يعلم أصحاب المشاريع والعاملون في مجال التجارة والمسوقون أنّ إقناع الناس بشراء منتج ما ليس بالأمر الهيّن، فحتى لو كان المنتج عالي الجودة ويحل مشاكل حقيقية وبثَمن معقول، فقد لا يكون ذلك كافيًا لإقناع الناس بشرائه. في سبيل ذلك يحاول المسوقون على الدوام ابتكار طرق وأساليب تسويقية جديدة لإقناع الناس بشراء المنتجات، إحدى هذه الطرق الاستفادة من ظاهرة الخوف من الفوات FOMO.
ما هو الخوف من الفوات FOMO؟
هل سبق وشعرت بحاجة ملحة إلى شراء منتج لأنّ الطلب عليه كبير وقد ينفد؟ أو أحسست أنّ عليك شراء منتج لمجرد أنّك رأيت أشخاصًا آخرين يشترونه؟ وهل تجد نفسك تكثر من مطالعة حساباتك الاجتماعية حتى لا يفوتك أي جديد؟ على الأرجح أنّ هذا حصل معك من قبل، وهو نتيجة لظاهرة نفسية تُسمى الخوف من الفوات (fear of missing out أو اختصارًا FOMO).
ظاهرة FOMO هي شعور بالقلق من إمكانية تضييع فرصة والندم عليها لاحقًا، وهو شعور شائع بين الناس ناتج عن رغبتنا في الانتماء إلى مجتمعنا والانسجام والتفاعل معه. فإذا رأيت أنّ الناس يحبون شيئًا ما أو يقبلون على شراء منتج معين، فإنّك لن ترغب في أن تكون معزولًا أو مختلفًا عنهم أو يفوتك الاستفادة من المنتج الذي يقبلون عليه، بل تريد على الأرجح أن تتوافق معهم حتى لا تندم لاحقًا.
تحاول استراتيجية التسويق بالخوف من الفوات (FOMO Marketing) الاستفادة من هذا الشعور الطبيعي لتشجيع الناس ودفعهم نحو شراء منتج معين عبر استخدام العديد من التقنيات. على سبيل المثال، إشعار العميل أنّ المنتج عليه طلب كبير وإن لم يشتريه الآن فقد يخسر فرصته في المستقبل، أو كأن يبيّن المسوق أنّ الناس يحبون المنتج كثيرًا عبر عرض شهاداتهم وتعليقاتهم، وغيرها من التقنيات الأخرى.
لماذا عليك استخدام الخوف من الفوات في استراتيجيتك التسويقية؟
معظم الناس قد يُقدِمون على عملية شراء مندفعة تجنبًا للشعور بالندم لاحقًا. لنفترض مثلا أنّك تريد شراء هاتف ذكي، لكنك لم تقرر الأمر بعد، ولم تحسم أيّ نوع من الهواتف تريد شراءه. ومثل كل الناس ستتردد قبل شراء هاتف محدّد، لأنّك حريص على ألا تنفق أموالك على سلعة لا ترقى إلى تطلّعاتك. الأن، لنفترض أنّك رأيت إعلانًا على إحدى الشبكات الاجتماعية أو على يوتيوب أو على لافتة قريبة لمتجر يبيع الهواتف. الإعلان يقول أنّ هناك عرضًا خاصًا ومؤقتا لبيع الهواتف، وأنّ من يشتريه خلال 24 ساعة سيحصل على خصم 40%.
حتى لو لم تكن مستعدًا للشراء بعد، أو كنت مترددًا في شراء الهاتف المعروض للبيع، فإنّ رؤية الإعلان سيبث في نفسك شعورًا بالقلق من أنّك قد تضيع هذه الفرصة السانحة، وأنّك إن لم تستغلها ستندم لاحقًا. قد يدفعك هذا إلى شراء الهاتف المعروض حتى لو لم تكن قد حسمت أمرك بعد. وهذه هي ظاهرة الخوف من الفوات FOMO، وهي ظاهرة شعرنا بها جميعًا بشكل أو بآخر.
ورغم حداثة التسويق بالخوف من الفوات، إذ أنّ مصطلح FOMO لم يظهر إلا سنة 2004، إلا أنّه أثبت فعالية كبيرة في إقناع الناس بالشراء وزيادة المبيعات وتسريعها كما تبيّن الأرقام التالية:
- يشعر 56% من الناس على مستوى العالم بالخوف من الفوات. هذه النسبة أكبر لدى جيل الألفية، إذ تصل نحو 70%.
- يشتري 60% من الناس منتجات خلال 24 ساعة بسبب الشعور بالخوف من الفوات.
- يخشى 56% من الناس من أن يفوتهم حدث أو خبر أو تحديث مهم إن لم يدخلوا باستمرار إلى الشبكات الاجتماعية.
تقنيات وأمثلة على استخدام الخوف من الفوات في التسويق
1. أظهر للمشترين أنّ الناس يشترون المنتج
إحدى أكثر مقاربات التسويق بالخوف من الفوات فعالية هو أن تظهر للمشترين أنّ الناس يقبلون على المنتج. سيكون هذا بمثابة دليل اجتماعي قوي على أنّ الناس يحبون المنتج، وهذا سيؤدي إلى تفعيل الخوف من الفوات لدى الكثيرين لأنّ الناس يريدون أن يندمجوا ولا ينعزلوا عمن حولهم. في الحقيقة، الخوف من الفوات يمكن أن يجعل الناس يشعرون بالعزلة، فهو يلعب على وتر حساس.
تشير الإحصاءات إلى أنّ 36% من جيل الألفية يخشون من أن يكونوا معزولين عن محيطهم، ونحو 23% يخشون من أن ينظر الناس إليهم نظرة سلبية. لهذا السبب تحرص المتاجر الإلكترونية على أن تضع عدد المبيعات قرب المنتجات، وتضع صور المنتجات الأكثر مبيعًا في صفحتها الرئيسية وعلى حساباتها الاجتماعية لتفعيل الخوف من الفوات لدى الناس ودفعهم نحو الشراء.
2. أفصح عن عدد المنتج المخزون
كلما كان المنتج نادرًا، زاد الطلب عليه. هذا قانون اقتصادي معروف، وهو أحد العوامل التي يمكن أن تفعّل الخوف من الفوات لدى المشترين. تحاول الكثير من الشركات والمتاجر استغلال هذا الأمر لدفع الناس إلى الشراء. نجد هذا مثلًا في شركات الطيران والمتاجر الإلكترونية وغيرها. فمن الحكمة أن تظهر مخزون المنتج في الوصف إن كنت تبيع منتجات نادرة أو عددها قليل لتُشعر الزائر بأنّ عليه أن يشتري قبل أن ينفد المخزون.
3. استخدم العدّاد التنازلي
أحد الأساليب التي يستخدمها المسوقون لتشجيع الزائر على الشراء هو خلق شعور بالاستعجال لديه عبر عرض شريط أو نافذة منبثقة أو رسالة تظهر عدّادًا تنازليًا لصلاح عرض خاص. عادة ما يشمل العرض خصومات على الأسعار أو شحنًا مجانيًا أو نسخة محدودة من منتج. العدادات لها تأثير نفسي قوي على الناس، إذ أنّه تذكير بصري لهم بأنّ العرض محدود، وأنّهم قد يفوّتون الفرصة إن لم يشتروا الآن.
مثال على عداد تنازلي لعرض مؤقت:
4. وفر عرضًا محدودًا على الشحن المجاني
لا أحد يحب دفع مصاريف الشحن، فهي مصاريف إضافية لا يستفيد منها المشتري مباشرة على خلاف السلع التي يشتريها. لهذا يحب الناس عمومًا الصفقات والقسائم التي توفر لهم شحنًا مجّانيًا. لذا لا مفاجأة في أنّ 90% من المشترين يقولون أنّ الشحن المجاني هو أحد العوامل الأساسية التي تدفعهم إلى الشراء.
يمكنك استغلال هذا الأمر عبر تقديم عرض محدود للشحن المجاني لأجل محدد، أو عند تجاوز المشتريات رقم محدد بما يتناسب مع طبيعة كل متجر. هذه الاستراتيجية يمكن أن تكون فعالة للغاية، لأنّ الناس سَيخشون تضييع فرصة الحصول على شحن مجاني إن لم يشتروا، خصوصا إن لم تكن المنتجات التي يرغبون في شرائها غالية الثمن. هذا مثال من موقع أمازون، لاحظ كيف يعرض الموقع شَحنًا مجانيًا لمن يشتري سلعWا يتجاوز سعرها 200 ريال.
5. استخدم الكوبونات المؤقتة
الجميع يحب الكوبونات لأنّها تمنحهم خصومات على الأسعار. إن أردت أن تستفيد من الكوبونات إلى أقصى حد، فاجعلها محدودة بمدة معينة أو اجعلها مقصورة على عدد محدد من المشترين. بهذه الطريقة ستُفعِّل شعور الخوف من الفوات لدى المشترين. وسيدفع ذلك الكثير منهم إلى الشراء بُغية اقتناص الفرصة والحصول على الخصم، خصوصًا إن كانت نسبة الخصم كبيرة.
6. استغل الرسائل البريدية
الرسائل البريدية وسيلة فعالة للترويج لعروض واستراتيجيات التسويق بالخوف من الفوات. استخدم الرسائل البريدية لأجل:
- إعلام المشتركين في نشرتك البريدية بأنّ هناك عرضًا محدُودًا وسينتهي خلال وقت محدد.
- توزيع كوبونات مؤقتة في الرسائل.
- تذكير المشترين بالمقتنيات الموجودة في سلة الشراء التي لم يشتروها بعد.
- إخبار المشترين بأنّك ستقدم لهم عروضًا خاصة وتعطيهم خصومات استثنائية في أعياد ميلادهم.
7. حسّن صياغة رسائلك التسويقية
طريقة كتابة الرسائل التسويقية، سواء المعروضة في شبكات التواصل الاجتماعي أو على الموقع أو على صفحة الهبوط أو في رسائل البريد الإلكتروني لها تأثير كبير على قابلية إقناع المشترين. ينبغي أن تعمل على تفعيل الخوف من الفوات في نفوس القراء وتجعلهم يشعرون بالاستعجال وأنّ عليهم الشراء في أسرع وقت.
يمكن فعل هذا عبر تعديل صياغة الرسائل، حاول استخدام جمل وعبارات من هذا القبيل:
- سارع إلى الشراء قبل نفاد الكمية
- هذه آخر فرصة لك لشراء ..
- بقيت 24 ساعة فقط على انتهاء العرض الخاص بـ ..
- .. صلاحية هذا الكوبون ستنتهي اليوم، اشتر الآن واحصل على خصم 20% على كل منتجاتنا.
- بقيت أقل من 50 تذكرة .. سارع إلى الشراء قبل النفاد
ينبغي أن تصوغ الرسائل بطريقة تجعل القارئ يشعر بأنّه أمام فرصة خاصة، وأنّه إن لم يستغلها سيندم عليها لاحقًا.
8. أظهر الدليل الاجتماعي
الدليل الاجتماعي أحد أقوى الاستراتيجيات التسويقية وأكثرها إقناعًا للمشترين، وعادة ما تكون في آخر مراحل القمع التسويقي، أي عندما يكون المشتري في مرحلة التقرير أو الشراء. ضع شهادات للعملاء الذين اشتروا منك في الصفحة الرئيسية أو في صفحة الهبوط أو في صفحة المنتج وعلى حساباتك الاجتماعية. خاصة لو اشترى منتجاتك أحد الأشخاص المشهورين، وإذا تحدثت صحيفة أو مُؤثر أو حساب مشهور عنها، فاحرص على أن يعرف الناس ذلك.
انشُر مقتطفات من تلك الآراء والتعليقات على الصفحة الرئيسية في موقعك الإلكتروني وعلى حساباتك الاجتماعية. وإن كان لك عملاء مشهورون من شركات ومؤسسات، فضع أيقُوناتهم في الصفحة الرئيسية. هذا الأمر سيكون دليلًا على أنّك تبيع منتجات ذات جودة عالية، فما دامت تلك الشركات والمؤسسات الكبيرة قد اشترت منك وأحبت منتجاتك، فالأحرى أن يحبها المشترون العاديون.
كانت هذه 8 تقنيات وأساليب تُستخدم في التسويق عبر الخوف من الفوات، فإذا عرفت كيف تستغلها وتستخدمها فيمكن أن تسرّع مبيعاتك وتزيد فعالية حملاتك التسويقية. أخبرنا في التعليقات أي تقنية من الأساليب السابقة تستخدمها في مبيعاتك؟
تم النشر في: نوفمبر 2020
تحت تصنيف: التسويق الرقمي | التسويق الإلكتروني