كيف تنتج أكثر وتتجنب التسويف؟

يعد التسويف وإضاعة الوقت من أكبر المشكلات التي تواجه البشر على حد سواء، بغض النظر عن ثقافاتهم. إذ يقع الكثير في شراك التسويف دون أن يكونوا قاصدين ذلك في المرتبة الأولى. لكن يلجأ بعضنا أحيانًا للتسويف المتعمد وذلك هربًا من مواجهة المهام التي أخذت تتراكم شيئًا فشيئًا. إذ يرتبط التسويف وقلة الإنتاجية بشكل رئيسي بسوء تنظيم الوقت وإدارته.

ولربما من أكثر الفئات تضررًا من التسويف؛ رواد منصات العمل الحر كالمستقلين على منصة مستقل. لأنه على رغم كون مجالات العمل الحر مريحة نسبيًا، إلا إن غياب بيئة العمل الصارمة فيها قد يدفع الأفراد أحيانًا إلى المماطلة والتسويف والتأجيل في تسليم المشاريع الموكلة إليهم حتى تتراكم المهام ويصبح من الصعب إتمامها. إلى أن ينتهي الأمر بتضررهم وفقدانهم لثقة العملاء.

واليوم في عصر يعد فيه الوقت سلعة تضاهي الذهب بالثمن، اصبح تنظيم الوقت هاجسًا عند الجميع، إذ لا يقف أحيانًا بين نجاح المرء وفشله سوى قدرته على تنظيم وقته بطريقة فعالة ذات نتائج مجدية أكثر. وفي مقالنا هذا سنتناول أهم الأفكار والنصائح التي تساعد على النجاح في تجاوز الوقوع في فخ التسويف والقدرة على تنظيم الوقت بشكل فعّال.

أولًا: نظّم وقتك بدقة

تنظيم الوقت يجعلك على اطلاع بجدول مواعيدك وأوقات فراغك وبالتالي تكون قادرًا على اتخاذ القرارات الصحيحة مما يحول بينك وبين الحاجة إلى التسويف المتعمد. إذ ينجر الكثيرون إلى التسويف ظنًّا منهم أنهم يمتلكون بحبوحة من الوقت أمامهم بينما الواقع عكس ذلك، إلى أن ينتهي بهم المطاف في مشكلة حقيقية بسبب تراكم المهام.

ثانيًا: تجنب خلق الأعذار لتبرير التسويف

قد تضطر أحيانًا إلى تأجيل مهمة أو اثنتين إلى وقت لاحق، إما لسبب ما قد حصل أو لانشغالك بأعمال أخرى. هذا أمر طبيعي. لكن الانجرار وراء التسويف المدفوع بالمبررات والأعذار هو أمر يفتك بقدرتك على تنظيم الوقت وإنجاز المهام في نهاية المطاف. وستجد نفسك محاصرًا بين كوام المهام العالقة من جهة وجبل الأعذار والمبررات لعدم أداء العمل من جهة أخرى، الأمر الذي سينعكس سلبًا على ثقتك بنفسك وإنتاجيتك دون أن تشعر.

وسيتوجب عليك أن تتصرف بعقلانية وحيادية إزاء السبب الذي تنوي أن تؤجل عملك من أجله و ألا تسمح لنفسك بالإكثار والانجرار وراء الأعذار تحت أي ظرف كان.

ثالثًا: تحدث عن الأمر الذي تود إنجازه أمام الناس

عندما تتحدث عن مهمة ما ستقوم بها أمام الأخرين ستشعر بأنك ملزم نوعًا بشكل أكبر بالقيام المهمة. إذ لا أحد يرغب أن يشعر بالخجل أنه ماطل وسوّف العمل إلى أن تراكم عليه ولم يستطع إنجازه، وتعد هذه الخطوة محفزٌ للرغبة في إثبات الذات والحصول على المكانة الاجتماعية أمام الآخرين.

رابعًا: قسم المهام، فلا تبدأ بها دفعةً واحدة

إذا أردت أن تتخلص من المهام العالقة أو المتراكمة، فإنه لمن الحكمة أن لا تبدأها كلها دفعةً واحدة. إذ يتوجب عليك أن ترتيبها المهام وفقًا لتاريخ تسليمها أو لأهميتها بالنسبة لك، ثم تبدأ بإنجازها تدريجيًا. هذا الأمر سيشعرك بالطاقة والحماس بعد الانتهاء من كل مهمة على حدة، الأمر الذي يحقق منفعة حقيقية وملموسة ويدفع للاستمرار في الإنجاز والعمل بشكل متتابع.

هذه الخطوة تساعد على تخفيف الشعور بالضغط النفسي والتوتر إزاء البطء في إنجاز المهام وبالتالي انخفاض الإنتاجية وخروج الأمور عن السيطرة في نهاية المطاف.

خامسًا: كن واقعيًا

جميعنا نرى أننا الأفضل، وإن لم نكن كذلك فإننا نؤمن أننا على الطريق الصحيح وسنصل للأفضل لأننا بنظرنا نستحق. حسنًا نحن لا نطلب منك أن تصاب بإحباط، إنما فقط أن تكون واقعيًا فيما يخص تقييم قدراتك الشخصية قبيل الانخراط بمجال ما. إذ يعد التقييم الموضوعي للقدرات في إنجاز مشروع ما أحد أكثر العوامل المساعدة على اختيار التوقيت والموارد المناسبة للمشروع بعيدًا عن الاندفاع.

سادسًا: دوّن مهامك وإنجازاتك اليومية

استخدام مفكرة كمرافق دائم لك تدون فيها مهامك اليومية يساعدك في الحد من إضاعة الوقت وتنظيمه بشكل فعّال. وفي نهاية كل يوم يمكنك كتابة ما أنجزته خلال اليوم من مهام وتحديد ما لم تنجزه بعد. تعد هذه الخطوة فعّالة في تشجيعك على المثابرة على أداء مهامك اليومية. غضافة إلى ذلك، يحميك التدوين مستقبلًا من الكسل الذي سينتهي بك إلى التسويف وتأجيل المهام وتراكمها.

سابعًا: أوجد بدائل لما قد يطرأ على سير العمل

يمكن في أثناء قيامك بمهمة ما أن تصادفك مشكلة غير متوقعة أو حالة طارئة تستوجب منك ردًا فوريًا، الأمر الذي سيعطل برنامجك اليومي ومخططك بشكل كامل وبالتالي اللجوء إلى التسويف والتأخر. يجب عليك حينئذٍ -لكي تتفادى المخاطرة في التعرض لموقف طارئ- أن تسلح نفسك بخطة بديلة يمكنك اللجوء إليها في حال احتجت ذلك، كطلب المساعدة من صديق أو التواصل مع رب العمل أو صاحب المشروع بالتأخير الذي سوف ينجم وطلب وقت إضافي.

هذه العملية  مفيدة للغاية في حال كنت منخرطًا في مجال العمل الحر بشكل كبير ولا يمكنك تعويض التأخر الذي سوف ينجم لديك.

ثامنًا: اتبع مبدأ المكافأة مع نفسك

اتباع مبدأ المكافأة من أجل تحفيز النفس للقيام بالأعمال يعد حقيقةً من أنجع الطرق المتبعة في إنجاز المهام اليومية. هذه الوسيلة تفيد للغاية في زيادة تركيز المرء على الإنجاز وعدم الانجرار للتسويف، فأنت ستفعل ما تشاء لكن بعد إنهاء هذه المهمة وتلك. هذه الاستراتيجية سوف تضمن لك أقل شعور ممكن بالملل في أثناء العمل. لأنك ستبقى في حالة من الحماس لإنجاز المهمة والانصراف إلى أشياء تحبها كمكافأة لنفسك.

تاسعًا: كن على قدر المسؤولية

رغم أن تبعات وعواقب التسويف ستؤثر عليك في المقام الأول. فإذا كنت منخرطًا في مجال العمل الحر عن بعد، فأنت لست المتضرر الوحيد من قرارك غير الصائب بأخذ راحة أو اثنتين في أثناء عملك. إذ هناك عميل قد وثق بك بالقدر الكافي حتى يأتمنك على مشروعه بانتظار أن تنهي المشروع لأجله، وتأخرك قد يؤثر عليه سلبًا بشكل أكبر من المتوقع.

بدون ذكر أن تأخرك في إنجاز أي عمل يعني التأثير على حظوظك مستقبلًا في استلام مشاريع جديدة. إذ إنك هنا لا تخاطر بوقتك وحسب، بل تخاطر بسمعتك. فمهما كانت جودة أعمالك استثنائية، لن يرغب أحد في التعامل مع شخص قليل الالتزام يميل إلى التسويف وإضاعة الوقت على العميل.

عاشرًا: انضم إلى منتديات العمل الحر الخاصة بمجالك

انضمامك إلى مجتمعات تزخر بأفراد يقومون بأعمال مشابهة ويسعون للوصول للأفضل حتما ستزرع فيك روح المنافسة، والعزيمة على إنجاز مهامك. فعلى رغم عدم وجود بيئة عمل مكتبية تقليدية اعتدنا عليها دائمًا في منصات العمل الحر كمنصة مستقل أو خمسات مثلًا، إلا إنها تسعى إلى تعويض ذلك بفعالية عن طريق خلق بيئة تشجيعية للمستقلين ألا وهي المنتديات.

 فيستطيع المستخدم في منصة مستقل أن ينخرط في منتديات حسوب التي تشمل عددًا هائلًا من الأقسام المختلفة التي تغطي معظم جوانب العمل الحر. الأمر الذي يساعد الأفراد على تبادل الخبرات في حل المشكلات التي تواجههم في أثناء العمل، والأهم من ذلك هو دفعهم للابتعاد عن التسويف والاستسلام للملل لئلا يخسر إنتاجيتهم مستقبلًا.

بهذا نكون تناولنا أهم الأفكار التي تساعد على حل معضلة التسويف، وسوء تنظيم الوقت. فجلَّ ما يتطلبه الأمر هو القليل من العزيمة والإصرار والكثير من الالتزام. لا تكن قاسيًا على نفسك فكل شيء يحتاج وقتًا ليُتقن ولتستطيع احترافه. كذلك هي إدارة الوقت والقدرة على مكافحة التسويف. إذ محاولتك لوحدها تعد نجاحًا يستحق الثناء وفي نهاية الأمر ستصل لما تتوق إليه.

تم النشر في: تطوير المهارات