
تخيل لو عدت بالزمن بضع سنوات إلى الوراء، عندما كان تحسين محركات البحث يعتمد على الكلمات المفتاحية وبعض الحيل التقنية التي تضمن تصدّر الصفحات الأولى. حينها، كان يسهل تحقيق نتائج سريعة.
المشهد اليوم تغيّر تمامًا، فمع التحديثات المتسارعة على محركات البحث، أصبح الحفاظ على موقعك في النتائج الأولى أكثر تعقيدًا. فما أبرز هذه التغييرات؟ وكيف يمكنك التكيّف لحماية موقعك من التراجع؟
كيف تعمل محركات البحث حاليًا؟
أصبحت محركات البحث اليوم أكثر ذكاءً وتركيزًا على فهم نية المستخدم وسياق البحث، بدلًا من الاعتماد على تطابق الكلمات المفتاحية. كما أنها لم تعد تكتفي بعرض الروابط التقليدية، بل تعتمد بشكلٍ متزايد على الذكاء التوليدي Generative AI.
على سبيل المثال، تستخدم جوجل AI Overview لتقديم إجاباتٍ مباشرة مستمدة من المحتوى الأكثر قيمة وارتباطًا بنية المستخدم، وتُظهرها في مقتطف مميز Featured snippet مع بيان مصادر المعلومات. وهي ميزة متاحة حاليًا لعمليات البحث بعدة لغات، وتتوسع تدريجيًا لتشمل لغاتٍ أخرى.
هذا التوجه لا نجده في جوجل فقط، إذ تتبنى محركات بحث أخرى مثل Bing البحث التوليدي بطرقٍ مختلفة. يعني أن الاعتماد على قواعد السيو التقليدية لم يعد كافيًا، بل عليه أن يكون مؤهلًا للظهور ضمن هذه الملخصات الذكية، والوصول لجمهورٍ أوسع. فكيف تحقق ذلك؟
4 نصائح للتكيف مع تغييرات محركات البحث
تؤثر هذه التحديثات على المواقع التي تعتمد على محركات البحث لجذب الزوار. لذا ينبغي أن نفهم بالبداية، ما الذي لم يعد يجدي نفعًا؟
- حشو الكلمات المفتاحية في المحتوى وتكراره بشكل مبالغ، فلم يعد عاملًا فاعلًا في تحسين ترتيب الصفحة كما في السابق.
- المحتوى غير المتجدد، فالمدونات التي تعتمد على مقالات طويلة دون تحديثٍ مستمر للمحتوى تراجعت، بينما التي تقدم محتوى مواكبًا بمقارنات تفاعلية وتوصيات يمكنها الحفاظ على مكانتها.
- الروابط الخلفية العشوائية، فلم يعد إنشاء روابط من أي موقع يكفي لتعزيز التصنيف، والمواقع التي تعتمد على روابط خلفية غير متخصصة فقدت ترتيبها أمام أخرى تقدم محتوى أكثر إثراءً وتجربة مستخدم متكاملة.
الآن، إليك أهم التوصيات التي يبنغي مراعاتها بعناية للتكيف مع طريقة عمل محركات البحث الحالية:
1. لا تجعل التغييرات تنسيك الأساسيات
مع كل تحديث جديد، يقع البعض في فخ التكيف المفرط، متجاهلين الركائز الأساسية لتحسين محركات البحث. التي ينبغي أن تكون متواجدة بغض النظر عن أي تغييرات جديدة، وهي:
- ضمان تجربة مستخدم احترافية في سرعة الموقع وتجاوبه، وخلوه من أي مشكلات تقنية.
- استخدام البيانات المنظمة Structured Data لمساعدة محركات البحث على فهم المحتوى.
- إنشاء خريطة الموقع Sitemap لمساعدة محركات البحث على فهرسة المحتوى والوصول إليه.
- إضافة روابط خلفية قوية، وإنشاء تدوينات ضيف في مواقع موثوقة وذات صلة بمجال موقعك.
- ضبط ملف robots.txt لتوجيه محركات البحث حول الصفحات التي يجب الزحف إليها أو تجاهلها.
- تحسين تنسيق الصفحات وضبط وصف كل صفحة Meta Description والنصوص البديلة للصور.
- تهيئة موقعك للعملاء المحليين باستخدام السيو المحلي، بإضافة الموقع إلى خرائط جوجل وتحسين ظهوره للمستخدمين في منطقتك.
لذا قبل إجراء أي تغييرات، افحص موقعك جيدًا وتأكد أنه يراعي هذه العوامل. ستحتاج إلى الاستعانة بخدمات مختصي تحسين محركات البحث لضمان تحليل موقعك بعمق وضبط الأساسيات بالشكل الأمثل، وتجنُب أي مشكلات غير ظاهرة في فهرسة الموقع أو بطء التحميل.
2. ضع المستخدم أولًا
تحدد محركات البحث ملاءمة المحتوى وترتيبه في النتائج تبعًا لاحتياجات المستخدم المفهومة من سياق بحثه. لذا عند كتابة أي محتوى، فكر أولًا بنية المستخدم: هل يريد معلومة سريعة أم شرحًا تفصيليًا؟ فإذا تضمن بحث المستخدم كلمة “أفضل” مثلًا، غالبًا يريد مقارنة بين عدة خيارات.
وهكذا، ركز على المعنى والسياق بدلًا من حشو الكلمات المفتاحية، واستخدم المرادفات والإجابات المنظمة لمساعدة محركات البحث على فهم محتواك.
ما يهم أيضًا أن محركات البحث مثل جوجل تعتمد مبدأ E-E-A-T لفحص جودة المحتوى ومدى استحقاقه للظهور في نتائج البحث، وهو:
- التجربة Experience: هل الكاتب لديه تجربة عملية حقيقية في الموضوع؟
- الخبرة Expertise: هل الكاتب متخصص في المجال؟
- المصداقية Authoritativeness: هل الموقع أو الكاتب معترف به كمصدر موثوق في هذا المجال؟
- الثقة Trustworthiness: هل المحتوى دقيق وشفاف ويعتمد على مصادر معروفة؟
احرص على كتابة محتوى يراعي هذه العوامل بالاستعانة بكاتب متخصص، فمقالة طبية كتبها طبيب أفضل من أخرى طويلة كتبها شخص غير متخصص، حتى لو كانت 3000 كلمة.
3. لا تعتمد على محركات البحث فقط
مع التغييرات السريعة التي تحدث وعدم استقرار استراتيجيات محركات البحث، لم يعد التعويل عليها وحدها في الوصول إلى العملاء أمرًا فاعلًا. بل ينبغي دمج استراتيجيتك التسويقية بقنوات أخرى كالمجتمعات، والشبكات الاجتماعية، والتعاون مع المؤثرين في مجالك.
يمكنك الاستفادة من تدوير محتواك إلى فيديوهات قصيرة تنشرها على يوتيوب وتيك توك، وعمل تصميمات انفوجرافيك ضمن الموقع والحملات التسويقية على إنستقرام وفيسبوك، وأي منصة تناسب طبيعة مشروعك، مما يزيد الوصول إلى المحتوى والرسائل التي تحاول ترسيخها في ذهن جمهورك، ويعزز التفاعل معها.
4. التكيف بدلًا من مقاومة التغيير
إذا كان هناك درسٌ واحد يجب تعلمه من كل تحديثات محركات البحث، أن التغيير هو القاعدة وليس الاستثناء. الكثير من المواقع التي انهارت لم تكن بالضرورة تقدم محتوى سيئًا، لكنها ببساطة رفضت التكيف مع متطلبات السوق المتجددة. إليك بعض الأمثلة على تكيّف المواقع حسب مجالاتها:
- المواقع التعليمية: استخدام المحتوى التفاعلي مثل الاختبارات القصيرة والفيديوهات التوضيحية.
- المدونات: التركيز على الموثوقية وتخصصية الكاتب بهدف نقل خبرة حقيقية، بدلًا من محتوى يعتمد على مصادر أخرى ربما لا تكون موثوقة.
- المتاجر الإلكترونية: عدم الاكتفاء بوصف المنتجات، بل إضافة مراجعات المستخدمين ومقاطع فيديو توضيحية لكل منتج. ونشر المحتوى الذي ينشئه المستخدم UGC على الشبكات الاجتماعية.
أخيرًا، التحديثات الأخيرة في محركات البحث لم تأتِ لإلغاء الوصول إلى المواقع أو القضاء على المحتوى، بل لإعادة تشكيل المشهد الرقمي، بحيث يكون الأكثر إفادة وتخصصًا هو الذي يحقق النجاح. لذا ابدأ بإعادة هيكلة صفحات موقعك والمحتوى الذي تقدمه بناءً على الجودة أولًا، واجعل موقعك جاهزًا لعصر السيو الجديد.
تم النشر في: مارس 2025
تحت تصنيف: التسويق الرقمي | تحسين محركات البحث