توطين المنتجات: لماذا ينبغي أن يكون منتجك متعدد اللغات؟

تمر المنتجات والخدمات المختلفة بعدة مراحل بدءًا من الفكرة إلى التنفيذ والتسويق، وعادةً ما يكون أصحاب الأعمال في غاية الحماس لعرض منتجهم للعملاء وتحقيق أهدافهم بعد عمل وجهد طويل، لكن هل سألت نفسك يومًا ما، عن السبب الذي يساهم في وصول منتج ما دون غيره إلى العالمية؟

جدول المحتويات:

تعريف توطين المنتجات

يشير مفهوم توطين المنتجات (localization) بشكل رئيسي، إلى تعديل المنتج لإضفاء ألفة بينه وبين المستخدم، لدرجة تُشعر المستخدم أنه يتشارك ومنتجك بمسقط الرأس، بمعنى أن يتضمن ذلك استخدام تنسيقات العنوان والتاريخ المحلية، وعرض العملة الصحيحة ووحدات القياس، تغير المتطلبات القانونية واختيار الألوان والرسومات المناسبة للبلد التي تسوق منتجك فيها، وهذا ما يوضح أن ذلك مجهود أكبر بكثير من الترجمة وحسب.

إذا ألقيت نظرة سريعة على أشهر مواقع التجارة الإلكترونية، ستجد العديد من الخيارات التي تتيح للمستخدم أن يحصل على ما يريد بسلاسة، فكلما كانت تجربته سهلة وسلسلة مع موقعك ومنتجاتك، حقق المزيد من الربح والشهرة، وهنا يأتي دور توطين المنتجات عندما نتحدث عن العالمية.

ما الفرق بين التوطين والتدويل؟

يخلط الكثيرون بين مفهومي التوطين والتدويل، في حين يعتقد بعض الناس أن المفهومين يشيران إلى ترجمة المنتجات والخدمات للغات أخرى، لكن الحقيقة أن عملية التدويل تساهم في تسهيل عملية التوطين، بمعنى أن العمليتين متكاملتين.

أشرنا في الفقرة السابقة إلى مفهوم توطين المنتجات، إذ وجدنا أنه قد تعاد صياغة فكرة المنتج أو الخدمة، لتتناسب مع الثقافة المستهدفة، وهذا أمر هام في تسهيل عملية وصول المنتج إلى الأسواق العالمية، وبالتالي زيادة الوصول إلى العملاء المحتملين.

أما التدويل الذي يُشار إليه في كثير من الأحيان بمصطلح “العولمة”، هو عملية إعداد البرامج بحيث يمكنها دعم اللغات المحلية والإعدادات الثقافية، فتدويل برنامجك هو الطريق نحو تلبية احتياجات وتوقعات المستخدمين المحليين في تلك الأسواق، كما أنه عملية تحديد المحتوى والتصميم بحيث يكون من الأسهل في المستقبل تكييف منتجك مع ثقافات إضافية دون الحاجة إلى إعادة تصميمه بالكامل.

ما معنى أن يكون المنتج متعدد اللغات؟ وأين تكمن أهمية التوطين؟

يساهم توطين المنتجات في التغلب على العقبات الثقافية المحتملة، والتي يمكن أن تؤثر على الصورة الأساسية لمنتجك، وبالتالي دخول سلس إلى السوق العالمية، واكتساب شهرة وشعبية كبيرة في كل سوق جديدة، فالتواصل الجيد أمر هام في عملية التسويق المتعلقة بمنتجك.

من جهة أخرى يمكنك منافسة الأسواق المحلية بقوة، فمن الطبيعي أن يفوز المنتج المحلي بثقة العملاء، الأمر الذي يسبب صعوبة في انتشار منتجك، في حين يصبح المنتج متعدد اللغات على قدر واحد من المساواة مع المنتجات الأخرى، فوصول منتجك إلى العميل باللغة التي يفهمها والطريقة التي يعيش بها، يعني التزامك بخدمته واهتمامك براحته.

وإذا قدمت للمشترين تجربة مستخدم مرضية، فستبدأ في اكتساب ثقتهم، وهو أمر ضروري للولاء للعلامة التجارية، حيث سيساعدك التواصل مع المستخدمين بلغتهم الأم وتصميم منتجك على اكتساب ثقتهم، وهنا ننصح باستخدام نظام إدارة الترجمة (TMS) وهو عبارة عن قاعدة بيانات تخزن “المقاطع”، والتي يمكن أن تكون جملًا أو فقرات أو وحدات تشبه الجمل (عناوين أو عناوين أو عناصر في قائمة) تمت ترجمتها مسبقًا، فهذا سيضمن لك الكثير من المردود المادي والثقة لدى العملاء العالميين.

الاستراتيجيات الأفضل لتطبيق توطين اللغات

إنّ الحديث عن الاستراتيجيات المتعلقة بالتوطين، يعني تحديد سلوكيات العملاء وعادات الشراء والاختلافات الثقافية العامة في كل دولة تعمل فيها، كما أنه من الهام تقديم تجربة عميل مريحة ومألوفة للمشترين في بلد معين، وبذلك فإن إعداد مناهج التوطين لكل دولة على حدة، سيضمن للعملاء في الخارج الاستفادة من تجربة الجودة المماثلة، التي سيحصلون عليها باستخدام منتجات محلية.

يكمن الفرق بين المنتجات التي تنجح بقوة في الأسواق العالمية، وبين تلك التي لا تلقى أي انتباه رغم جودتها العالية، يكمن في استخدام استراتيجيات التوطين الصحيحة، والتي تبدأ بتشكيل فريق عمل ناجح ومختص بتقديم خدمات التوطين، فهم الدليل الذي سيقود منتجك نحو العالمية بطبيعة الحال.

من جهة أخرى، يجب دمج أفراد من الخبراء المحليين في فريقك، فهذا سيضمن لك الحصول على أدق تجربة محلية للمستخدمين، فتحديد وإيصال ما تدور حوله علامتك التجارية بوضوح، هو إنشاء هوية قوية تحدد منتجك أو خدمتك من الجمهور.

ويعد التميز في المنتج هو الباب الواسع، الذي سيضمن نجاح منتجك وشعبيته في بلاد أخرى، فالأسواق المحلية غنية بالمنافسين، لذلك من الضروري البحث عن طرق يمكنها أن تمنحك ميزة على منافسيك، مثل الخدمات الإضافية ذات القيمة المضافة والميزات التي يمكن أن تميزك وتجذب المزيد من العملاء.

أشهر الأخطاء التي يجب تجنبها في أثناء توطين منتجك

متابعة لما تحدثنا عنه في فقرة استراتيجيات توطين المنتجات، سنلقي الضوء على أشهر الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس عند توطين منتجاتهم/خدماتهم، وهي في الغالب أخطاء ثقافية وقانونية، كما أنها تشكل تحديات هامة، يمكنها أن تحول بين منتجك ونجاحه، وسنتكلم عنها في النقاط التالية:

1. أخطاء الترجمة والبحث

يعد هذا الخطأ شائعًا، إذ يحدث عند الاعتماد على مترجمين غير أكفاء، أو لا يتم البحث الجيد عن الثقافة التي يريد الشخص توطين منتجاته في أسواقها، فتقع الأخطاء التي تحول دون وصول منتجك/خدمتك إلى الأسواق العالمية.

2. التصميم الخاطئ

ربما تكون الشعارات، الرسومات أو الصور التي تستخدمها على منتجك، تنقل صورة خاطئة عنه فبدلًا من انتشار المنتج وزيادة شعبيته، ستقابل رفض العملاء لما تقدمه بسبب أخطاء التصميم، وهذا ما يعيدنا إلى النقطة الأولى وهي البحث الجيد.

3. عدم النظر في السياق الثقافي والقانوني

قد تتطلب موادك التسويقية اهتمامًا خاصًا، لأنها ليست سهلة التوطين عبر الثقافات واللغات، إذ تحتاج بعض الأسماء والشعارات إلى إعادة النظر، وتذكر دائمًا مراجعة القوانين الخاصة في البلاد المستهدفة، حتى تتفادى الوقع في المشكلات.

تجارب ناجحة عن توطين المنتجات

يوجد بالفعل عدد كبير من المواقع والشركات، التي استطاعت الوصول إلى العالمية، وتقديم خدماتها بأسلوب سلس يتفق مع الكثير من الثقافات حول العالم، حيث اتبعت استراتيجيات التوطين الصحيحة، وأصبحت من أكثر المواقع شهرة وشعبية، ونذكر من هذه التجارب ما يلي:

أولًا: THE WWF

يتصدر الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) قائمتنا هذه، فهو خير مثال على نقل أهدافه إلى كل الثقافات العالمية، فقد كان محور اهتمامه حماية الأنواع المهددة بالانقراض، من خلال القيام بحملات توعوية لنشر ثقافة حماية الأنواع المختلفة، وقد أخذ التوطين الجيد حيزًا في نجاح هذا الموقع، حيث يتم توصيل المعلومات والأهداف بطرق مناسبة لمختلف الثقافات العالمية.

حيث يوفر الموقع اتصالًا جيدًا مع المستخدمين والمهتمين، وينشر العديد من الأخبار والتقارير والحملات التوعوية، بطريقة مناسبة وموجهة إلى المستخدمين في كل بقعة من هذا العالم.

ثانيًا: AIRBNB

AIRBNB ايربنب هو موقع يوفر للمستخدمين خدمات تأجير أماكن للسكن، وخدماته منتشرة في 220 دولة، ومن هنا يمكن أن ترى من هذا الانتشار الواسع، كيف أخذ توطين الخدمات دوره في تحقيق الهدف من الموقع، كما يوجد تطبيق بالإضافة إلى موقع الويب الخاص بهم، وهو متوفر بـ 62 لغة مختلفة.

يختار السائح من خلال هذه التجربة، العيش بالقرب من السكان المحليين، بدلًا من البقاء في الفنادق، وهذا بالتأكيد يوفر تجربة سفر ممتعة ومميزة، ويقدم AIRBNB مراجعات وتوصيات من أشخاص آخرين، مما يسهل على المستخدم عملية الاختيار، بغض النظر عن البقعة الجغرافية التي يعيش فيها.

يتضح لنا من خلال ما ذكرناه في مقالنا، أهمية توطين المنتجات أو الخدمات في توسيع الأعمال، فمن الهام أن يشعر المستخدم في كل مرة يزور فيها موقعك الإلكتروني، أو يجرب منتجًا من منتجاتك، أنه يعيش في عالم يشبهه ويستخدم أفكارًا مألوفة بالنسبة له، لذلك دع منتجك يروي قصته باللغة الأقرب للعملاء المستهدفين، بغض النظر عن الأبعاد الجغرافية والثقافية.

تم النشر في: مشاريع ناشئة