ما هو البيع التسويقي وكيف تستخدمه لتحقيق الأرباح؟

الشركات والمشاريع التي تفشل في توحيد جهود التسويق والمبيعات تضيّع الكثير من الفرص والموارد. إذ تشير الإحصاءات إلى أنّ عدم التنسيق بين المبيعات والتسويق قد يجعل الشركة تخسر 10% على الأقل من إيراداتها السنوية. هذا الأمر ناتج عن الفصل بين الجهود التسويقية وجهود المبيعات رغم أنّ أهدافها واحدة، وهي زيادة المبيعات واستقطاب عملاء جدد. لهذا السبب ظهر البيع التسويقي (Smarketing)

ما هو البيع التسويقي Smarketing؟

عادة ما يعمل فريقا التسويق والمبيعات بشكل منفصل عن بعضهما، فلكل منهما أهدافه وآلياته واستراتيجياته وأدواته. يحاول البيع التسويقي تغيير هذا الأسلوب، إذ يسعى لتوحيد عمليات التسويق والمبيعات. والهدف هو التنسيق بين جهود فريقي التسويق والمبيعات بُغية تحقيق أهداف مشتركة متفق عليها وزيادة المبيعات عبر التواصل وتوحيد الاستراتيجيات وأدوات العمل.

لماذا تحتاج إلى اعتماد البيع التسويقي؟

الدور التقليدي لفريق التسويق هو إنشاء محتويات ترويجية، والتوعية بالعلامة التجارية وإيصال الرسائل إلى أكبر عدد من الناس عبر القنوات التسويقية المتاحة، مثل: الشبكات الاجتماعية والبريد الإلكتروني وغيرها بُغية استقطاب العملاء المحتملين. من جهة أخرى، دور فريق المبيعات هو تحويل العملاء المحتملين وإقناعهم بشراء الخدمات والمنتجات التي يبيعونها.

هذا الاتجاه له بعض الفوائد، إذ أنّه يقسّم المهام ويوزّع الأدوار بين فريقي التسويق والمبيعات. بيد أنّ له بعض الجوانب السلبية، فقد أصبح من المعتاد أن تسمع العاملين في فريق المبيعات يشتكون من أنّ نسبة كبيرة من العملاء المحتملين الذين يأتي بهم فريق التسويق غير مؤهلين وغير مناسبين ويصعب تحويلهم. في المقابل تجد أعضاء فريق التسويق يشتكون من أنّ فريق المبيعات لا يحوّل العملاء المحتملين بالشكل الصحيح.

البيع التسويقي يحل هذه المشكلة، إذ أنّه يجعل فريقي التسويق والمبيعات يعملون كفريق واحد بأساليب منسقة وأهداف متفق عليها. وهذا يؤدي إلى استغلال مثالي للموارد والوقت، إذ سيوّجه فريق التسويق جهوده نحو القنوات والشرائح الأكثر قابلية للتحويل، في المقابل لن يضيع فريق المبيعات وقته في محاولة تحويل عملاء غير مهتمين أو محتاجين لمنتجاتهم وخدماتهم.

وقد أثبتت الأرقام أن البيع التسويقي يحقق عائدا كبيرًا على الاستثمار، إذ يقدر بنحو 208%. كما أنّ معدل الاحتفاظ بالعملاء لدى الشركات التي تعتمد مقاربة البيع التسويقي أكبر بحوالي 36% مقارنة بغيرها. إضافة إلى أنّها تحقق زيادة في المبيعات تقارب 38%. من الواضح إذًا أنّ البيع التسويقي فعّال في زيادة المبيعات. سنحاول في الفقرة التالية فهم آليات عمله، وكيف تتمكن من تطبيقه في عدة خطوات عملية.

خطوات البيع التسويقي

سنفترض في هذه المقالة أن الشركة توظف فريقين، أحدهما للتسويق وآخر للمبيعات، بيد أنّ المبدأ نفسه يُطبق حتى على الشركات والمشاريع الصغيرة. إن كنت تملك مشروعا صغيرا، ولا تملك الميزانية لتعيين فريق للتسويق وآخر للمبيعات، فالحلّ الأمثل هو توظيف مستقلين لإعَانتك ومساعدتك في بناء وتنفيذ استراتيجية البيع التسويقي.

1. تنسيق المحتوى التسويقي

قسم التسويق هو المسؤول عن إنشاء المحتوى الترويجي، مثل رسائل البريد الإلكتروني ومحتوى الموقع، ومنشورات الشبكات الاجتماعية ومحتوى الإعلانات. هذه المحتويات موجهة أساسًا لإقناع الناس بالشراء وتوعيتهم بالعلامة التجارية، لكنها قد تكون مفيدة أيضا لقسم المبيعات.

مثلًا يمكن لممثل المبيعات أن يستخدم المحتويات التي أنشأها الفريق التسويقي، مثل محتويات الويبينار أو الاستطلاعات للإجابة عن أسئلة المشترين وتبديد مخاوفهم وإقناعهم بالشراء. عندما ينشئ فريق التسويق المحتويات الترويجية، ينبغي أن يأخذوا بالحسبان أنّ فريق المبيعات يمكن أن يستخدمها مع العملاء والمشترين الحاليين.

لذلك ينبغي أن تكون هناك رؤية موحدة بُغية توفير المحتويات اللازمة لفريق المبيعات. هذه بعض النصائح التي يمكن أن تساعد على تنسيق المحتوى:

  • اعتماد نظام للتدوين: يتواصل أعضاء فريقي التسويق والمبيعات باستمرار مع العملاء. ويسمعون تعقيباتهم، ومشاكلهم واحتياجاتهم، والأمور التي تحمّسهم بخصوص الشركة أو المنتج. للأسف، في غمرة العمل لا يملك ممثلو التسويق والمبيعات الوقت لكتابة هذه البيانات المهمة، ما يؤدي إلى ضياعها.

ينبغي الاتفاق على نظام لتدوين الملاحظات والتجارب يلتزم به أعضاء فريقي التسويق والمبيعات، وجعل تلك الملاحظات متاحة للجميع. على سبيل المثال، يمكن العمل على مستند جوجل مشترك، أو إن كانت شركتك تعمل على منصة لإدارة المشاريع مثل تريلو. فيمكن إضافة بطاقة خاصة لكتابة مثل هذه الملاحظات ليسهل تدوينها وتكون متاحة للجميع.

  • جلسات عصف ذهني: العصف الذهني هو تقنية تساعد على توليد الأفكار وإيجاد حلول للمشاكل. وتُستخدم كثيرًا في مجال كتابة المحتوى. إذ تسهل إيجاد الأفكار العامة أو الفرعية للمحتويات. يمكن لفريقي التسويق والمبيعات أن يعقدوا جلسة عصف ذهني من حين لآخر لتوليد الأفكار بخصوص المحتوى التسويقي.
  • تنسيق الحملات التسويقية مع المبيعات: يطلق فريق التسويق من حين لآخر حملات تسويقية، ويقدمون عروضًا خاصة، مثل الخصومات والكوبونات والعروض الخاصة بشهر رمضان والحج والدخول المدرسي والأعياد وغيرها. ينبغي أن يكون فريق المبيعات على اطلاع دائم بمثل هذه الحملات حتى يعرفوا العروض المتاحة للمشترين.

 2. التواصل وتوحيد المصطلحات

ينبغي أن يعمل فريقا التسويق والمبيعات كما لو كانا فريقًا واحدًا، وذلك بأن يكون كل فرد من فريق التسويق قادرا على التواصل بأحد أعضاء فريق المبيعات بسرعة، والعكس بالعكس. هذا ضروري لضمان سلاسة العمل.

فأحيانًا قد يحتاج المسوق إلى معلومات بسرعة عن حجم المبيعات أو العملاء الكبار أو استفسارات المشترين عن منتج معين. كما قد يحتاج فريق المبيعات كذلك إلى التواصل مع فريق التسويق للحصول على مواد ترويجية أو الاستفسار عن التوجهات العامة في السوق مثلًا. هذه بعض النصائح التي يمكن أن تعزز التواصل بين الفريقين:

  • تبادل البيانات: يجمع فريقا المبيعات والتسويق الكثير من البيانات. الأمر الذي يستتبع تبادلها بين الفريقين بشكل دوري، فذلك سيعطيهم فكرة أوضح عن العملاء المحتملين الأكثر قابلية للتحويل، والمشاكل التي يواجهونها. ويساعدهم على تحسين جهودهم، ومعرفة المحتوى الترويجي الأكثر فعالية بُغية تعديله ليعكس الحاجات الحالية للعملاء، وكذلك مراجعة ملف المشترين وتقسيم العملاء إلى شرائح لتحسين النتائج.
  • استخدام أدوات التواصل: هناك الكثير من الأدوات المجانية التي تتيح التواصل الفوري، سواء عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل واتساب وفيس بوك، أو تطبيقات الدردشة، مثل زوم وسكايب، إضافة إلى رسائل البريد الإلكتروني وغيرها. ينبغي أن يكون هناك نظام تواصل واضح ومشترك ومتاح لجميع أعضاء فريقي التسويق والمبيعات لأجل تواصل فوري ومباشر.
  • الاجتماعات المشتركة: لا يوجد بديل عن التواصل الإنساني المباشر، فحتى لو اعتمدت الشركة أفضل الأدوات وعملت على أقوى المنصات الرقمية. فالطريقة الأفضل لتعزيز التواصل بين الناس كانت وما زالت التواصل المباشر، من الضروري عقد اجتماعات دورية تجمع أعضاء فريقي التسويق والمبيعات. ليس بالضرورة أن يكون الاجتماع وجهًا لوجه، يمكن استخدام منصات الاجتماع عن بعد إن كان الشركة تعتمد على موظفين يعملون عن بعد.

3. توحيد الأدوات

ظهرت في السنوات الأخيرة الكثير من الأدوات الرقمية التي تساعد فرق التسويق والمبيعات على أداء مهامها رقميًا أو عن بعد. منها أدوات إدارة العلاقات مع العملاء وأدوات التواصل وإدارة المحتوى. أفضل طريقة لتوحيد جهود فريقَي التسويق والمبيعات هي العمل بنفس الأدوات. بدل أن يعمل كل فريق بأدوات خاصة به، ينبغي أن يتفق الفريقان على الأدوات نفسها، بل ويُفضل أن يعملوا على نفس قاعدة البيانات وعلى نفس المنصة حتى يرى كل فريق ما يفعله الفريق الآخر.

هناك العديد من الأدوات التي يمكن أن تسهل التنسيق بين الفريقين. مثلا في حسوب نستخدم أنا لإدارة المشاريع، هذا الموقع يوفر منصة مشتركة يعمل عليها كتاب المحتوى والمسوقون وخبراء السيو والمبيعات جنبًا إلى جنب لضمان اتساق تام في جهود فرق العمل. كما تسهل التواصل بين أعضاء الفريق وإدارة المحتوى وتنسيق المهام وجدولتها.

4. اتفاقية مستوى الخدمة (SLA)

القول أسهل من العمل، من السهل الحديث عن توحيد جهود فريقي التسويق والمبيعات، لكن تطبيق ذلك صعب. فحتى لو نجحت في إقناعهم بضرورة العمل سويا، فذلك لا يعني أنّهم سيَشرعون على الفور في ذلك. إذ أنّ المعيار المعتاد لدى الشركات هو تقسيم المهام، فيعمل فريق التسويق على جلب العملاء المحتملين، فيما يعمل فريق المبيعات على تحويلهم، ولن يكون من السهل تغيير هذه العادة.

هنا تظهر أهمية اتفاقية مستوى الخدمة Service Level Agreement وتُعرف اختصارًا (SLA). وهي وثيقة تحدد أدوار ومهام كل فريق. إذ أنها تتخطى الجانب النظري. ليتحول البيع التسويقي من شعار أو مقاربة عامة مبهمة إلى خطة واضحة وقابلة للقياس. حيث تساعد على توضيح مهام كل فريق وتوحيد الأهداف وآليات العمل، وعادة ما تشمل النقاط التالية:

  • إنشاء ملف المشتري (Buyer Profile): جميع صفات وخصائص الشريحة المستهدفة ينبغي أن تُحدد وتُصاغ في ملف للمشترين يكون مرجعًا لكل من فريق التسويق وفريق المبيعات. بهذه الطريقة سيعرف فريق التسويق أين يوجّه جهوده لاستهداف العملاء المحتملين الذين يستوفون شروط ملف المشترين حتى يسهل على فريق المبيعات تحويلهم وإقناعهم بالشراء.
  • توزيع المهام: ينبغي أن تتضمن اتفاقية مستوى الخدمة خطة مفصلة وموحدة للعمل يلتزم بها فريقي التسويق والمبيعات. مع توزيع المهام لكي يعرف كل فريق المهام المنتظرة منه والمسؤوليات الملقاة على عاتقه وما الذي يجب عليه فعله في كل خطوة من خطوات التسويق والبيع.
  • تحديد الأهداف: ينبغي أن تكون الأهداف واضحة وموحدة ومعروفة للجميع. مثل عدد العملاء المحتملين الذين ينبغي استقطابهم كل شهر. إضافة إلى عدد المبيعات، ومستوى الوعي بالعلامة التجارية في الشبكات الاجتماعية ومعدل تحويل العملاء وغير ذلك. هكذا سيسهل تقييم عمل كل فريق ومتابعته.

5. خطوات التحويل

ينبغي أن يتفق فريقا التسويق والمبيعات على كل خطوة من خطوات تحويل العملاء المحتملين. بدءا من تحديد الشريحة المستهدفة وإعداد المحتويات الترويجية، وحتى كتابة تقارير المبيعات. بهذه الطريقة يمكن لفريقي التسويق والمبيعات رؤية الصورة الكاملة لدورة البيع، والتعاون عن كثب ومعالجة الأخطاء والمشاكل الطارئة بسرعة. هذا مثال على سلسلة خطوات التحويل:

  1. يحدد فريق التسويق الشريحة المستهدفة.
  2. يقسم فريق التسويق بتعاون مع فريق المبيعات الشريحة المستهدفة إلى شرائح فرعية.
  3. ينتج فريق التسويق باستشارة مع فريق المبيعات المحتوى الترويجي.
  4. يوزع فريق التسويق المحتويات بحسب كل شريحة فرعية.
  5. يستقبل فريق المبيعات العملاء المحتملين الذين استقطبهم فريق التسويق في صفحة الهبوط أو في الحسابات الاجتماعية للشركة.
  6. يحاول فريق المبيعات إقناع العملاء بالشراء، ويواكبونهم ويقدمون لهم الدعم.
  7. يحوّل فريق المبيعات العملاء المحتملين إلى مشترين.
  8. يصدر فريق المبيعات وفريق التسويق تقارير شهرية توضح مقاييس الأداء.

خلاصة القول أنّ البيع التسويقي يتمحور حول جعل فريقي المبيعات والتسويق يعملان معا كفريق واحد. إذ يعمل المسوقون على استقطاب أفضل فرص البيع لفريق المبيعات، فيما يقدم فريق المبيعات الرؤية والتوجيه لفريق التسويق لتحسين جهودهم التسويقية لأجل استقطاب أكبر عدد ممكن من العملاء، وتقليل الخلافات بين الفريقين لضمان نتائج أفضل واقتناص الفرص المتاحة للبيع.

البيع التسويقي هو مفهوم حديث نسبيًا، ولا زالت الكثير من الشركات والمشاريع لا تقدر أهميته والفوائد التي يمكن أن يأتي بها خصوصا في العالم العربي. وهذه قد تكون فرصة ثمينة لك، فكما أشرنا من قبل، البيع التسويقي يمكن أن يرفع إيراداتك السنوية بحوالي 20%، وهي زيادة يمكن أن تسرع نمو مشروعك تسريعًا ملحوظًا.

تم النشر في: ديسمبر 2020
تحت تصنيف: التسويق الرقمي | مبيعات