخص غريب على الإنترنت لا تعرف اسمه حتى. في الحقيقة وجد الباحثون في مجال التسويق أنه لا يوجد أي فرق يُذكر، فما يقرب من 91% من الألفيين يثقون في تقييمات الإنترنت بقدر ثقتهم في تقييمات أصدقائهم.
الأكثر من هذا أنّ 74% من العملاء لن يشتروا المنتج حتى يقرؤا التقييمات، و15% من العملاء لا يثقون في أي مشروع أو متجر لا يعرض التقييمات. لأن التقييمات مؤشر على الشفافية، فإن لم تتح إضافة التقييمات للمستخدمين وقراءتها، فقد يعطيهم ذلك فكرة سلبية عن المشروع، كأنك تريد أن تخفي عنهم آراء المشترين السابقين في منتجاتك، وهذا لن يساعدك.
8. سرعة الموقع
سرعة التحميل واحدة من أهم شروط تصميم متجر إلكتروني يقدم تجربة مستخدم مثالية للعملاء. كلنا نكره تضييع الوقت في انتظار تحميل صفحة على موقع، فهو أمر ممل ومزعج ويؤثر سلبا على تجربة المستخدم. 79% من زوار المتاجر الإلكترونية يقولون إنهم إن وجدو مشكلة في أداء الموقع لن يعودوا إليه للشراء مجددا.
عند إنشاء متجر إلكتروني ينبغي أن تحرص على أن تكون صفحات المتجر سريعة التحميل، خصوصا على الجوالات التي تعمل عادة بأداء منخفض. تجنب الإكثار من الصور الكبيرة أو الصور المتحركة، واحرص على أن يكون متجرك معدا وفق أفضل الممارسات بُغية تحسين أدائه.
استعرضنا في النقاط السابقة عددًا من النصائح الجوهرية التي ستساعدك بالتأكيد على تصميم متجر إلكتروني يقدم تجربة مستخدم مثالية. إن لم تكن تملك الخبرة التقنية أو الوقت لإعدادها بنفسك، فيمكنك الاستعانة بخدمات المحترفين على خمسات لتقديم تجربة مستخدم مثالية تحسن معدلات التحويل وترضي عملائك.
تم النشر في: يناير 2021
تحت تصنيف: التصميم | تصميم الويب