6 خطوات عملية لاتخاذ قرارات لا تندم عليها

اتخاذ القرار جوهر العملية الإدارية، ولربما كان اتخاذ القرارات الدور الأعظم الذي يؤديه المديرون للوصول بشركاتهم للأهداف المنشودة، بل تؤديه أنت لإدارة حياتك سواءً بشكل مقصود أو غير مقصود، وإنّ اتخاذ القرار بشكل خاطئ كذلك عدم اتخاذ القرارات أو تسويفها يُحدث أضرارًا بالغة تضر بالشركة وتهددها بالإخفاق أو ربما الزوال؛ لذلك يقول البعض أن اتخاذ القرار أفضل بكثير من عدم اتخاذه. ونظرًا لأهمية اتخاذ القرار بشكل رشيد، لخصنا لك خطوات اتخاذ القرار الستة، مع مثال تطبيقي ليتضح الأمر أكثر.

المثال القائم عليه المقال: محمد لديه مدونة إلكترونية ووجد أن عدد الزوار قد نقص بنسبة 15% عن الشهر الماضي، فما هو القرار الرشيد الذي يجب أن يتخذه؟

جدول المحتويات:

تعريف اتخاذ القرار

يتلخص مفهوم اتخاذ القرار في القدرة على اختيار الحل الأمثل من بين عدّة حلول لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة بناءً على العديد من العوامل المتاحة، التي تتفاوت من بيئة عمل إلى أخرى ومن مؤسسة إلى أخرى، مثل الوقت والموارد. يُعدّ اتخاذ القرار هو جوهر الإدارة، إذ تؤثر القرارات المتخَذة على الأنشطة التجارية وأهداف الشركة والأداء التنظيمي. وتعتمد عملية اتخاذ القرار على تحليل النتائج لوضع القرار المتُخَذ موضع التنفيذ. ولجعل عملية صنع القرار فعالة، من المهم أن تمر بعدّة مراحل، هي:

  • تحديد المشكلة.
  • تحديد معايير اتخاذ القرار.
  • البحث عن الحلول المناسبة ومدى تأثيرها المحتمل على المشكلة.
  • تحليل النتائج السابقة للوصول إلى الحل الأمثل.
  • اتخاذ القرار.
  • تنفيذ القرار.
  • مراقبة النتائج وإجراء تغييرات؛ إن لزم الأمر.

مهارات اتخاذ القرار

تحتاج إلى مجموعة مهارات لتحسين القدرة على جمع المعلومات ذات الصلة بالمشكلة وتحليلها، حتى تتمكن من اتخاذ القرار المناسب. ومن هذه المهارات:

1. التفكير المنطقي

تتطلب عملية اتخاذ القرار جمع البيانات وتقييمها، ما يستدعى الحاجة إلى التفكير المنطقي. لذا تأكد من دراسة البيانات المقدمة جيدًا وتحليلها حسب المزايا والعيوب، مستخدمًا المنطق ومتجنبًا التحيز الذي يمكن أن يؤثر على قرارك.

2. القيادة

تمكّنك مهارة القيادة من تحفيز الموظفين على تفعيل القرار الذي اتخذته لتحقيق الأهداف المرجوة منه. فكلما كانت تربطك بموظفيك علاقة جيدة، كان ذلك أدعى إلى وجود مساحة من الحِوار والنقاش للتحدث بشأن القرار المُتخَذ وإبداء أي وجهات نظر حوله، ما يمكن أن يكون محل نظر للوصول إلى النتائج المأمولة أسرع.

3. الذكاء العاطفي

يلعب الذكاء العاطفي دورًا بارزًا في عملية اتخاذ القرار، إذ يمكّنك من قراءة لغة جسد الموظفين وانطباعاتهم غير المباشرة حول المشكلة محل البحث، ما يجعلها مهارة ضرورية تساعدك على تجنب اتخاذ القرارات غير المناسبة. لذا راجع دائمًا رؤية الشركة وهدفها الأساسي، وحافظ على وجود اتساق بين تلك الأمور والأهداف التي تسعى إلى اتخاذها.

4. إدارة الوقت

يتطلب صنع القرار التخطيط الجيد لمراحل عملية اتخاذ القرار، وأن تكون في إطار زمني واضح ومناسب. لذا فإن مهارة إدارة الوقت لصانع القرار مهارة لا بد منها، حتى تتمكن من وضع مخطط زمني تُراعى فيه بعض المراحل التي يمكن أن تأخذ وقتًا أكثر من غيرها، وضمان الالتزام بالمواعيد النهائية المحددة.

5. حل المشكلات

قد يواجهك أحيانًا مشكلات ونزاعات نتيجة لبعض القرارات، وهنا يجب أن تتمكن كصانع قرار من التعامل مع هذه المشكلات بطريقة مناسبة، تُمكّن الموظفين من التركيز على تحقيق الأهداف المترتبة على القرار المُتخَذ، بالتفكير معهم والوصول إلى وجهات النظر والتخوفات وراء تلك النزاعات، وفهمها التعامل معها.

مؤثرات اتخاذ القرار

  1. المعلومات المتعلقة المشكلة: ترتبط كمية المعلومات التي توصل إليها صانع القرار بصحة القرار من عدمه. فكلما كانت معلومات قليلة عن المشكلة، كان القرار النهائي أقرب إلى عدم الصواب وأقل مناسبةً.
  2. الثقافة: تؤثر ثقافة متخذ القرار على ما يتوصل إليه من حلول تأثيرًا مباشرًا، بغض النظر عن مدى صحة القرار من عدمه، إلا أنك تجد الأشخاص ذوي الثقافات العربية يميلون غالبًا إلى القرارات التي يمكن أن تتقبلها الجماعة وتفضلها، في حين تجد العكس في الأشخاص ذوي الثقافات الغربية، فإنهم يفكرون دائمًا بما يمكن أن يؤثر على حياة الفرد.
  3. طبيعة الشخصية: يتميز صناع القرار الذين لديهم انفتاح على آراء الآخرين ووجهات النظر الأخرى بقدرتهم على رؤية الصورة الأشمل وإمكانية اتخاذ قرارات أكثر فعالية وتأثيرًا. لذا تجد هذا النوع دائمًا أقل عصبيةً وأكثر انضباطًا، وغير متأثرين بآرائهم الشخصية وعواطفهم، لأن لديهم وعي عالٍ نتيجة الخبرة التي اكتسبوها من الاستماع الجيد للآخرين، ودراسة آرائهم بمعذل عمّا يرونه ويعتقدونه.
  4. المرونة: غالبًا ما يُصاحب عملية اتخاذ القرار ضغطٍ عالٍ يمكن أن يؤثر على فعالية القرار المُتخذ وجودته، لذا يتميز صانع القرار الناجح بمرونة عالية للتعامل في هذه الأوقات، وقدرة على معالجة أي مشكلة دون أن يكون لها تأثير على اتخاذ القرار.

خطوات اتخاذ القرار الستة

1. تحديد المشكلة

يُخطئ الكثير بالتسرع في الأقوال والأفعال، بل ربما المشاعر تجاه الآخرين، مما قد يُوصل البعض لاتخاذ قرارات إن أطلقت عليها كلمة غبية فلن أكون كاذبًا. وإنّ الأولى منزلة أن تُحدد المُشكلة التي تواجهك وتشخّصها، وتتعرف على مدى خطورتها وإلحاحها، كذلك الآثار الناجمة إن لم تُعالج المُشكلة وإذا عالجتها، وما العلاقة بين هذه المشكلة ودرجة تحقيق أهداف الشركة.

تطبيق على المثال:

  • المشكلة: أنخفض عدد الزوار بنسبة 15% عن الشهر الماضي.
  • أهمية الحدث أو خطورة المشكلة: مهم جدًا
  • إلحاح المشكلة: مُلحة وتحتاج لإيجاد حلول الآن.
  • الآثار السلبية الناجمة: انخفاض عدد الزوار أدى إلى خسارة كبيرة وفي حالة استمرت المشكلة فستكون الخسارة أكبر.
  • الآثار الإيجابية إذا حلت المشكلة: وقف الخسارة وزيادة الربح.
  • هل لها علاقة بالأهداف: نعم لها علاقة مباشرة بالأهداف التي بُنى الموقع من أجلها.

نتيجة هذه الخطوة تساعدك على معرفة المشكلة التي تواجهها وعلاقتها بأهداف الموقع، والآثار السلبية المتوقعة من جرّاءِ حدوثها، وما الفائدة التي ستجنيها إن تم حل المشكلة. أما تحديد أهمية وإلحاح المشكلة فتتلخص في كلمة التوقيت؛ حيث يتم تحديدهما لمعرفة هل يجب البدء الآن في حل هذه المشكلة أم أن هناك مشاكل أخرى أهم، وكما ترى أن المشكلة التي نتحدث عنها هنا مهمة وملحة.

2. إعادة تقييم الأولويات

رحلة الإدارة مليئة بالأحداث التي تحتاج منك إلى اتخاذ قرارات، فمثلًا إدارة موقع إلكتروني يندرج تحتها العديد من الأفعال، مثل: مراجعة المقالات لنشرها في مواعيدها المحددة، تحديد المنشورات التي يجب نشرها على الشبكات الاجتماعية، توظيف كاتب جديد، مناقشة المصمم بشأن القالب الجديد، …إلخ.

ولا شك أنك الآن أدركت المقصود من تقييم الأولويات، حيث تضع المشكلة التي توصلنا لها في الخطوة الأولى في مقارنة مع بقية المشاكل؛ فلعلّ هناك مشكلة أكثر أهمية من المشكلة الحالية.

درجة الأهمية والإلحاح

ولإعادة تقييم الأولويات يمكن عمل جدول مكون من أربع خانات فقط، وتضع قيمة الأهمية في الصفوف، ودرجة الإلحاح في الأعمدة، وسيكون للمشكلة أربع حالات كما بالصورة السابقة:

  • مهم وملح: يجب البدء فيه على الفور
  • مهم غير ملح: يمكن تأجيله لموعد محدد في جدول الأعمال
  • غير مهم ملح: يمكن تعيين آخرين لعمله
  • غير مهم غير ملح: يجب تأجيله حتى الانتهاء من الأعمال الأخرى، أو يمكنك نسيانه.

بعد عرض المشكلة التي لدينا نجد أنها في خانة مهم وملح؛ ولذلك يجب البدء فيها على الفور وبدون تسويف ولا تأجيل.

3. تحليل أسباب المشكلة

إذا عُرف السبب بطل العجب، وإنّ الخطوة التالية فور تحديد المشكلة واتخاذ قرار مبدئي بإيجاد الحلول لها هو تحليل المشكلة والبحث عن الأسباب التي أدت لحدوثها حتى يتسنى اتخاذ أنسب قرار لحلّ المشكلة.

تطبيق على المثال:

جلس محمد ليفكر في الأسباب التي أدت إلى انخفاض عدد الزوار بهذه النسبة الكبيرة، وكان طرف الخيط أن مصادر الزوار لمدونته: محركات البحث، وصفحة الفيس بوك الخاصة بالموقع، ومن الزيارات المباشرة للمدونة.

أخذ محمد يُقارن نسبة الزوار بين الشهرين فوجد أن المشكلة ليست من صفحة الفيس بوك، كذلك وجد أن الزيارات المباشرة كما هي، ولكنه وجد أن نسبة عدد الزوار القادمة من محركات البحث هي السبب الحقيقي وراء انخفاض معدل عدد الزوار.

4. تحديد البدائل، تقييمها والاختيار منها

الآن أمام محمد أحد أمرين؛ فإما أنه متمكن من فهم التحليلات جيدًا التي تتعلق ببيانات وإرشادات محركات البحث وبالتالي سوف يُكمل بنفسه لمعرفة أسباب المشكلة بالتحديد، وإما أنه لا يعرف كيف يجد السبب الحقيقي من التحليلات، أو أن لديه مشاكل أخرى هامة يجب النظر فيها، وبالتالي سيقوم بتوظيف متخصص SEO ليجد السبب الحقيقي للمشكلة.

5. اسأل لماذا حتى تصل لجذور المشكلة

بعد تحليل البيانات وجد متخصص الـ SEO أن هناك 5 مقالات أنخفض ترتيبها في محركات البحث؛ فذهبت بهذه النسبة من الزيارات وهذا هو السبب الحقيقي لحدوث المشكلة، وإذن ستكون المهمة التالية معرفة لماذا انخفض ترتيب هذه المقالات، وكانت الإجابة أن هناك مقالات أخرى تخطتها، وإذن ستكون المهمة التالية معرفة الأسباب التي جعلت مقالات المنافسين تتفوق على مقالات موقع محمد، فاكتشف المتخصص أن مقالات المنافسين تتفوق في عدة عناصر منها طول المقالات، غنية بالصور التفاعلية، … الخ، وإذن محمد بحاجة إلى توظيف كاتب مقالات بارع لتعديل المقالات التي انخفض ترتيبها بناء على التعليمات التي أوردها متخصص الـ SEO في تقريره.

6. اتخاذ القرار الرشيد ومتابعة تنفيذه

بناءً على الخطوات السابقة أصبح القرار الرشيد الواجب اتخاذه أن يتم إعادة كتابة المقالات كذلك تهيئتها لمحركات البحث بشكل جيد، ولذلك تم توظيف كاتب لتنفيذ هذه المهمة. وبعد أن تم تعديل المقالات الخمسة، بدأ مؤشر عدد الزوار يتجه إلى أعلى مُجددًا.

اقرأ أيضًا: كيف تتخذ قرارات فعّالة في مجال الأعمال؟

خطورة عدم اتخاذ قرار رشيد

صدمة المشكلة أحيانًا تُفقد من يُمسك بزمام الأمور الحكمة إذا كان ضعيفًا، وكل مدير موقع ستكون له ردة فعل مختلفة عن الآخر، فأحدهم سيوبخ فريق التسويق لأنه لم يُحسن صنيعًا، وآخر سيهمل الأمر وسيكمل بنفس الطريقة، بالتالي سوف يخسر مع مرور الوقت مزيدًا من الزوار أو ربما بالصدفة يرتقي موقعه، وآخر سوف يوظف عدد أكبر من كتّاب المقالات لتأليف عدد أكبر من المقالات ظنًا منه أن المشكلة في عدد المقالات، وكل مدير سيتخذ في النهاية قرارًا، ولكن في النهاية سيؤثر القرار الذي تم اتخاذه سلبًا أو إيجابًا على مجريات الأمور في شركتك أو في حياتك.

تم النشر في: تطوير المهارات